بيان الكنيسة يفجّر صراع "فيلم الراهب"
"أبا نفر السائح".. سجال "كنسي- فني" على سيرة القديس – القصة الكاملة
في إحدى الليال تسلل الراهب في سكون دون أن يشعر به أحد، حمل رغيف خبز واحد، وقليلًا من الخضروات، تكفيه لمدة أربعة أيام، وانطلق نحو الجنوب وسط الجبال التي تفصل بين الصعيد الأسفل، والواحات... وكان يصلي في الطريق طالبًا مشورة الله.
توغل في الصحراء، رأى فجأة نورًا ساطعًا، ومن بعده ملاكًا يقول له: "أنا ملاكك الحارس، لم أتركك مذ كنت في المهد، فلا تقلق بل تقدم إلى الأمام دائمًا فستبلغ الموضع الذي أعده الله لك".
رافقه الملاك حتى بلغا مغارة، واختفى، فقرع -أبو نفر- الباب قائلًا: "باركني؟؟"، فظهر له رجل طويل القامة مهوب، ركع أمامه الشاب أبو نفر، وقبّل قدميه، أقامه الشيخ المتوحد من يده، وقال: "يا أبا نوفر، أنت أخي في الرب. ادخل استرح بضعة أيام، ثم تتبع المسيرة التي أوحى لك بها الله"-هكذا يعرف الرجل في سير القديسين.
لم يكن أبو نفر السائح-بطل صراع الإنتاج الفني الكنسي-راهبًا عاديًا، حيث اعتلى قمة درجات الحياة الرهبانية، التي بدأها "راهب"-يقيم في قلاية(غرفة ضيقة)-، ثم"متوحد"-يقيم في مغارة-، وانتهاءً بـ"سائح"-يهيم في الصحراء.
بداية القصة
مساء الإثنين الماضي، أصدر دير الأمير تادرس بحارة الروم بمصر القديمة، بيانًا كنسيًا، يشير إلى مراجعة الأنبا مارتيروس مسئول المصنفات الفنية بالكنيسة لسيناريو فيلم يجسد حياة الراهب السائح، ويخلي مسئوليته من أية أعمال فنية أخرى تتناول سيرة القديس.
علاقة –أبي نفر السائح-أو(الأنبا نوفير)-بـ"دير الأمير تادرس للراهبات"-حسبما جاء على لسان القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة، تأتي في إقامته لفترة في نطاقه، ووجود بئر تحمل اسمه، إلى جانب جزء من "الرفات المقدسة".
وقال حليم لـ"مصر العربية": إن القديس السائح يعد شفيعًا للدير-وفقًا للمعتقد المسيحي-، لافتًا إلى أن ثمة معجزات شفاء تجري بسبب ماء البئر المقدسة.
قصة اكتشاف البئر-بحسب كتاب (قاموس آباء الكنيسة-للقمص تادرس يعقوب ملطي)-تعود إلى ظهور القديس أبي نفر السائح لإحدى رئيسات الدير منذ مائتي عام، في صورة رجل طويل القامة، يغطي شعر لحيته جسده بالكامل.
في ظهوره الثالث قال لها: ( أنا أبونفر السائح، وقد عشت هنا في هذا المكان فترة من حياتي، و كانت فيه بئر ماء أشرب من مياهها،" ثم حدد لها مكان البئر بالدير، وأخبرها أنه بمجرد الحفر ستجد المياه، التي ستكون فيما بعد سبب بركة، وشفاء لكل من يشرب منها بإيمان".
يقول القمص تادرس في كتابه: إنه بالبحث عن صحة تاريخ هذه الرؤيا عثر أثناء ترميم، و تجديد مزار القديس أبي نفر السائح عام 1988 على أيقونة أثرية صغيرة بجوار البئر غير واضحة الملامح، و بعد تنظيفها ظهرت بوضوح صورة القديس مذيلة بعبارة (اذكر يارب عبدتك المهتمة الأم مارينا رئيسة دير الأمير تادرس بحارة الروم
1489 ش-1772م ).
السجال الفني على سيرة الراهب
السجال الفني بشأن فيلم القديس"أبي نفر السائح"، تصاعد على خلفية بيان دير الأمير تادرس، حيث تضمن البيان إلى جانب أسماء منفذي الفيلم (أسامة فوزي-سيناريو وحوار، بطولة إيهاب صبحي، وإخراج جوزيف نبيل)، عدم مسؤولية الدير عن أي فيلم آخر لم يراجعه، ولم يشرف عليه.
بنفس اسم العمل عن سيرة الراهب، يستعد المخرج أسامة رؤوف لوضع اللمسات الأخيرة على فيلمه (أبي نفر السائح)، لافتًا إلى أن العرض الخاص سيكون خلال أسبوعين على الأكثر.
وقال: إن بيان دير الأمير تادرس، لا يحمل توقيعًا واضحًا، مشيرًا إلى أن فيلمه من إنتاج دير "الأنبا كاراس والآباء السواح".
وأضاف لـ"مصر العربية"، أن تضمين البيان عدم مسؤولية الدير عن أية أفلام أخرى، يعني مسئوليته عن فيلمه فقط، معرّجًا على أن فيلمه إنتاج كنسي، وربما لم يصل ذلك لدير الأمير تادرس.
مخرج فيلم القديس السائح، أشار إلى أن الأديرة مسئولة عن المراجعة الروحية، والتاريخية، للنصوص، حيال كونها تمس أحد الرهبان، واستطرد قائلًا:" ربما يكون البيان ناتج عن قلقهم من أشخاص بعينهم".
موقف الكنيسة
من جانبه قال القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة، إن دير الأنبا كاراس لم يعرض على الكنيسة خطابًا يفيد بـ"إنتاج" فيلم عن القديس الراحل.
وأضاف في تصريح لـ"مصر العربية"، أن دير الأمير تادرس تعاقد مع المخرج، بعد موافقة مسئولي المصنفات الفنية بالكنيسة على الفيلم.
يشار إلى أن دير الأمير تادرس أصدر بيانًا عن فيلم القديس "أبي نفر السائح"، مساء الإثنين الماضي، نافيًا مسئوليته عن إنتاج أفلام أخرى تجسد سيرة القديس الراهب.