بعد مبادرة التوقف عن شراء السلع
من موقع المسئول لدور المجتمع المدني.. "حماية المستهلك" يتناسى مهامه
"يوم من غير شراء"، هذا هو اسم المبادرة التي أطلقها جهاز حماية المستهلك من أجل مواجهة غلاء الأسعار، وتلاعب التجار، والتي حددها في الأول من ديسمبر المقبل، بدعوى تعظيم دور المستهلك، وإعادة التوازن بينه وبين التجار، كما وصفها الجهاز.
الجهاز، والذي أعلن رئيسه اللواء عاطف يعقوب أن المبادرة صدرت منه كمواطنا وليس بصفته مسئولا حكوميا؛ يهدف في الأساس إلى حماية المستهلك وصون مصالحه وفقا للقانون رقم 67 لسنة 2006، والذي ألزم الجهاز بالقيام بوضع الخطط والبرامج العامة لحماية حقوق المستهلك، والتنسيق مع جميع أجهزة الدولة لتطبيق أحكام هذا القانون، لم ترى ترحيبا من عدد من الخبراء الاقتصاديين، والذين عبروا عن عدم جدوى هذه المبادرة كونها غير منطقة.
الخبراء أكدوا في تصريحاته لـ"مصر العربية" أنه كان من الأولى أن يقوم الجهاز بالتنسيق مع جميع أجهزة الدولة وفقا لقانون إنشاؤه، لحماية حقوق المستهلك، مشيرين إلى أن مثل هذه المبادرات دائما ما تخرج عن المجتمع المدني وليس مسئولا في الحكومة.
الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، عبر عن ارتياحه لتلك المبادرة من أجل مواجهة ارتفاع الأسعار، غير أنه في الوقت ذاته استغرب من كونها تخرج عن مسئول بجهاز حماية المستهلك، مؤكدًا أن مثل هذه المبادرات خرجت لأول مرة عن الرئيس محمد أنور السادات – أثناء حكمه – بدعوته بمقاطعة شراء اللحوم لمدة شهر، ما نتج عنه تحسن في الأسعار.
وأوضح أن مثل هذه المبادرات تكون بمثابة الإنذار للتجار المحتكرين للسلع، خاصة إذا استجاب لها قطاع عريض من المواطنين في أماكن جغرافية متنوعة على نطاق الجمهورية، وليس لمجموعة أو حي أو منطقة دون الأخرى لتجني ثمارها مع تكرارها، مدللا بتجربة أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي بفرض حظر اقتصادي على السودان وبعض الدول.
وأشار إلى أن الدور المنوط للجهاز في النظر إلى شكاوى المواطنين حول السلع وجودتها وأسعارها، وحماية جمهور المستهلك من أي عمليات نصب أو غش تجاري للسلع.
فيما انتقد الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، المبادرة كونها صادرة عن مسئول حكومي، مؤكدًا في الوقت نفسه أن مثل هذه المبادرات غالبا ما تخرج عن المجتمع المدني، وذلك لأنه لا ينبغى أن تأخذ الدولة أو المسئولين موقفا ضد عملية استهلاك السلع لأنها الركيزة التي يعتمد عليها أي نهوض اقتصادي، مؤكدًا أن صدورها من مسئول حكومي يعد خطأ كبيرًا.
وأضاف الدسوقي في تصريحاته لـ"مصر العربية" أن هذه المباردة تعني الامتناع عن شراء جميع السلع، وليس لسلعة محددة يحتكرها منتج واحد أو تاجر واحد، بالإضافة إلى أنه الممكن أن تكون هناك سلعة سعرها مناسب من ناحية القيمة الشرائية لها أو سعرها رخيص، وهو ما ينتج عنه موقف سلبي تجاه بائعها أو منتجها، وبالتالي لن يكون لها أي دور على الأرض فضلا عن صعوبة تحقيقها.
وأوضح رئيس قسم الاقتصاد أن جهاز حماية المستهلك ليس له أي دور رقابي في السوق أو سلطة في التدخل في أسعار السلع، لأن هذا الدور المنوط به هو جهاز المنافسة وحماية الاحتكار، مؤكدًا أن دور الجهاز يتحدد في منع الغش التجاري ومنع المنتجات الضارة بالصحة من عرضها في السوق، وتسليط الضوء على المنتجات غير المطابقة للمواصفات القياسية.
واتفق معه الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، حول الدور الذي يقوم به جهاز حماية المستهلك، متسائلا عن دور الجهاز في حماية المستهلك من الأغذية الفاسدة المنتشرة في الأسواق، مؤكدًا أهمية وجود حلول واقعية لمواجهة ارتفاع أسعار السلع، يمكن من خلالها توفير أسعار مناسبة بجودة عالية وصلاحية.
واستغرب "النحاس" من تحديد الأول من ديسمبر للمبادرة التي أطلقها الجهاز، مؤكدًا أنه نفس الموعد المحدد لتقليل حجم المنتفعين من البطاقة التموينية، مشيرًا إلى أن المبادرة لن تقوم بأي دور تجاه ارتفاع أسعار السلع، لأن السوف به حالة من ارتفاع الأسعار الجماعية، بسبب ما اسماه بوجود أخطاء في سياسة التعامل مع هذا الملف.
وطالب الخبير الاقتصادي بحل جهاز حماية المستهلك بدعوى أن تكلفته على موازنة الدولة أكبر من الدور الذي يقوم به تجاه المواطن لحمايته من جميع أنواع الغش التجاري وغيره.