50 % انخفاضا في المبيعات
الأزمة الأعنف.. "التهريب والتكاليف" يدفعان "الملابس الجاهزة" إلى الركود
أزمة جديدة تواجة الصناعة الوطنية للملابس الجاهزة بسبب ارتفاع سعر الدولار إثر قرار التعويم، بالإضافة إلى عمليات تهريب البضائع في ظل قرار تنظيم الاستيراد والتي تصل قيمتها إلى 100 مليار جنيه بعد التعويم، فضلا عن تراجع مبيعات الصناعة لتسجل 50 % انخفاضًا بسبب حالة الركود التي تسبب فيها ارتفاع التكاليف لحوالي 70%، إلى الحد الذي وصفه بعض القائمين على الصناعة بأن هذه الأزمة هي الأعنف في تاريخ الصناعة.
عدد من الصناع والمهتمين، قالوا أن التهريب لايزال يمثل صداعا في رأس الصناعة، كاشفين عن أن قرار تنظيم الاستيراد رغم أنه نجح في الحد من الاستيراد العشوائي وتقليل الواردات المنافسة، إلا أنه ساهم في زيادة ملحوظة في ظاهرة التهريب.
وأضافوا أن ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع سعر الدولار مشكلة جديدة تأتي لتضيف همًا جديدًا لهموم الصناعة المحلية للمنسوجات، كاشفين عن أن تكاليف الإنتاج ارتفعت لمستويات قياسية حيث بلغت 70% هذا العام، وذلك بفعل الاعتماد على الاستيراد في توفير غالبية الخامات ومستلزمات الإنتاج، الأمر الذي نتج عنه ركود في أسواق الملابس الجاهزة، ليخنقها داخل أزمة يمكن وصفها بأنها الأعف في تاريخ الصناعة المحلية.
النائب محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات وعضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، قال إن التهريب في قطاع الصناعات النسجية لا يزال جاريًا، نافيًا أن يكون قرار تنظييم الاستيراد الذي صدر مطلع العام الجاري ساهم في الحد من ظاهرة التهريب.
وأوضح المرشدي في تصريح خاص لـ"مصر العربية" أن قرار التنظيم نجح في القضاء على ظاهرة الاستيراد العشوائي وزيادة الواردات النسجية المنافسة للمنتج المحلي، غير أنه لم يفلح في القضاء على التهريب بل على العكس ساهم في زيادة تلك الظاهرة بسبب صعوبة الاستيراد.
وأضاف أن استمرار ظاهرة التهريب في قطاع المنسوجات يعود في المقام الأول لتقاعس الدول عن اتخاذ إجراءات جادة فعالة لمواجهة التهريب، مؤكدًا أنه رغم انتشار ظاهرة التهريب وامتدادها لسنوات طويلة ماضية؛ إلا أن الحكومة رغم كل ذلك لم تتخذ قرارًا جادًا لمواجهة هذه الظاهرة.
وكشف المرشدي عن أن قيمة البضائع المهربة في مختلف القطاعات الصناعية بحسب إحصاء لجنة الضرائب باتحاد الصناعات عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء لعام 2014، يقدر بما يوازي 100 مليار جنيه، وأن 50% من هذه البضائع ملابس جاهزة وأقشمة، ما يعني أن قيمة البضائع المهربة في قطاع المنسوجات يقدر بـ 50 مليار جنيه عام 2014، ما يوازي حاليا بعد تعويم الجنيه أكثر من 100 مليار جنيه.
وتابع رئيس غرفة الصناعات النسيجية أن من أهم المشكلات التي تؤرق صناعة المنسوجات أيضا ما طرأ مؤخرا من ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع سعر الدولار، مؤكدًا أن ارتفاع التكاليف ينعكس مباشرة على أسعار البيع للمستهلك، نظرا لصعوبة تحملها من قبل المستثمر، حفاظًا على استمرارية نشاطه وعدم تكبده الخسائر.
وحول انعكاس ارتفاع تكاليف الإنتاج على ارتفاع أسعار البيع للمستهلك، قال المرشدي إن ذلك سيؤدي إلى حالة من الانكماش والركود بالأسواق، وهو ما يحدث بالفعل، إلا أن ذلك سيكون لفترة مؤقتة لحين تعافي الاقتصاد المحلي وعودة تكاليف الإنتاج لمستوياتها الطبيعية، غير أنه أكد أن البيع بخسارة أمر غير وارد بالنسبة للصناع، وأن الركود المؤقت أهون كثيرًا.
وعن دور النشاط التصديري في التخفيف من حدة الأزمة وانخفاض المبيعات بالسوق المحلي، قال إن التصدير ليس في مقدوره التخفيف من حدة الأزمة، وذلك المصانع التي توجه إنتاجها للسوق المحلي في الغالب لا تقوم في بالتصدير والعكس صحيح، ما يعني أن أزمات السوق المحلي لا يمكن للتصدير أن يعالجها.
حجم المبيعات
من جانبه، كشف يحي زنانيري، نائب رئيس الشعبة العامة للملابس الجاهزة بالاتحاد العام للغرف التجارية، عن انخفاض قدره 50% في حجم مبيعات الملابس الجاهزة خلال موسم الصيف الماضي، مواصلة الانخفاض لوتيرته خلال هذا الشتاء، بسبب الارتفاع الملحوظ في أسعار الملابس الجاهزة.
وأوضح زنانيري لـ"مصر العربية" أن أسعار الملابس الجاهزة ارتفعت بنسبة تتجاوز 30 % هذا العام، نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج بنسبة تزيد عن 70 %، مشيرًا إلى أن معظم خامات ومستلزمات الإنتاج يتم استيرادها من الخارج، كاشفًا عن أن 50% من خامات الملابس الجاهزة مستوردة.
وأضاف أن ارتفاع تكاليف الإنتاج ومن ثم صعوبة طرح المنتجات بأسعار منخفضة أو تنافسية يعد التحدي الأكبر الذي يواجه صناعة الملابس الجاهزة هذه الفترة، قائلًا: "أنه رغم انخفاض نسبي للمنتجات المستوردة بسبب قرار تنظيم الاستيرد، إلا أن المصانع المحلية لا تزال عاجزة عن الاستحواذ على كامل السوق المحلي ورفع مبيعاتها بسبب ارتفاع التكاليف".
وأكد أن الركود يسيطر على الأسواق بشكل كبير ما يعكس أزمة كساد كبيرة تتجاوز ما شهدته الأسواق من أزمات طوال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن تلك الأزمة تعد هي الأعنف في تاريخ صناعة وتجارة الملابس الجاهزة .
زيادة الصادرات
وقال محمد قاسم رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة إن التصدير هو أمل الاقتصاد المصري بوجه عام ولصناعة الملابس الجاهزة على وجه الخصوص الفترة المقبلة خاصة بعد تعويم الجنيه، مشيرًا إلى أن صادرات الملابس الجاهزة لعام 2015 بلغت 2.5 مليار دولار، وأن المجلس يسعى لمضاعفتها لتصل لنحو 5 مليارات دولار خلال 3 سنوات.
وأوضح أن تعويم الجنيه سيعمل على زيادة العائد من حصيلة الصادرات، فضلا عن أنه يرفع القدرة التنافسية أمام المنتجات المنافسة بالأسواق الخارجية ما يجعله يحد من الأثر السلبي لمشكلة ارتفاع تكاليف الإنتاج، ما يمثل حافزا كبيرا لتشجيع النشاط التصديري في هذا المجال.