في قانون التظاهر..
بعد حكم الدستورية.. لا سلطة للداخلية على التظاهر مع استمرار الحبس
بعد صراع دام ثلاثة أعوام أسدلت المحكمة الدستورية، اليوم السبت، الستار على قانون التظاهر، بحكمها بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 10 المتعلقة بسلطة وزارة الداخلية في منع التظاهرة، وسقوط نص الفقرة الثانية من المادة نفسها، ورفض الطعون على المواد 7 و8 و19 والإقرار بدستوريتهم.
فمنذ أن أصدر الرئيس السابق عدلي منصور قرارًا بقانون رقم 107 في نوفمبر 2013، المعروف بقانون التظاهر، وثارت حالة واسعة من الجدل والرفض للقانون الذي زج بمئات الشباب إلى السجون، وطالب سياسيون ومنظمات حقوقية بإلغائه بدعوى مخالفته للدستور، لما يفرضه من قيود وعقوبات على التظاهر.
وفي إطار الاحتجاج على القانون تقدم محامون وحقوقيون بطعون على 4 مواد بالقانون، علق عليه البعض الأمل بالإفراج عن المحبوسين على ذمة قانون التظاهر، بينما قضت المحكمة الدستورية، بعدم دستورية المادة 10 فقط، وهو ما يترتب عليه إسقاط سلطة وزارة الداخلية على منع التظاهرة، مع بقاء المحبوسين خلف القضبان.
طارق العوضي، أحد مقدمي الطعن على عدم دستورية قانون التظاهر، قال إن الآثر الوحيد الذي سيترتب على حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة 10 من القانون، هو إلغاء سلطة وزارة الداخلية في منع التظاهر، وسيتم الاكتفاء بتقديم إخطار للوزارة فقط دون انتظار إذن موافقة.
وتنص المادة 10 من قانون التظاهر على :"يجوز لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص فى حالة حصول جهات الأمن- وقبل بدء الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة- على معلومات جدية عن انصراف نية المنظمين أو المشاركين فيها إلى ارتكاب أى من المخالفات المنصوص عليها فى المادة السابعة أو أى جريمة أخري- منع الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة، وللمتضرر اللجوء إلى قاضى الأمور الوقتية، ويصدر القاضى أمره مسببًا على وجه السرعة".
وقالت المحكمة، في حيثيات الحكم، إنَّ الإخطار وسيلة من وسائل ممارسة الحق، وهو إنباء أو إعلام جهة الإدارة بعزم المُخطِر ممارسة الحق المُخطَر به، دون أن يتوقف هذا على موافقة جهة الإدارة أو عدم ممانعتها، وكل ما لها في تلك الحالة أن يستوثق من توافر البيانات المتطلبة قانونًا في الإخطار، وأن تقديمه تم في الموعد وللجهة المحددين في القانون.
وأضاف العوضي، لـ "مصر العربية"، أن أسباب رفض الطعن على المواد الثلاث الأخرى لم ترد كاملة، رغم العوار الدستوري الواضح في المادة 7 وما يرتبط بها في المادة 19.
وتنص المادة 7 على "يحظر على المشاركين فى الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذاؤهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو النقل البرى أو المائى أو الجوى أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة أو تعريضها للخطر.
فيما تنص المادة 19 على :"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات وبالغرامة التى لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف الحظر المنصوص عليه فى المادة السابعة من هذا القانون".
واعتبر العوضي، أن الحكم بعدم دستورية المادة 10 يعد انتصار جزئي، مشيرا إلى أنه كان يأمل الحكم بعدم دستورية المواد الـ 4، لافتا إلى أنه انتهت مرحلة النضال القانوني ليبدء مرحلة جديدة وهي النضال السياسي، بالضغط على مجلس النواب لتعديل القانون بما يتوافق مع المطالب الشعبية والسياسية والحقوقية.
صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، فسر عدم الطعن على المواد 7 و8 و19، بأن المحكممة الدستورية لا تقبل الطعن في المواد العقباية لأنها ترجع إلى السلطة التقديرية للبرلمان، والقضاء الدستوري لا يراقب السلطة التقديرية ولا ملائمة التشريع.
وأوضح فوزي، أن مجلس النواب وحده من يستطيع الفصل في المواد الثلاث، بإدخال تعديلات عليه أو إبقائهم كما هما، وذلك لأنه هو من يملك سلطة التشريع .
ولفت، إلى أنه سيترتب على عدم دستورية المادة 10 نزع القوة التنفيذية لوزارة الداخلية في منع التظاهرة، وعدم جواز منعها للمظاهرة والاكتفاء فقط بإخطارها بالمعلومات الواردة في القانون، على أن يُطبق ذلك من تاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية.
وفيما يتعلق بوضع المحبوسين على خلفية قانون التظاهر، أكد أستاذ القانون الدستوري، أن الحكم ليس له علاقة بهؤلاء المحبوسين، لأنه لم يقبل الطعن على المواد المتعلقة بالعقوبات، وبالتالي سيستمر حبسهم.
وكانت الحكومة في شهر يونيو الماضي، اتجهت إلى تعديل قانون التظاهر بعد موجة واسعة من المطالبة بإسقاطه أو تعديله، حيث صرح المستشار مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية، بأن رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، كلفه بتشكيل لجنة لدراسة القانون بصورته الحالية لوضع تصور للمواد التي تحتاج إلى تعديل.
وأوضح العجاتي أن الهدف من تعديل القانون، جعله متفقا مع الحق الدستوري للمواطنين في التظاهر السلمي، بما يدعم الحقوق والحريات التي نص عيها الدستور، ويتوازن مع النظام العام للدولة والحفاظ على مؤسساتها.
يذكر أن تطبيق القانون، أودى بنحو 600 شاب إلى السجون، بحسب تصريح سابق لحافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، آخرهم حبس 50 شخصًا لمدة عامين ومعاقبة 100 آخرين بالسجن 5 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه، قبل الإفراج عنهم لاحقا ودفعهم الكفالة، على خلفية تظاهرهم في 25 إبريل لرفضهم تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة.