فقدت 10% من قيمتها الشهر الماضي..

بعد دعوة أردوغان.. هل توقف دولارات "الوسائد" نزيف الليرة؟

كتب: أحمد طلب

فى: أخبار مصر

01:14 04 ديسمبر 2016

تعاني العملة التركية من موجة هبوط في الآونة الأخيرة زادت حدتها أمس، مع دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للأتراك بالتخلي عن العملات الأجنبية التي بحوزتهم، وذلك بعد تدهور سعر صرف الليرة وبلغ أدنى مستوى له مقابل الدولار، حيث وصل السعر إلى 3.5 ليرة لكل دولار، وخسرت بذلك 0.3% من قيمتها في 24 ساعة، بعد أن فقدت 10% من قيمتها الشهر الماضي.

 

وطالب أردوغان أمس مواطني بلاده بتحويل ما بحوزتهم من عملات أجنبية إلى ذهب أو ليرة، وقال إنه "لا خيار" آخر غير تخفيض أسعار الفائدة لتحفيز النمو، مضيفا،"يجب على من يحتفظون بالعملات الأجنبية تحت وسادتهم أن يحولوها إلى الليرة التركية أو إلى ذهب".

 

لا خيار آخر

 

تصريحات أردوغان التي أكد فيها أنه لا خيار آخر غير خفض أسعار الفائدة، لأن ذلك سيفتح الطريق أمام المستثمرين بأسعار فائدة منخفضة، لم تمنع الليرة من الهبوط إلى مستوى قياسي بلغ نحو 3.5180 ليرة للدولار.

 

الدكتور عادل حميد، الخبير الاقتصادي، واستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، قال إن دعوة أردوغان بالنظر إلى حالة الاقتصاد التركي القوى والمؤشرات الإيجابية يعد تحركا مقبولاً، موضحا أن خفض الفائدة هو المحرك الأساسي لتمويل الاستثمارات بالداخل التركى كما يمثل حافزاً للمستثمرين من حيث خفض تكلفة الإنتاج والتأهيل للمنافسة في الداخل والخارج.

 

وأكد حميد أن دعوة أردوغان للتخلي عن العملات الأجنبية، هي من قبيل التصريحات السياسية المحفزة للجماهير، موضحا أن الأمر مرتبط بالعرض والطلب وسياسة البنك المركزي التركي.

 

استجابة سريعة

 

وفي خطوة سريعة، استجابت بورصة إسطنبول، لدعوة الرئيس التركي، حيث قررت تحويل جميع أصولها النقدية إلى الليرة التركية، وقالت في بيان صادر عنها: "قررنا تحويل جميع الأصول النقدية إلى الليرة التركية اعتبارًا من 2 ديسمبر، وذلك دعمًا لنداء رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، ووضعها في حسابات الليرة".

 

من جانبه قال الدكتور أحمد ذكرالله، الخبير الاقتصادي، إن الشعب التركي لا يهمه هبوط الدولار، ما لم تتأثر الأسعار، موضحا أن ثقة الشعب في الرئيس قد يدفع صغار المدخرين للنزول بما لديهم  إلى الصرافات، ولكن هذا لن يكون له تأثير كبير.

 

وأضاف "ذكرالله" أن نداء أردوغان للشعب هدفه توليد مزيد من التعاطف الشعبي مع التحديات التي تواجهها الدولة التركية، مؤكدا أن الاقتصاد التركي اقتصاد حقيقي منتج ومصدر، موضحا أن الانهيار الكبير في قيمة  العملة سيفيد الصادرات بشدة ويجعلها تعوض خسائر السياحة.

 

تشجيع الاستثمار

 

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن خفض سعر الفائدة أداة نظرية لتشجيع الاستثمار، لكن جذب الاستثمار يتوقف على عوامل أخرى كثيرة بخلاف الفائدة، وبالتالي فعائد الخفض سيكون علي المدي المتوسط ولن يفيد الأوضاع الحالية.

 

وتطرق أردوغان إلى أن بلاده تواجه مؤامرة تستهدف الاقتصاد، قائلا:"لا تقلقوا أبدًا، فنحن نستطيع إفشال هذه المؤامرات خلال فترة وجيزة، لأن تلك الأطراف مارست الشيء ذاته في 2007 – 2008، وقلت حينها أننا سنتجاوز ذلك بأقل الخسائر واليوم أكرر ذلك مجددًا".

 

"ذكرالله" قال إن تحويل البورصة معاملاتها إلى الليرة خطوة رمزية إلى حد كبير، لكن هدفها هو جذب انتباه الجميع إلى ما تواجهه تركيا من مؤامرات، مشددا على أن التحرك التركي على المحور الروسي الصيني سيفتح آفاق  جديدة ويدعم الابتعاد عن التعاملات الدولارية مما يخفف الأزمة.

 

صراع الفائدة

 

ويرى البعض أن الأسواق قلقة من التدخلات المتكررة لأردوغان في الشؤون الاقتصادية، وهو ما انفك يدعو البنك المركزي التركي إلى خفض فوائده رغم ارتفاع نسبة التضخم أكثر من 7%.

 

ولم يستجيب المركزي لدعوات أردوغان حيث تدخل  ورفع سعر الفائدة الرئيسية خمسين نقطة الشهر الماضي بعد فترة طويلة من خفض الفائدة، إلا ان العملة لم تشهد سوى ارتفاعا طفيفا وعاودت الهبوط.

 

جدير بالذكر أن كبار المسؤولين الاقتصاديين قد اجتمعوا مساء الجمعة في إطار مجلس التنسيق الاقتصادي للمرة الثالثة في أسبوعين، حيث جاء في بيان صادر بعد الاجتماع أنه تم اتخاذ قرار باعتماد تدابير عدة لدعم الإنفاق العام والقطاع المالي والمصرفي وأسواق العقارات والعمل.

 

الاتحاد الأوروبي

 

وكان البرلمان الأوروبي قد صوت لصالح قرار يطالب المفوضية الأوروبية وحكومات ثمان وعشرين دولة هي أعضاء الاتحاد بتجميد مفاوضات انضمام تركيا مؤقتاً، بسبب الإجراءات الأمنية وحملة الاعتقالات التي اتخذتها الحكومة التركية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.

 

ويرى المحللون أن هذا الاتجاه ساعد في هبوط العملة التركية، فيما توترت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بعد سنوات من المفاوضات المتقطعة التي يرجح أن تستمر، لكن ببطء، بعد أن كانت محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد قد بدأت عام 2005، لكن تركيا لم تستكمل معايير الإنضمام للإتحاد بعد.

 

الخبير الاقتصادي، محمد عبد الحكيم، قارن بين الوضع التركي والمصري، قائلا: إن انخفاض قيمة الليرة التركية جاء مصحوبا بانخفاض فى معدلات الفائدة، بخلاف ما حدث فى مصر من رفع لمعدلات الفائدة، ولذلك أثر إيجابى على تنشيط معدلات الاستثمار سواء الداخلى أو تدفقات الاستثمار الاجنبى المباشر.

 

هبوط جديد

 

وأضاف "عبدالحكيم" أن انخفاض تكلفة المدخلات سيؤدى إلى تدعيم قدرة المنتجات التركية على المنافسة داخليا وخارجيا، وبالتالى تزداد إيرادات الدولة من العملات الأجنبية ويزداد الطلب على الليرة التركية ما سيدعم أسعارها على المدى الطويل.

 

في المقابل، ذهب الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي واستاذ الاستثمار إلى أن الليرة تمر بما يمر به مختلف العملات في الاقتصادات حول العالم، حيث تمر بما يسمى "cash crunch"، موضحا أن الحل هو مزيد من الإنتاج وقليل من الديون وحسم ملف الانضمام للاتحاد الأوروبي سريعاً.

 

ولم يستبعد مزيد من الهبوط للعملة التركية حال زيادة أسعار الفائدة الأمريكية نهاية هذا الشهر.

اعلان