بعد تأييد الإدارية العليا لمصرية الجزر
قانونيون: الحكومة تُعاقب جنائيا على اتفاقية تيران وصنافير.. والرئيس "سياسيًا"
أثار تقرير هيئة مفوضي المحكمة الإدارية العليا، الاثنين الماضي، ببطلان طعن الحكومة على حكم بطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وتأييد مصرية جزيرتي تيران وصنافير، تساؤلا حول ما إذا كانت هناك مسؤولية على متخذي قرار الاتفاقية وموقعيها ؟.
قانونيون، أكدوا هناك مساءلة جنائية على رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل ومن وقع معه من الوزراء على الاتفاقية، بتهمة التفريط في السيادة المصرية، وأخرى سياسية يتحملها الرئيس عبد الفتاح السيسي بصفته رئيس السلطة التنفيذية والمسؤول الأول عن أمن البلاد وحمايتها .
فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون والدستوري، أكد أنه إذا صدر حكم نهائي بمصرية الجزر، فسيكون توقيع الاتفاقية خطأ جسيم يرتقي للجريمة، ويتحمل مسؤوليتها رئيس الوزراء بصفته الموقع على الاتفاقية، ورئيس الجمهورية الذي فوض لاختصاصاته إلى المهندس شريف إسماعيل.
وأضاف عبد النبي، لـ "مصر العربية"، أن توقيع الاتفاقية انتهك 53 مادة من دستور 2014، من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، موضحا أن الحكومة أعطت حق لا تملكه لمن لا يستحقه، فرئيس الوزراء لا يحق له التوقيع عليها، لأن رئيس الجمهورية هو المنوط به بموجب الدستور التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات.
وألمح، إلى أنه لم يصدر قرار بتفويض من السيسي إلى رئيس الوزراء للتوقيع على الاتفاقية في الجريدة الرسمية، وبالتالي يعد التوقيع منعدما، مشيرا إلى أن الاتفاقية أيضا تخالف المادة 151 من الدستور، إذا ثبت أن هناك تنازل عن جزء من السيادة المصرية.
وتنص المادة 151 من الدستور على :" يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة".
وأشار عبد النبي، إلى أن المادة 173 من دستور 2014 تنص عببلى :"يخضع رئيس مجلس الوزراء وأعضاء الحكومة للقواعد العامة المنظمة لإجرءات التحقيق والمحاكمة، فى حالة ارتكابهم لجرائم أثناء ممارسة مهام وظائفهم أو بسببها، ولا يحول تركهم لمناصبهم دون إقامة الدعوى عليهم أو الاستمرار فيها. وتطبق فى شأن اتهامهم بجريمة الخيانة العظمى، الأحكام الواردة فى المادة (159) من الدستور".
وتنص المادة 159 على:" يكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك احكام الدستور، أو بالخيانة العظمى، أو أية جناية أخرى، بناء على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس، وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام، واذا كان به مانع يحل محله أحد مساعديه.
وأوضح أنه لأول مرة يضع المشرع في دستور 2014 عبارة انتهاك أحكام الدستور قبل الخيانة العظمى، بمعنى أن انتهاك الدستور أشد وأعظم جريمة من الخيانة، ويُعاقب عليه بعدم الولاء للنظام السياسي والدستور المصري وفقا للمادة 5 من القانون رقم 79 لسنة 1985 الخاصة بمحاكمة رئيس الوزراء والوزراء.
وقال عصام الإسلامبولي، أستاذ القانون الدستوري، إنه في حالة صدور حكم بات ببطلان الاتفاقية فإن الحكومة ستكون معرضة للمساءلة الجنائية، إذا تقدم أحد ببلاغ للنائب العام، وذلك لأنها وقعت على اتفاقية فيها تفريط للسيادة المصرية والتنازل عن جزء من أرضها .
واستشهد الإسلامبولي، بالمادة 77 فقرة "هـ"، التي تنص على "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أجنبية في شأن من شئون الدولة فتعمد أجرائها ضد مصلحتها "، وهو ما رأه ينطبق على رئيس الوزراء ومن وقع معه من الوزراء على الاتفاقية، منوها إلى أن القانون يعتبرها صورة من صور من الخيانة العظمى.
ولفت، إلى أن وزير الدفاع رفض التوقيع على الاتفاقية، مستطردا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه مسؤولية سياسية باعتباره رئيس الجمهورية وهو من فوض رئيس الوزراء للتوقيع على الاتفاقيةمتابعا:"سننتهي أولا من الحكم بمصرية الجزر ثم ننظر الخطوات الأخرى لمساءلة الحكومة".
فيما رأى معصوم مرزوق، عضو هيئة الدفاع بقضية بطلان اتفاقية تيران وصنافير، أن الحديث عن المساءلة القانونية للحكومة سابق لآوانه، مشددا أنه على الحكومة مراجعة الخطأ والاعتراف بأنه باطل.
وأردف مرزوق، أن المحكمة أثبتت بطلان الاتفاقية، وأي حكومة رشيدة إذا ارتكب
عضو بداخلها أي خطأ تحاسبه، مؤكدا أن بصفته أحد المدافعين عن مصرية الجزر سيكتفي باعتذار الحكومة، لأنه لا يعتبر الحكم انتصارا على أحد ولكنه نصرا للحقيقة وعدم التفريض في أي جزء من تراب البلد .
وتابع:" أما إذا أصرت الحكومة على الخطأ فسيخرج أمر الاتفاقية عن كونه مجرد خطأ بريء إلى إصرار عليه، وهو ما يحاسب عليه القانون حسابا عسيرا، مضيفا: أن الحكومة الحالية يتوقع منها أي شيء لتحقيق مصلحتها".
ووقعت مصر والسعودية، في أبريل الماضي، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، والتي تقضي بنقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر إلى المملكة، وهو ما أثار حالة واسعة من الغضب والتظاهرات الرافضة للاتفاقية، وأقام عدد من المحامين دعاوى قضائية تطالب ببطلانها.
وقضت محكمة القضاء الإداري، في يونيو الماضي، ببطلان الاتفاقية واستمرار الجزيرتين تحت السيادة المصرية، بينما تقدمت هيئة قضايا الدولة ممثلا عن الحكومة بالطعن على الحكم، حتى أصدرت هيئة مفوضي المحكمة الإدارية العليا، أول أمس الاثنين، توصية ببطلان طعن الحكومة وتأييد مصرية الجزر.