نقابيون:الدولة لا يمكنها إسكات العمال .. و الإضرابات ستستمر
أخلت نيابة السويس الكلية سبيل أربعة عاملين ينتمون للشركة المصرية للأسمدة و شركة أيبك بكفالة 10 ألاف جنيه لكل منهم، قبل أيام، على خلفية اتهامهم بالتحريض على الإضراب و تعطيل العمل.
وأضرب عمال شركتي المصرية للأسمدة وأيبك المملوكتين لمجموعة أوراسكوم للصناعة و الإنشاءات لعشر أيام للمطالبة بزيادة أجورهم وعودة العلاوات والأرباح وتحسين الخدمة الصحية بعدما رفضت الإدارة التفاوض معهم.
عمال السويس ليسوا الوحيدين الذين احتجزتهم قوات الأمن على خلفية التحريض على الإضراب،إذ سبقهم 6من عمال النقل العام ظلوا قيد الاحتجاز منذ ما يزيد عن شهرين ومن قبلهم 14 عامل من شركة الترسانة البحرية بالأسكندرية.
مواجهة الدولة للمطالب العمالية ليست شيئا جديدا، لكن مراقبون للشأن العمالي يجدون أن استخدام الاحتجاز مع الإجبار على تقديم الاستقالة أحيانا ،منحى جديد من السلطة الحالية لرفع تكلفة الإضراب ومن ثم الحد من قدرة العمال على الاحتجاج.
فاطمة رمضان - نقابية –تقول إن الأنظمة السابقة اعتادت من خلال اتفاق ضمنى مع الاتحادالعام لنقابات عمال مصر استخدام سياسة الفصل التعسفي لقيادات الإضراب العمالي،لكن ما يحدث حاليا من احتجاز العمال لشهورأمر جديد.
وتضيف رمضان لـ"مصر العربية "أن النظام الحالي لا يلجأ للتفاوض مع العمال على مطالبهم لأنه لديه .تصور أنه يستطيع أن يحد من قدرتهم تماما على الاحتجاج من خلال القبضة الأمنية
فيما يقول سعود عمر- نقابي بارز بالسويس- إن الدولة تتجه لاستخدام منهج تحويل مطالب العمال الاقتصادية إلى مطالب أخرى بالإفراج عنهم بعد اعتقالهم على خلفية الإضراب وأحيانا يتم إجبارهم على الاستقالة كما حدث مع عمال شركة الترسانة البحرية.
وأجبرت إدارة شركة الترسانة البحرية بالأسكندرية 14عامل ظلوا محتجزين مايزيد عن 6 أشهر بتهم التحريض على الإَضراب على تقديم استقالاتهم في مقابل إخلاء سبيلهم و هو ما حدث بالفعل في منتصف شهر نوفمبر الماضي ، بحسب قيادات عمالية.
ولكن القيادي العمال صلاح الأنصاري يقول إن الدولة دائما تتعامل المطالب العمالية بشكل أمني و ليس بشكل سياسي لأنها لا تتفاوض مع العمال حول مطالبهم إنما تحاكمهم عسكريا أو أمام المحاكم المدنية بتهم التحريض على الإضراب.
ويرى الأنصاري في تصريحات لـ"مصر العربية"أن الدولة ألغت دور وزارة القوى العاملة عندما نقلت الملف منها إلى وزارة الداخلية لأن الأمن لا يتصرف تطوعا إنما بإيعاز من الدولة التي تتبنى هذا الاتجاه.
وبحسب الأنصاري فأن الدولة وأصحاب الأعمال لا يستمعون لمطالب العمال ما يجعلهم يلجأون للإَضراب لتحقيق مطالبهم وبالتالي لن تستطيع الدولة منع الإضرابات أو السيطرة عليها.
ويتفق معه كلا من سعود عمر و فاطمة رمضان ، إذ يرون أن التعامل الأمنى العنيف لن يمنع العمال من الاحتجاج و الإضراب لأن الدولة لم تترك أمامهم بدائل أخرى في ظل الارتفاع المستمر في الأسعار مقابل ثبات الأجور.
ويوضح سعود أن قرار تعويم الجنيه جعل الأجور الحقيقية للعمال تنخفض وبالتالي ستكون لدى هؤلاء العمال مطالبات دائمة بزيادة أجورهم لمواجهة الغلاء.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء الخميس الماضي، أن معدل التضخم الشهري في أسعار المستهلكين وصل إلى 5%خلال شهر نوفمبر الماضي فيما سجل التضخم السنوس 20.2%في إجمالي الجمهورية ليصل إلى أعلى مستوى في 8 سنوات مقابل 14% في شهر أكتوبر الماضي.
وكان البنك المركزي، أعلن في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر، تحرير سعر صرف الجنيه بشكل كامل،وإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي.
القيادي العمالي البارز صلاح الأنصاري يقول إن الثمانينات شهدت حالات قتل لعمال على أيدى قوات الأمن أثناء فض إضرابات منها إضراب مصنع الحديد و الصلب في 1989ـ لكن العمال لم يكفوا عن الاحتجاج حتى حصلوا على بعض حقوقهم.
في حين يرى سعود عمر -نقابي بارز في السويس -أن أطراف العمل لابد أن تلتزم بالمسار الطبيعي المتعلق بالمفاوضة الجماعية لكن الدولة تسعى حاليا لإقرار حزمة قوانين تمس الحياة الاجتماعية والاستثمار تلعب "دور مرعب"على حد وصفه،في إحداث انتهاكات حقيقية تمس الحريات العامة وحقوق العمال.
ومن المرتقب مناقشة قانون العمل الجديد الذي وافق عليه مجلس الوزراء في 29 نوفمبرالماضي في مجلس النواب خلال الأسابيع القليلة المقبلة،بالإضافة إلى قوانين التنظيمات النقابية الذي يلاقي اعتراضات واسعة من قبل القيادات العمالية و النقابية المستقلة.