بعد وصوله لأعلى مستوى منذ 2008
خبراء: معدلات التضخم تقود مصر للإفلاس
تتواصل تبعات قرار الحكومة الشهر الماضي بتحرير سعر الصرف وإلغاء الدعم جزئيًا عن الوقود، واحدة تلو الأخرى، حتى وصل معدل التضخم في مصر لأعلى مستوى له منذ 8 سنوات، حيث ارتفع إلى 20,2% خلال شهر نوفمبر، بدلًا من 11.8% عن نفس الشهر في 2015.
وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في أحدث تقاريره إن معدل التضخم في نوفمبر، سجل ارتفاعاً بنسبة 5% عن شهر أكتوبر الماضي، وذلك بسبب ارتفاع أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 4,2%، مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 6,7%.
ويحدث التضخم نتيجة اختلال التوازن بين خلق الأرصدة النقدية والتوسع في الاقتصاد، أو عن طريق اختلال التوازن بين العرض والطلب على السلع، ويعني الارتفاع في المستوى العام للأسعار، وهو متوسط بين أسعار المستهلك والمنتج، كما أنه مقياس لتخفيض قيمة العملة في البلاد.
وتأتي الزيادة التي أعلن عنها المركزي للإحصاء، بعد توقعات بنك الاستثمار "بلتون"، في بداية نوفمبر الماضي، ارتفاع التضخم في مصر خلال النصف الأول من العام 2017، بمعدل يتراوح بين 25 و 30%، بعد تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه.
وفي الشهر ذاته، كان صندوق النقد الدولي، قد كشف عن وجود توقعات بارتفاع معدل التضخم فى مصر بنهاية العام المالي الجاري، ليسجل نحو 16.6% وفقا لأسعار المستهلكين، مقارنة بـ14% خلال العام المالي السابق، كما توقع الصندوق تقريره الشهري، في اكتوبر الماضي، ارتفاع معدل التضخم إلى 18.2% خلال عام 2017.
وفي المقابل، أكد عمرو الجارحي، وزير المالية، في تصريحات سابقة لوكالة «بلومبرج» الأمريكية، إن السلطات تسعى إلى تخفيض معدل التضخم تدريجيا ليصل إلى 10% بدلا من 13.6% بحلول منتصف 2017، وهو الأمر الذي وصفه الخبراء بالغير واقعي.
الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية، رأي أن تجاوز معدلات التضخم حاجز الـ 20% أمر متوقع، في ظل وجود حكومة ضعيفة، والاقبال على اتخاذ اجراءات غير مدروسة، بتعويم الجنيع ورفع الدعم عن الطاقة بشكل جزئي.
إنعدام الرقابة
وقال في تصريحات لـ "مصر العربية"، إن ارتفاع معدلات التضخم وقفزها إلى هذه النسب في ظل السياسة الاقتصادية للدولة مؤخرًا طبيعي، لأن سعر الدولار في البنوك تجاوز الـ 18 جنيه، وبالتالي نستورد احتياجاتنا التي تتخطى الـ 75% بأسعار مرتفعة وبالتالي بيعها للمواطن بأسعار باهظة.
وتابع عبده قائلاً: "لو الحكومة متعرفش هذا الكلام فعليها أن تستقيل"، موضحًا أن مشكلتنا الحالية تتلخص في جشع بعض التجار إضافة إلى عدم اتخاذ الحكومة إجراءاتها اللازمة قبل تعويم الجنيه وإنعدام الرقابة على الأسواق من جانبها.
وذكر أن البنك المركزي غير قادر على إدارة النقد الأجنبي بطريقة سليمة، مؤكدًا أن معدلات التضخم ستظل في ارتفاع ولن تنخفض إلا بانخفاض سعر الدولار، وهو الأمر الذي لن يتحقق إلا بالإنتاج وتشجيع الاستثمار ومنح الضمانات للمستثمرين، واتخاذ الاجراءات التي تقضي على الفساد والبيروقراطية.
وأضاف رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية قائلًا:" غير كده هنفضل في التخلف اللى احنا فيه، واستمرار الأوضاع الاقتصادية السيئة، في ظل وجود حكومة ضعيفة ونواب ضعفاء، بمباركة من الرئاسة، التي تدافع عنهم".
في طريقنا للإفلاس
في المقابل أكد الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، أن استمرار سياسية الحكومة الاقتصادية بنفس النهج المتبع الآن، وطبقًا لبرنامجها الاقتصادي الذى يحتوى على 94% استهلاك مقابل 6% استثمار فقط، وبعد وصول معدلات التضخم إلى أكثر من 20%، يعنى أننا ذاهبون وفي طريقنا للإفلاس.
وتوقع في تصريحات لـ "مصر العربية"، تجاوز معدلات التضخم النسبة الحالية خلال الفترة المقبلة، ووصولها إلى نحو 24 أو 25% بحلول شهر مارس 2017، مشيرًا إلى ارتفاع الأخير لمعدلاته ليس مستغربًا، لأن تخفيض العملة 10% يصاحبه رفع التضخم بنسبة 2%.
وقال خزيم، إن ما يحدث الآن نتاج طبيعي لقانون الخدمة المدنية واقرار قانون القيمة الطبيعة وتحرير سعر الصرف ورفع أسعار المواد البترولية، وهو ما يتسبب في وقوع فجوة انكماشية، التي تعني حدوث حالة تقلص في الشراء يقابلها انخفاض وتقليل الانتاج.
وأوضح، أن إصلاح الوضع الاقتصادي الحالي بما فيه خفض معدلات التضخم، لن يتم إلا عن طريق شريحة مكونة من 8 قوانين، متمثلة في قانون الاستثمار، قانون العمل، قانون الإفلاس، قانون الدخول والخروج، وتعديل قانون المنافسة الاحتكارية إضافة إلى قانون قانون حق الانتفاع لتظل الملكية العامة للدولة على الهيئات والمؤسسات.