7 مليارات دولار "قروض" في 3 شهور.. حلول آنية و"تخوفات" مستقبلية
تسعى حكومة شريف إسماعيل ممثلة في وزارة التعاون الدولي للحصول على المزيد من القروض والمنح من أجل ما تسميه دعم "خطط التنمية لإصلاح الاقتصاد" المتدهور، وسط تخوفات للكثيرين من جر مصر نحو شبح الإفلاس والاستدانة.
وحصلت الحكومة المصرية على قروض ومنح خلال الـ3 أشهر المنقضية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي البنك الإفريقي والبنك الصناعي التجاري الصناعي، والاتحاد الأوروبي بقيمة إجمالية تصل إلى 7 مليارات دولار.
وخلال السنوات الخمس الماضية، حصلت مصر على منح ومساعدات بقيمة 32 مليار دولار، منها 12.5 مليار دولار في عام 2013 وحده، موزعة بواقع 2 مليار دولار من السعودية، و3 مليارات دولار من الإمارات، ومليارين دولار من الكويت، و3 مليارات دولار من قطر، ومليارين من ليبيا، و500 مليون دولار من تركيا، كان آخرها في أغسطس الماضي بوديعة إماراتية بمليار دولار.
ولم تجدْ هذه المنح والقروض الخارجية في حل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلد، حيث سجل الدين الداخلي معدلات تجاوزت زيادة معدلات النمو، وبلغ 2.49 تريليون جنيه بنهاية مارس 2016، أما الدين الخارجي فبلغ 53.4 مليار دولار.
ومع توقف منح الخليج، لجأت الحكومة مؤخرًا إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات حصلت على الشريحة الأولى منه بقيمة 2.750 مليار دولار فضلا عن قرض بقيمة 3 مليارات من البنك الدولي استلمت شريحتين منه بقيمة 2 مليار دولار، بخلاف 18 مليار يوان من الصين، و500 مليون من بنك التنمية الأفريقي.
ورغم الدعم الدولي إلا أن الحكومة باءت بالفشل في أبرز أزمة حالية وهي الدولار حيث وصل سعره قرب الـ 20 جنيها في ارتفاع غير مسبوق بعد تعويم الجنيه.
خبراء اقتصاديون أكدوا لـ"مصر العربية" أن جميع الاتفاقيات والمنح والقروض التي تقوم بها وزارة التعاون، ممثل الحكومة، تأتي في إطار برنامج واضح للحكومة يعمل على توفير تلك المنح لمشروعات بحاجة إلى تمويل.
فيما اعتبر آخرون أن تلك القروض والمنح يجب أن يكون لها تأثير واضح على الأرض، وأن تساهم في حل المشكلات والتحديات الاقتصادية وألا يتم توريط مصر بتلك الديون بسد عجز موازنة محلية وليس تمويل مشاريع تنموية.
السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية سابقاً، ورئيس برنامج الشراكة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي، قال إن مصر أكبر دولة في العالم تتلقى مساعدات للتنمية، والأهم هنا في كيفية استغلال هذه المساعدات.
وأكد أنه لا توجد وسيلة إطلاقا لتحويل المنح إلى نقود تدخل في "جيب" أحد، حسب قوله، موضحا أنها عبارة عن منح تمول خبراء ومنح تمول مشروعات أو دراسات.
وأوضح بيومي في تصريح خاص لـ"مصر العربية"، أن الوزارة لا تقترض إلا وفقا لخطة التنمية الاقتصادية للدولة، الأمر الذي يعني أن الوزارة تنتهج خطة واضحة لاستغلال القروض.
كما أكد أن تصنيف "B" الذي حصل عليه مركز مصر المالي من مؤسسة "فيتش" يعد مؤشرا واضحا على أن مصر لديها القدرة على سداد تلك القروض.
وأوضح أن القروض الخارجية لمصر ما زالت في الحدود الآمنة حيث إنها لم تزد على 14% من
إجمالي الناتج القومي المصري قائلا: "وده ناتج قليل".
وأشار إلى أن القروض الداخلية لمصر زادت عن الحدود الآمنة، ويرى أنه إذا تم تحديد عجز الموازنة والأجور والدعم؛ فإن هذه القروض سوف تتراجع.
واتفق معه الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، حيث أكد أن الحكومة الممثلة في وزارة التعاون الدولي، المنوط بها الحصول على القروض من أجل دعم الوزارات الأخرى، تسير وفق خطة ممنهجة وواضحة.
ويرى الشريف أنه في الوقت الذي نسعى فيه لتحقيق مزيد من التنمية والتقدم الاقتصادي فإن مصر تحتاج خلال الأعوام الثلاثة2016,2017,2018 إلى 30 مليار دولار قروض ومساعدات للنهوض بالوضع الاقتصادي للبلاد.
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة أن المجتمع بأكمله وليست الحكومة وحدها، قادرة على سداد هذه القروض، معللا ذلك بقوله: "نريد حركة نشاط الاقتصاد".
من جهته، قال الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد، الخبير الاقتصادي بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية،
إن الجهات المانحة للقروض والمنح لا تُعطي إلا بناء على غرض الاستخدام، وعن قناعة، وأن تكون مجالات محددة ذات جدوى كالتعليم والصحة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ضاربا المثل بالبنك الدولي الذي يمول المشروعات التي تعمل على رفع معيشة المواطنين.
ويرى عبدالحميد أن هذا التمويل يصب في التنمية، موضحا أنه بالمشاهدات قد لا نشعر بها، ولكن بالأرقام وتقييم أداء المشروعات ومؤشرات الأداء سنجد لها ثمرة.
وطالب وزارة التعاون بأن تكون هناك صورة إعلامية أكثر وضوحا وأن تصدر تقاريرا للرأي العام توضح مدى نجاح التمويل في المشروعات، قائلا: "من الأفضل أن تقوم الوزارة بنشر التقارير التي تعطيها للجهات المانحة كي يشعر الرأي العام أن هذا ليس عبئاً وأن هناك تنمية حقيقية"، وشدد على ضرورة أن يثق الرأي العام في الوزارة.
وقال الخبير الاقتصادي، إن سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي، تعد أنشط وزيرة موجودة في الوزارة، فاقت في أداءها الوزيرة السابقة فايزة أبو النجا.
وأضاف أن هناك مشروعات لها أولوية التمويل تتمثل في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، معتبرا أنها أفضل المجالات حيث إنها ستفتح فرصا جديدة للعمل، وستقلل من حجم البطالة، وسيكون هناك إنتاجية للأجل القصير والمتوسط، يعقبها في الأهمية التعليم، الصحة، الصرف الصحي، ومياه الشرب.
ويرى أننا نحتاج لمزيد من القروض والمنح من أجل التنمية، مؤكدا أن القروض طويلة الأجل التي نحصل عليها من خلال التعاون الدولي أفضل من القروض قصيرة الأجل ذات التكلفة العالية، واصفا إياها بـ"السيئة".
في المقابل، قال الدكتور مدحت نافع، أستاذ الاقتصاد وخبير التمويل، إن هناك قروضا نحصل عليها بسبل ميسرة وسداد ميسر وفوائد مخفضة ما يفيد في التنمية، ضاربا المثل بتنمية بعض قرى الصعيد، إلا أنه أكد أن التوسع بشكل كبير في الاستدانة من الخارج به مخاطر كبيرة على الاقتصاد في المستقبل.
وأوضح قائلا: "إذا كنا نأمن سعر الفائدة وشروط السداد فيما يتعلق بالقروض طويلة الأجل، فنحن لا نأمن تقلبات سعر الصرف وبالتالي رد هذه القروض سيشكل أعباء كبيرة على الأجيال القادمة".
وطالب بأن تكون هناك خطة واضحة لسداد هذه الالتزامات مستقبلاً، حتى وإن كان هناك تنمية.