سفراء يوضحون..
في قرار وقف الاستيطان.. هل فقدت مصر مكانتها العربية؟
حالة شديدة من الضبابية سيطرت على الرأي العام المصري والعربي عقب سحب مصر مشروع القرار الذي تقدمت به من قبل إلى مجلس الأمن بشأن وقف انتشار الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
تلك الحالة غير المفهومة زادت من ضبابية المشهد في الصورة التي تصدرتها مصر موافقتها على مشروع القرار بعد أن قدمته دول أخرى، ليكون لدى مصر أربعة مواقف متناقضة أولها التقدم بمشروع قرار لوقف الاستيطان، يليه المطالبة بتأجيل التصويت عليه، ثم سحب المشروع نهائيا، وفي النهاية الموافقة على مشروع مماثل تقدمت به دول أخرى.
تنوعت تحليلات عدد من السفراء السابقين ما بين اعتبار الأمر فقدان النظام المصري لوجهته الصحيحة، وأن تناقض مواقفه يضعه في موقف سيء عربيا وعالميا، وما بين تفسيرات البعض على أن ما فعلته مصر ليس بالخطأ الجسيم مفندين الأسباب التي دفعتها إلى ذلك.
من جانبه قال السفير، جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنه بصرف النظر عن ماهية التصرف المصري والتي أثارت لغطا كبيرا في الأوساط الإعلامية والدبلوماسية، غير أنه في النهاية نحن أمام حقيقة واحدة تتمثل في صدور قرار مجلس الأمن بشكل نهائي بقبول مشروع القرار الخاص بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
وكانت عدد من الدول تقدمت بمشروع قرار بشأن وقف الاستيطان بعد سحب مصر مشروعها مباشرة ومنها ماليزيا والسنغال وفنزويلا ونيوزيلندا، وتم الموافقة عليه من خلال عملية تصويت أفرزت عن موافقة 14 من أعضاء مجلس الأمن دون اعتراض الولايات المتحدة.
وأضاف بيومي، في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن جزءً كبيرًا يحل هذا اللغز يتمثل في مكالمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئيس عبد الفتاح السيسي والتي تعهد فيها بالنظر إلى قضية الاستيطان والقضية الفلسطينية بشكل عام بطريقة أكثر عدالة، وهو ما جعل مصر تطلب إرجاء التصويت على مشروع القانون.
وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أن مشروع القرار الذي وافق مجلس الأمن عليه لم يتضمن نفس البنود التي نص عليها مشروع القرار المقدم من مصر، وحمل تخفيفا في الشروط نوعا ما، وأن هذا الأمر لما كان له أن يتم لولا عدم اعتراض الولايات المتحدة على القرار.
وتابع: " مصر كانت أمام خيارين، أولهم هو المضي قدما في المشروع الذي قدمته وربما كان يواجه الرفض بما يؤثر على علاقة مصر بالولايات المتحدة، والخيار الثاني هو سحب مشروع القرار مع أحقية دول أخرى في التقدم به ثم الموافقة عليه مثل باقي الأعضاء وهو ماحدث بالفعل".
وأوضح السفير جمال بيومي، أن الدول مقدمة مشروع القانون استفادت بشكل كبير من حالة الخلاف الواقعة بين إدارة أوباما وإدارة ترامب، بما جعل الأولى تمتنع عن اللجوء إلى استخدام حق الفيتو لتعطيل مشروع القرار.
فيما أدان السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، الموقف المتعارض والمتناقض الذي اتخذته مصر في مشروع وقف الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين، منددا "ما فعلته مصر ما كان عليها أن تقوم به، وما كان عليها أن تسحب مشروع القرار الذي قدمته من قبل".
ولفت هريدي، في تصريحاته لـ "مصر العربية"، إلى أن هذا التناقض في الموقف المصري جعل موقفها صعب للغاية أما العالم العربي والشعب الفلسطيني، معتبرا أنه يوضح حالة التخبط من قبل الجانب المصري.
وأثنى مساعد وزير الخارجية الأسبق، على صدور القرار بإجماع الدول الأعضاء ودون تدخل من الولايات المتحدة لتعطيله من خلال استخدام حق الفيتو.
وفي ذات السياق، ندد السفير سيد قاسم المصري، مساعد وزير الخارجية الأسبق،بما حدث من الجانب المصري فيما يتعلق بمشروع وقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
وتساءل قاسم، في تصريحات لـ "مصر العربية": ماذا حدث للدبلوماسية المصرية؟، معربا عن تألمه الشديد مما وصلت إليه الدبلوماسبة المصرية في الفترة الحالية.
واستطرد: مصر قدمت مشروع قانون لوقف الاستيطان تم إعداده مع الجانب الفلسطيني بعد جهود طويلة، وبمجرد علم إسرائيل بالأمر مارست ضغطا على مصر من خلال الولايات المتحدة وإدارتها الجديدة بقيادة دونالد ترامب، والتي لم تخيب وبالفعل استجابت مصر للضغوط وسحبت القرار.
وتابع أنه لا يمكن لمصر التصويت بالرفض بعد موافقة كافة دول العالم والممثلين لمختلف مناطقه الجغرافية، إلى جانب عدم اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية على المشروع.
وعلق أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية ـ على قرار مجلس الأمن الدولي الذي يطالب بوقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية بأنه متفق مع مواقف مصر.
وحول سحب مشروع القرار الأول، بيَّن أنَّ الاتصال بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وضح منه أنَّ هناك رغبة أمريكية للتنسيق مع مصر في إطار التسوية الشاملة للقضية الفلسطينية، ما اعتبره أمرًا هامًا في إطار قياس الحسابات كلها من الدبلوماسية المصرية.