في 33 ماركت| رحلة البحث عن السكر.. «مفيش» الأكثر تكرارًا .. و18 جنيها للكيلو
دخل الرجل الخمسيني إلى عربة المترو ضاربًا كفا بكف، صارخًا "مش لاقيين السكر.. بقى زي المخدرات، الكيلو وصل لـ 20 جنيها.. الله يخرب بيت دي أيام" ليعكس الحالة التي يعيشها الملايين نظرًا لشحّ المعروض من السكر وغيره من السلع الأساسية في المحلات والمتاجر.
أزمة غير مسبوقة تشهدها البلاد، منذ عدة أشهر، وباتت مرشحة للاستمرار بل إنها طالت سلعًا أخرى، وسط حالة من السخط باتت تسيطر على المواطنين، الذين يفشلون في الحصول على السكر ولو بضعف ثمنه.
أسباب متعددة، تقف وراء اختفاء المنتج بالغ الأهمية في حياة المصريين، حيث تتبادل الاتهامات بين الفلاحين والمستوردين، والغرف التجارية، والحكومة، كل طرف يحمل الطرف الآخر المسؤولية عن الأزمة، وتصاعدها.
حالة الرجل الخمسيني دفعت محررة "مصر العربية" لخوض تجربة البحث عن السكر بالمحلات والمتاجر الكبيرة بمناطق ناهيا والدقي وفيصل.
ومن بين 11 محلاً في منطقة ناهيا، تم العثور على السكر في محلين بسعرين مختلفين ما بين 15 و17جنيهًا للكيلو، و"لن تحصلي إلا على أكثر من كيلو واحد لأنك غريبة عن المنطقة".
وأكدت بقية المحلات التي لم يكن لديها سكر للبيع أنه منذ ارتفاع سعره فإنهم أعرضوا عن بيعه, فضلا عن مخاوفهم من حدوث مشاكل لهم بسبب بيعهم السكر.
وقال أحد البائعين لـ"مصر العربية": "لا أبيع السكر مش عايز مشاكل ويعملولي محضر".
فيما قال "أبو أحمد"، بائع في سوبر ماركت: "السكر غالي من مكانه بـ 13 جنيه, وهنبيعه للزبون بـ 14 جنيه أو 15 جنيه, مش هيشتريه, من ساعة ما سعره ارتفع مش بنبيعه، كله استغلال".
أم مجدي قالت: "أنا باخد 4 كيلو سكر من التموين ومش بيكفوا الشهر وبشتري 3 كيلو زيادة علشان أكمل الشهر, لحد ما أخد تموين الشهر الجديد, حتى الزيادات كان فيها سكر دلوقتي مفيش, والسكر في المحلات قليل وبـ14 و 16 جنيه".
وفي الدقي، ومن بين 15 محل بقالة وسوبر ماركت، لم يتوفر السكر سوى في بقالة واحدة وماركت كبير, وبلغ سعره 16 جنيها للكيلو.
وفي منطقة اللبيني بفيصل، رصدت "مصر العربية" أسعار السكر فى عدد من المحلات بلغ 7 بينهم هايبر كبير، حيث قفز سعر الكيلو الواحد إلى 18 جنيها في محلين، وسط اختفاء تام فى باقي المحلات.
وعند سؤال صاحب محل عن سبب بيعه بهذا الثمن، قال: "اشتريت الكيلو من المورد ب 16 جنيها، بكسب 2جنيه فى الكيلو، ولو رحت المجمع الاستهلاكى هيرفضوا يبيعوا لى كمية".
ويعتبر السكر سلعة استراتيجية فى معظم دول العالم، ويبلغ إنتاج مصر من السكر حوالي 2,4 مليون طن سنويا, في حين أن معدل الاستهلاك يبلغ 3,1 مليون طن بعجز يصل إلى 700 الف طن يتم توفيره من خلال الإستيراد. ويصل معدل استهلاك الفرد في مصر من السكر إلى 34 كيلو سنويا.
وبدأت الأزمة مع إعلان وزير التموين السابق خالد حنفي، داخل مجلس النواب، عن احتمالية نشوب أزمة في السكر بالسوق المحلي، حيث بدأ التجار في تخزين كميات كبيرة من السكر لتشحيح السوق منه بالتزامن مع زيادة الطلب عليه للاستفادة من فارق السعر بعد التخزين خاصة بعد بيعه بأسواق موازية.
وأرجع تجار احتمالية وجود أزمة سكر بالسوق المحلي لثلاثة أسباب، أولها, ارتفاع الأسعار العالمية ما يجعل المصدرين يقومون بشراء كميات كبيرة من السكر وبيعها بالسوق الخارجي لتحقيق أعلى هامش ربح، وزيادة معدل التهريب خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى وجود نقص في مقرر السكر على بطاقات التموين.
واليوم الأحد، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية أنها وزعت 160 ألف طن سكر منذ بداية شهر ديسمبر الجاري، على نحو 35 ألف بقال تمويني وفروع جمعيتي والمنافذ التموينية.
وأوضحت الوزارة، في بيان لها، أن هذه الكميات تم توزيعها على المواطنين المقيدين على البطاقات التموينية, كما تم تخصيص نسبة لتوزيعها بالسعر الحر في المجمعات الاستهلاكية و فروع شركات الجملة بالمحافظات.
إلا أنه رغم إعلان الوزارة مرارا توفير السكر لا تزال الأزمة مستمرة في المحال والبقالات الموجودة في الشارع المصري, وحتى إن تواجد فيتراوح سعره ما بين 14 و15 جنيها للكيلو الواحد.
وفي هذا السياق, قال حسن الفندي، رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية: "أمامنا شهر لتوافر السكر لأن المصانع بتاعتنا بتشتري المواد الخام وبدأت مراحل الإنتاج".
ولفت إلى أن السبب الحقيقي للأزمة تمثل في أن قرار الشراء لم يتم اتخاذه في الوقت المناسب، بالإضافة إلى ارتفاع سعر السكر في الخارج، كما أوضح أننا نستهلك 3 ملايين طن تقريبا والإنتاج الفعلي 2 مليون طن تقريبا، الأمر الذي يوضح أن هناك عجزا في مليون طن تقريبا.
وفيما يتعلق بتفاوت الأسعار في السوق المحلية وارتفاعها، أكد أن توافر السكر سوف يقضي على تفاوت الأسعار.
وبالنسبة لما يتردد من مخاوف لتعرض صاحب المحل لمحضر من قبل التموين، قال الفندي إنه لا يستطيع أحد عمل محضر تموين في محل إلا بناء على رقم مخالف، والبيع بسعر زائد، ولا يوجد قانون يحدد الأسعار أو الكميات المحددة التي يمتلكها البائع علشان تتعمل مخالفة لصاحب المحل من قبل التموين.
ونوه إلى أن سوء الإدارة تمثل في وجود أزمة في الرز والسكر، قائلا: "إن شاء الله لن يتكرروا تاني".
وفي وقت سابق اليوم، قال ماجد نادي، المتحدث باسم النقابة العامة لبقالي التموين، إن أسعار السلع التموينية الأساسية وفقًا للأسعار المعلنة من وزارة التموين كالتالي: «الزيت الخليط 8.5 جنيه للتر، والأرز 4.5 جنيه للكيلو، والسكر 7 جنيهات للكيلو».
إلا انه أكد أن السلع المذكورة غير متوافرة لدى بقالي التموين، ما يتسبب في مشادات ومشاجرات بسبب إعلان الوزارة عن توافر تلك السلع بخلاف الحقيقة.
وأوضح نادي أن أسعار تلك السلع في السوق الحرة كالتالي الزيت الخليط ارتفع من 10 إلى 13 جنيهًا، وزيت عباد الشمس ارتفع من 13 إلى 20 جنيهًا، وزيت الذرة ارتفع من 22 إلى 27 جنيهًا، بينما ارتفع سعر كيلو الأرز المعبأ من 8 جنيهات إلى 12 جنيهًا، فيما يتراوح سعر السكر بين 15 و20 جنيهًا بالأسواق.
وأشار إلى أن صرف المقررات التموينية يشهد حالة ارتباك بسبب تكرار تعديل أسعار بيع السلع الأساسية، خاصة السكر والزيت مؤخرًا.
ولفت إلى أن القاهرة والمحافظات لا تزال تعاني من نسب عجز شديدة في تلك السلع، وعدم توافر الأرز التمويني.