في 2016 .. الحكومة تكتب شهادة وفاة الطبقة المتوسطة
"زيادة في أسعار السلع والمنتجات، رفع أسعار الكهرباء، رفع الدعم جزئيًا عن الوقود، رفع أسعار الأدوية، إقرار قانون القيمة المضافة، الخدمة المدنية وتعويم الجنيه".. كلها قرارات أقدمت عليها الحكومة خلال العام 2016، وتدفع ثمنها الطبقة المتوسطة، التي أصبحت على وشك الاندثار.
والطبقة المتوسطة، هي الطبقة التي تأتي اقتصاديًا واجتماعياً بين الطبقة العاملة والطبقة العليا، وتنقسم إلى طبقة وسطى عليا وطبقة وسطى متوسطة وطبقة وسطى دنيا، ويفرق بينها مستوى الدخل والمستوى التعليمي والحالة الاجتماعية.
ولا يوجد تعريف محدد ودقيق لها، ولكن يمكن اعتبارها بأنها الطبقة التي تمتلك من الأصول ما يجعلها صامدة أمام التغيرات الاقتصادية، وهي مُعرضة بشكل أقل لخطر الفقر، وهم الذين تتراوح ثرواتهم بين 14.5 ألف دولار و145 ألف دولار، وفقا لأسعار الدولار في 2015.
وفي 2014، قالت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الأسكوا"، إن حجم الطبقة المتوسطة في مصر قد تقلّص من 48% من مجموع السكان في عام 2000 إلى 44% في عام 2011.
ووفق تقرير حديث صدر عن بنك كريدي سويس، فإن الطبقة المتوسطة في مصر، تقلصت بأكثر من 48%، لينخفض عددها من 5.7 مليون شخص بالغ في عام 2000، إلى 2.9 مليون بالغ في 2015، أي أنهم يمثلون الآن نحو 5% فقط من إجمالي البالغين، ويستحوذون على ربع ثروة المصريين.
وكان كريدي سويس، قد أشار في تقرير سابق له، بأن مصر تأتي في المركز الثامن في قائمة أسوأ 15 دولة في توزيع الثروة، وهو أسوأ تصنيف في التقرير الذي شمل 46 دولة، موضحًا أن الـ10% الأغنى في مصر يسيطرون على أكثر من 70% من ثروة البلاد، وارتفعت في هذا العام لتصبح 73.3%.
وفي ظل السياسات الاقتصادية في مصر مؤخرًا، واتجاهها للاقتراض من صندوق النقد الدولي، فإن الطبقة المتوسطة هي أكثر الفئات تضررًا نتيجة للسياسات التقشفية، ومنها تراجع الدعم السلعي، وارتفاع الأسعار، وانخفاض النمو مع ارتفاع معدلات البطالة، وفقًا لما أكده الخبراء.
الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، والمستشار الاقتصادي للمجموعة الدولية وإدارة المراكز التجارية، قال إن الحكومة لم تراعي الأبعاد التأثيرية لقرار تحرير سعر صرف الجنيه، استجابة لصندوق النقد الدولي، ولم تنتبه إلى أن طبيعة الدخول للطبقة المتوسطة في مصر، لا تتحمل كل الزيادات.
وأكد في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن قرارات الحكومة في 2016، ستؤدي إلى حالة انكماشية في السوق واحتقان لدى المواطنين، وستستمر توابعها خلال 2017 و2018، لوجود فجوة بين الصادرات والواردات، حيث أننا نستورد نحو 80% من احتياجاتنا.
وبين خزيم، أنه إذا استمر عدم قدرة الحكومة على التحكم في السياسة النقدية والمالية ستظل الفجوة موجودة ومتداولة، مؤكدًا أن كل هذه التأثيرات السلبية تدفع ثمنها الطبقة المتوسطة، وزيادة معاناتها خلال الفترة المقبلة أكثر وأكثر.
ورأى أن الحفاظ على تلك الطبقة في المجتمع المصري يحتاج إلى اتجاه الحكومة للاعتماد على الصناعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لسد الفجوة بين الصادر والوارد، وبالتالي الحد من الزيادة الهائلة في الأسعار بسبب التعويم المطلق للجنيه.
ومن جانبة أكد الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن اتجاه الحكومة خلال هذا العام، لتعويم الجنيه وإقرار القيمة المضافة وغيرها من القرارات، من شأنها أن تؤثر سلبيًا على الطبقة المتوسطة في مصر، نتيجة ارتفاع الأسعار بطريقة غير طبيعية.
وأوضح في تصريحات لـ "مصر العربية"، أن استمرار السياسات الاقتصادية للحكومة على هذا النحو، يعنى تآكل الطبقة المتوسطة، وهو ما يهدد تواجدها خلال السنوات المقبلة، خاصة بعدما فشلت كل القرارات التي اتخذتها الدولة مؤخرًا في الإصلاح الاقتصادي.
وقال النحاس، إن الحكومة بحاجة إلى البحث عن أساليب جديدة لمواجهة مشكلات الاقتصاد المصري، بعيدًا عن تحميل كافة الأعباء على كاهل المواطن والطبقة المتوسطة، ولكن عن طريق المشروعات لزيادة وتحسين الإنتاج المحلى، وجلب الموارد للدولة، لمواجهة الإرتفاع في شتى القطاعات.