هل تتصدر السوق السوداء للدولار المشهد الاقتصادي مجددا في 2017؟
رغم اختفاء الحديث عن السوق السوداء للدولار من المشهد الإعلامي منذ أن قرر البنك المركزي تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار في 3 نوفمبر الماضي، إلا أن طارق عامر، محافظ البنك المركزي، خرج ليقول إن السوق السوداء للعملة في البلاد لن "تختفي فورًا بمجرد استخدام عصا التعويم السحرية"، فهل تعود السوق السوداء للمشهد مرة أخرى هذا العام؟
محافظ البنك المركزي، أكد خلال تصريحات صحفية، اليوم الثلاثاء، أن القضاء تماما على السوق السوداء يتطلب بعض الوقت، موضحا أن سوق الصرف في مصر ستضبط نفسها بنفسها وتستقر خلال الفترة القريبة المقبلة.
وتابع عامر: "رغم عودة السوق السوداء فإن الاستحواذ الحقيقي على السوق أصبح من نصيب البنوك" قائلا: "البنوك ركبت السوق خلاص، ومنافسة السوق السوداء محدودة جدًّا، والفروق في سعر الدولار بين البنوك والسوق السوداء محدودة جدًّا ولا تتعدى قروشًا".
محللون وخبراء اقتصاد أكدوا في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن السوق السوداء ستعود مرة ثانية، في حين أعتبر البعض أن تعويم الجنيه قضى عليها، حيث لم يعد هناك فروق تذكر بين السعر لدى البنوك والأسواق الموازية.
ويرى الدكتور عمرو عادلي، الخبير الاقتصادي، أنه لا يوجد ضرورة لعودة السوق السوداء، ففي ظل استمرار نظام التعويم الحالي، فإن البنوك مسيطرة على الوضع، موضحا أنها قادرة على رفع سعر الدولار كلما استشعرت أن هناك سوق سوداء.
وأشار "عادلي" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" إلى أن تحرير سعر الصرف نقل العملة من القطاع الغير رسمي وهو السوق السوداء إلى القطاع الرسمي "البنوك"، مستبعدا عودتها مرة أخرى.
الدكتور أنور النقيب، عميد مركز الاستشارات والبحوث بأكاديمية السادات، أكد من جانبه أنه لا مجال لعودة السوق السوداء، معللا ذلك بأن السعر واحد في البنوك والسوق الموازية.
وقال النقيب خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" إن السوق السوداء ستعود في حالة واحدة فقط، وهي قيام البنك المركزي بالتدخل في إدارة سعر الصرف، وهو ما يعرف بالتعويم المدار، حيث التحكم في السعر، فإن البنوك سيتم إجبارها على البيع بسعر معين، وبالتالي في هذه الحالة فقط. ستعود السوق السوداء.
في السياق ذاته أكد الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، أن السوق السوداء قُضي عليها منذ أن أعلن البنك المركزي تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر الماضي، قائلا إن سعر العملة داخل البنك أصبح مثل الموجود على الرصيف –حسب قوله-.
وأضاف الشريف أن البنوك أوجدت نفس التسهيلات التي كانت تقدمها الصرافات مما سهلت التعامل معها حيث أصبحت مفتوحة ليلا ونهارا وأيام الإجازات، ومن ثم فلا يوجد مجال للسوق السوداء، موضحا أن هناك عملات لم تكن تقبلها البنوك صارت تقبلها الآن وبالتالي توافر كل شيء في البنوك.
في المقابل، يرى الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، أن ارتفاع الطلب عن العرض على أي سلعة تنشأ إحدى ظاهرتين إما ظاهرة الطوابير، والتي اعتبرها موجودة لدى الشعوب المتقدمة المنضبطة، أو ظاهرة السوق السوداء.
وأوضح النجار أن السياسة هي التي تصنع السوق السوداء وليست ممارسات التجار، مشيرا إلى أن الحكومة اتخذت قرارات جعلت الأسعار مرتفعه جدا، واحتفاظ الناس بالدولار اسمه "حبس الدولار" وبالتالي المعروض للتداول يقل، والسعر يرتفع، وهذا لمجرد خفض الجنيه أمام الدولار.
وعلى الجانب الآخر، يؤكد الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، أن السوق السوداء ستعود مرة ثانية، موضحا أن محافظ البنك المركزي، اختار توقيتا وسياسة خاطئة.
وأوضح "عبده" خلال تصريحات لـ"مصر العربية" أن قرار التعويم تسبب في رفع سعر الدولار وغلاء أسعار جميع المنتجات، قائلا: "محافظ البنك المركزي نقل السوق السوداء من الشارع إلى البنك، طول ما البنك مش هيقدر يلبي احتياجات الناس فسيذهبوا للسوق السوداء".
وانتقد الخبير الاقتصادي، تصريحات عامر، موضحا أن البنك لم يكن جاهزا للتعويم مما كلف المواطن الكثير، مطالبا الرئيس بعزل الحكومة ومحافظ المركزي، قائلا: "خربوا الاقتصاد تحت ما يزعمون أنه إصلاح".