اقتصاديون عن تقرير الإيكونوميست: مصر تحسّن الاستثمار على حساب 92 مليون مواطن
بعد إعلان مجلة "الإيكونوميست" الاقتصادية العالمية وضع مصر ضمن أفضل 12 وجهة استثمارية فى العالم خلال العام الجديد 2017.
ونقلت وكالة الانباء المصرية الرسمية عن كبير الاقتصاديين لدى المجلة، سايمون بابتيست في أول أعداد المجلة لسنة 2017 الصادر أمس، قوله إن ارتفاع جاذبية مصر الاستثمارية يرجع إلى إصدار البنك المركزى المصرى قرارا فى نوفمبر الماضى بتحرير سعر الصرف، والذى كان موضع ترحيب دولى فى أواخر عام 2016.
وأضاف "بابتيست" أنه يعتقد أن الأسواق تجاوزت حالة التقلبات التى أعقبت اتخاذ هذا القرار، وأنه يتوقع تحسن أداء الجنيه المصرى خلال عام 2017 ليرتفع بنسبة تصل إلى 14 بالمائة.
ونهاية الشهر الماضي، وافقت الحكومة على مشروع قانون الاستثمار الجديد بهدف تعزيز ثقة المستثمرين والقضاء على البيروقراطية وتسهيل الإجراءات للحصول على تراخيص المشاريع وجذب الاستثمار الأجنبي. وأجرت الحكومة تعديلا على القانون قبل عام.
وتحاول مصر إنعاش اقتصادها بعد أن أدت ثورة شعبية في 2011 وما تبعها من اضطراب أمني إلى عزوف السائحين والمستثمرين الأجانب وهما مصدران رئيسيان للعملة الصعبة.
ويقول الخبير الاقتصادي، الدكتور مدحت نافع لـ"مصر العربية" تعليقا على الأمر "بالطبع في حالة ثبات العوامل الأخرى فإن قيمة العملة تشكّل عنصراً هاماً في تحديد وجهة الاستثمار.
وأرجع نافع توقع "إيكونومست" بارتفاع الجنيه أمام الدولار إلى توقع كبير اقتصادييها تراجع الطلب على الدولار، مضيفا أن ذلك قد يكون ذلك نتيجة لتراجع الواردات نتيجة ارتفاع الأسعار.
وأوضح أن ما ذكرته الإيكونومست من تحسن قيمة العملة لا يعني بالضرورة زيادة الإيرادات الدولارية، موضحا أن مبادرة اتحاد الغرف التجارية لوقف الاستيراد التي أوشكت مدتها التي تبلغ 3 أشهر على الانتهاء كان أثرها نفسي على سعر الدولار لكن التراجع في الطلب على الدولار كان مشفوعاً بارتفاع الأسعار، على حد قوله.
وقال رضا عيسى الخبير الاقتصادي إنه من الوارد أن تحدث حركة تصحيحية لسعر الجنيه أمام الدولار بعد الارتفاع الكبير له هقب قرار التوعيم بداية شهر نوفمبر الماضي.
وأضاف أن هناك أسبابا أخرى قد تدفع للجنيه للارتفاع منها بدء وصول إمدادات غاز جديدة من البحر المتوسط، والتي أعلنت عنها شركة "إيني" الإيطالية مؤخرا، ولكنه أكد أن الدولار لن يتراجع إلى 4 جنيه كما ذكر طارق عامر محافظ البنك المركزي من قبل.
وأضاف أن الحكومة تسوق الاستثمار في مصر في الخارج عبر الإغراء بالعائد "ثاني أكبر عائد عالميا على الاستثمار"، وذلك على حساب 92 مليون مواطن، مضيفا أنه للحفاظ على هذه الميزة لرؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة كان على الحكومة اتخاذ قرارات رفع الأسعار.
وأوضح أن جملة "الدولة لا تتدخل في تحديد أسعرا البيع وهوامش الأرباح" مشتركة في عدد من القوانين منذ عام 1998، منوها بأن ذلك بعيدا كل البعد عن سياسات "السوق الحرة" التي يدفع البعض أحيانا بأن مصر أصبحت تنتهج هذا النهج.
وأشار إلى أن "السوق الحرة" الحقيقية لا تعرف الاحتكارات في حين أن القوانين المصرية لا تجرم الاحتكار كفعل في حد ذاته وإنما تجرم "الممارسات الاحتكارية"، بالإضافة إلى الانحياز الكامل للدولة إلى رجال الأعمال، على حد قوله.
وأضاف أن القرارات الأخيرة تعطي صورة عامة حول استراتيجية الحكومة خلال الفترة المقبلة، إذ يبدو أنها قررت رفع يدها عن المواطنين، أملا في الحفاظ على ميزة تسويقية لجذب الاستثمارات الأجنبية.
ونص قانون الاستثمار الجديد على إنشاء مكاتب الاعتماد وتحديد هويتها بما يضمن سرعة تأسيس الشركات، كما حدد المشروع يوما واحدا لتأسيس الشركات لأول مرة، وأنهى القانون ملف المناطق الحرة الخاصة تماما بحيث لا يتم التجديد لها فور انتهاء مدتها.
وحدد القانون أساليب حماية الاستثمار والمستثمر الأجنبي على وجه الخصوص وآليات الدخول والخروج بسهولة، كما أضاف القانون المناطق التكنولوجية كنشاط استثمارى محدد، وحدد مواعيد البت بحد أقصى 60 يوما، ووضع مفهوم الشخصية الاعتبارية فيما يتعلق بالملاحقات القضائية والمسؤولية المباشرة للمستثمر.
كما منع القانون مصادرة أو وقف أي مشروع إلا بالرجوع لهيئة الاستثمار، واشترط إنذار المستثمر بالمخالفات المنسوبة إليه، وسماع وجهة نظره، وإعطائه مهلة مناسبة لإزالة أسباب المخالفة، وذلك علي النحو الذي تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
ويأتي على رأس مكاسب رجال الأعمال من قانون الاستثمار الجديد، منع نزع ملكية المشروع، كما تضمن عدم إلغاء المشروع أو سحب أرضه أو العقارات إلا بالرجوع لهيئة الاستثمار، كما منح المستثمر الحق فى التصرف بالمشروع، وتحويل أرباحه أو تصفيته دون الإخلال بحقوق الغير، بالإضافة إلى حق المستثمر في الاستيراد والتصدير مباشرة دون معوقات .
وكان للمستثمر الأجنبى نصيب الأسد من اهتمام الدولة فى مشروع قانون الاستثمار الجديد، حيث نصت المادة 15 على طريقة التعامل معه بأن "تكفل الدولة معاملة المستثمر الأجنبى معاملة مماثلة لتلك التى تمنحها للمستثمر الوطني، وتمنح الدولة المستثمرين من غير المصريين إقامة فى جمهورية مصر العربية طوال مدة المشروع دون الإخلال بأحكام القوانين المنظمة لذلك، وتلتزم الدولة باحترام وإنفاذ العقود التى تبرمها.
ويجوز استثناءً بقرار من مجلس الوزراء تقرير معاملة تفضيلية مراعاه لبعض الاعتبارات الخاصة لمتطلبات الأقتصاد الوطنى أو الأمن القومي، أو تطبيقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.