هل يمثل قطار الشحن الصيني خطرا كبيرا على قناة السويس؟
أثار إطلاق الصين لقطار الشحن المباشر إلى لندن، والذي يمر بسبع دول وأكثر من 15 مدينة، مخاوف الكثيرين حول مدى تأثيره على قناة السويس، وذلك في الوقت التي تعاني فيه القناة من تراجع ملحوظ في الإيرادات منذ تدشين التفريعة الجديدة.
وتعاني القناة مشاكل كبيرة في الآونة الأخيرة دفعت الفريق مهاب مميش إلى محاولة تحصيل الإيرادات مقدما وعرض نسبة تخفيض على الرسوم للشركات العالمية، وذلك بسبب بطء التجارة العالمية، والركود بالاقتصاد العالمي.
وبعد إطلاق خدمة قطار الشحن الصيني بالسكك الحديدية المباشرة إلى لندن، لتحسن العلاقات التجارية مع أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، في إطار مبادرة بنية الصين التحتية وطريق الحرير الجديد، أصبحت المخاوف تحوم حول مدى جاذبية قناة السويس، التي قد تتضرر إيراداتها التي تعد من أهم موارد العملة الصعبة للبلاد.
وتسعى الصين من خلال هذا الطريق لإنعاش صادراتها، حيث تقدم خدمة للمصدرين، كنوع من أنواع المنافسة للنقل البحري البطيء، والشحن الجوي المكلف، باعتبارها خيارًا وسطًا بين هذا وذاك، فيما انطلقت أول رحلة إلي بريطانيا، ومن المتوقع أن تصل إلى العاصمة البريطانية في غضون أسبوعين.
ويمر القطار الجديد عبر كازاخستان وروسيا وبيلاروسيا وبولندا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا قبل وصوله إلى محطته النهائية لندن حاملا البضائع الصينية التي تحتاج لها أوروبا.
وفي تعليقه على تأثير هذا القطار على قناة السويس، يقول الدكتور أحمد خزيم، المستشار الاقتصادي للمجموعة الدولية وإدارة المراكز التجارية والخبير الاقتصادي، إن خدمة الشحن البحري ستظل هي الأرخص والأكثر أمانا، متوقعا أن يكون تأثير قطار الصين، طفيف على قناة السويس، حيث سيقلل من الاعتماد الكلى على السفن بها ولكن النسبة غير مؤثرة.
وأوضح خزيم، خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن الصين أطلقت هذا القطار بقرار من البرلمان الصيني منذ عام، بدعم طريق الحرير البرى والجوى والبحري بقيمة 40 مليار دولار، بعد تراجع معدل النمو الصيني إلى 7% ولزيادة التبادل التجاري مع الدول الخارجية.
في المقابل أكد الدكتور رفعت رشاد، رئيس الجمعية العربية للملاحة البحرية، أنه من الناحية النظرية وبوجه عام، فأي طرق وبدائل نقل للتجارة بين الشرق والغرب فإنها تؤثر علي قناة السويس، إلا أنه أعتبر أن تأثير قطار الصين الجديد لن يكون له قيمة كبيرة، بالدرجة التي تجعلنا ننزعج منه، لأن الحد الأقصى لحمولته هو ٤٠٠ كونتينر، في الوقت الذي تصل حمولة السفينة إلى ١٨ ألف كونتينر، بما يعني أنه ليس هناك وجه للمقارنة بينهما.
وأضاف رشاد خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية"، أن هذا القطار ربما يكون قاصرًا علي البضائع الصغيرة، وهو بديل للنقل البري وليس النقل البحري، الذي يعد أقل تكلفة وأكثر حمولة.
ويأتي القطار الصيني بالإضافة إلى عدة طرق ومشروعات وخطوط نقل قائمة بالفعل، يرى مراقبون أنها تمثل تهديدًا لقناة السويس، وعلى رأسها ممر رأس الرجاء الصالح، الذي يدور حول إفريقيا، ويعتبر رخيص نسبيًا، وهو ما يدفع البعض للمرور من خلاله لتجنب دفع رسوم العبور المرتفعة للقناة المصرية.
كما يهدد طريق بحر الشمال، الذي يربط بين المحيطين الهادي والأطلسي على طول ساحل القطب الشمالي الروسي من بحر بارنتس، بمحاذاة سيبيريا، إلى الشرق الأقصى، قناة السويس، بحسب البعض لما يتميز به من قصر المسافة، ومن ثم فزمن الرحلة سيكون أقصر ومصاريف الوقود ستكون أقل، وذلك إضافة إلي قناة بنما وطريق الحرير.
جدير بالذكر أن إيرادات قناة السويس قد تراجعت في نوفمبر الماضي إلى أقل مستوى تسجله منذ فبراير 2015، وقدرت بوابة معلومات مصر، هذا التراجع بنحو 4.7% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، لتصل إلى 389.2 مليون دولار.
وكانت بيانات ميزان المدفوعات التي أعلنها البنك المركزي الخميس الماضي، أظهرت تراجع إيرادات قناة السويس خلال الربع الأول من العام المالي الجاري بنسبة 4.8%.
وأرجع هذا التراجع إلى انخفاض الحمولة الصافية للسفن العابرة بمعدل 2.7%، وانخفاض قيمة وحدة حقوق السحب الخاصة أمام الدولار الأمريكي بمعدل 0.4%.
ويقول خبراء إن "قناة السويس باتت تواجه تحديات عدة، ومنافسة دولية شرسة من طرق ملاحية، والحكومة المصرية باتت في مأزق بسبب المسارات البديلة والتي كان آخرها وأخطرها قطار الصين، وبالتالي فإما إصرار الحكومة على أسعار المرور الحالية للحفاظ على إيرادات القناة السنوية البالغة 5 مليارات دولار، والنتيجة فقدان مزيد من العملاء لصالح المسارات الأخرى".
وطالبوا الحكومة مضطرة بإجراء مزيد من التخفيضات على رسوم المرور بقناة السويس للاحتفاظ بعملائها التقليدين خاصة شركات النفط والغاز المتجهة من منطقة الخليج وإيران نحو أوروبا، وكذا السلع الهندية المتجهة للقارة العجوز، والنتيجة حدوث مزيد من التراجع في إيرادات القناة التي كانت الحكومة تراهن على زيادتها إلى 13 مليار دولار سنوياً في غضون 5 سنوات.