في الذكرى السادسة لـ «الياسمين».. تونس تبحث عن ثورة اقتصادية

كتب: وكالات

فى: أخبار مصر

10:39 11 يناير 2017

كان توفير فرص عمل وتنمية المحافظات، من أهمّ المطالب التي قامت من أجلها الثورة الشعبية، التي أطاحت بالرئيس التونسي، زين العابدين بن علي (1987-2011)، في يناير 2011، وعرفت باسم ثورة "الياسمين".

 

واليوم، بعد مرور ست سنوات، لم تستطع الحكومات المتعاقبة تحقيق هذين الهدفين، لاعتمادها على منوال التنمية القديم القائم على الأيدي العاملة الرخيصة وغياب الفمية المضافة، في ظل غياب منظور تنموي شامل يقوم على تشجيع الاستثمار، بحسب خبيرين اقتصاديين، اعتبر أحدهما أن "تونس بحاجة إلى ثورة اقتصادية بمعناها الإيجابي".

 

وفي الربع الثالث من 2016، ارتفعت نسبة البطالة في تونس إلى 15.5% مقابل 13.0% عام 2010، وهو العام الذي شهد الشهر الأخير منه بداية الثورة على بن علي (1987: 2011).

 

وما تزال الجهات الداخلية (المحافظات بعيدا عن العاصمة) تعاني التهميش والفقر وغياب البنية التحتية الضرورية لجذب الاستثمارات؛ ما جعل العديد من المحافظات تنتفض مراراً للمطالبة بـ"التشغيل والتنمية الجهوية".

 

الانتقال الاقتصادي

 

الاستشاري في مجال الاستثمار، محمد الصادق جبنون، قال إن "الانتقال الاقتصادي في تونس لم يتمّ بعد، وحتى الانتقال السياسي ما يزال محدوداً وعلى المحك، بحكم عدم تحقيق الانتقال الاقتصادي، وعدم تغيير منوال التنمية القائم على الأيدي العاملة الرخيصة وغياب القيمة المضافة".

 

"جبنون" تابع في حديث للأناضول، أن "المواطن التونسي هو الذي يدفع فاتورة غياب رؤية اقتصادية، عبر الارتفاع الشديد لتكاليف الحياة، وضعف المقدرة الشرائية، وغياب فرص التشغيل الحقيقية في قطاعات رئيسية، مثل الصناعة والفلاحة".

 

في المقابل، رأى الخبير أن "تونس في حاجة إلى انتقال اقتصادي ينقلها إلى القيمة المضافة على جميع الأصعدة، حتى يكون الاقتصاد دافعاً للرقي الاجتماعي، وهذا الأمر ما يزال غائباً بعد ست سنوات من ثورة 2011، فالثورة الاقتصادية بالمعنى الإيجابي للكلمة لم تقع بعد".

 

تشجيع الاستثمار

 

"نسبة البطالة مرتبطة أساسا بالنمو الاقتصادي"، هكذا بدأ الخبير الاقتصادي، رضا الشكندالي، عرض قراءته للمشهد الاقتصادي في تونس.

 

الشكندالي، قال إنه "مع تقهقر نسبة النمو هناك تقريباً استقرار في نسبة البطالة بين 15.4% و15.5%.. التحوّل الكبير جاء على مستوى نسبة بطالة أصحاب الشهادات العليا (خريجو الجامعات) التي زادت بصفة كبيرة، وخاصّة لدى النساء".

 

نسبة البطالة بين حاملي الشهادات الدراسية العليا في تونس تقدر بـ 31.9%، أي 267.7 ألف عاطل بين 630 ألف عاطل عن العمل.

 

ارتفاع نسبة البطالة بين خريجي الجامعات يعود، وفق الخبير الاقتصادي، إلى أن "المنوال الاقتصادي، الذي يُطبّق قديم، الذي يقوم على العمالة غير الكفؤة، وليس منوال اقتصادي يقوم على الاستثمار في القطاعات ذات المحتوى المعرفي المرتفع، كما يوجد في الوثيقة التوجيهية (رسمية) للفترة الخماسية 2016/2020، وهو ما يعكس الاستمرار في النهج القديم الذي يشغّل اليد العاملة الرخيصة".

 

منتقداً الأداء الحكومي، اعتبر الشكندالي أن "الإجراءات التي اتخذتها الحكومات التونسية المتعاقبة غير واضحة ولا تنضوي في إطار منوال تنموي شامل.. الإجراءات الجديدة التي اتخذتها حكومة يوسف الشاهد تتلخص في قانون المالية لسنة 2017، وخاصة المتعلقة بتوقف الانتدابات (التوظيف) في القطاع العام".

 

الشكندالي أضاف أن توقف مثل هذه الانتدابات "كان يجب أن يرافقه تشجيع على الانتداب في القطاع الخاص عبر إقرار تحفيزات وتشجيعات، لكن ما وقع العكس تماما، باعتبار أن هناك العديد من الإجراءات غير المشجعة للقطاع الخاص، وهو ما يزيد من مخاوف المستثمرين عامة.

 

فترة الانتقال الديمقراطي

 

وبشأن طول مرحلة الانتقال الديمقراطي في تونس، اعتبر الشكندالي أن "قِصر أو طول الفترة الانتقالية مرتبط بالمعطيات الخارجية والداخلية.

 

وزاد: "خارجيا، يوجد استعداد دولي لمساعدة الانتقال الديمقراطي في تونس، وهو ما برز من خلال مؤتمر الاستثمار (تونس 2020)، وكذلك الانخفاض في سعر البترول، ولكن لم تكن له نتائج إيجابية في تونس".

 

وعن المعطيات الداخلية، قال إن "الاحتجاجات الداخلية المتواصلة، وغياب النية في تفعيل حوار جدّي وتوافق بين مختلف الأطراف، كلها عوامل لا تشجع على تقصير مدة الانتقال الديمقراطي".

 

وخلال السنوات الست الماضية، شهدت نسبة النمو في تونس تذبذبا، إذ تراجعت إلى 0.8% عام 2015، ويتوقع أن تبلغ 1.5% في كامل عام 2016، وحسب قانون المالية لعام 2017، متوقع أن تبلغ نسبة النمو 2.5% في العام الحالي.

 

وعرف القطاع السياحي تراجعاً ملحوظاً في السنوات الست الأخيرة؛ بسبب هشاشة الوضع الأمني والعمليات الإرهابية التي عرفتها تونس، لاسيما عام 2015، وتراجعت عائدات السياحية بنسبة 7.1% في أكتوبر الماضي على أساس سنوي.

 

وعلى مستوى الدين العام، بلغ في عام 2010 نحو 40.3% من إجمالي الناتج المحلي، ويتوقع أن تبلغ 63.8% العام الجاري، وفق أرقام رسمية.

 

كذلك، من المتوقع ارتفاع الدين الخارجي من 60.6% من إجمالي الدخل الوطني عام 2010، إلى 67% في العام الحالي.

اعلان