بعد حكم «تيران وصنافير».. الحكومة في مرمى المادة 77 من قانون العقوبات
اختلف خبراء دستوريون، حول مدى تطابق المادة 77 من قانون العقوبات، على حكومة المهندس شريف إسماعيل، بعد حكم المحكمة اﻹدارية العليا، أمس اﻹثنين، برفض طعن الحكومة على حكم القضاء اﻹداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، بما تقضي بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للأخيرة.
وتنص المادة 77 الفقرة "أ" من قانون العقوبات على"يُعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا، فعلا يؤدي إلى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها"، كما تنص الفقرة " ه" من نفس المادة على " يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أخرى في شأن من شئون الدولة ضد مصلحتها".
ورأى خبراء، انطباق نص المادة 77 على الحكومة بعد موقفها من التنازل عن تيران وصنافير، وآخرون اعتبروا أنه لا تنطبق لناحية احترامها الحكم وإغلاق الملف فهنا لا تقع عليها المحاسبة.
وكانت المحكمة الإدارية العيا، قد رفضت الطعن المقدم من الحكومة على حكم القضاء الإداري، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود المعروفة إعلامياً بـ" تيران وصنافير"، والتأكيد على مصريتها.
المحاكمة واجبة
الدكتور فؤاد عبدالنبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، أكد أن حكم الإدارية العليا وضع الحكومة المصرية تحت طائلة المساءلة القانونية والدستورية، وفقاً للقانون 94 الذي أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي لسنة 2015 بأنه "يُعد إرهابياً كل من يُعطل أحكام الدستور والقانون"، وهذا ينطبق على الحكومة بتوقيعها للاتفاقية وإرسالها للبرلمان رغم حكم القضاء الإداري ببطلانها.
وأضاف عبدالنبي، لـ" مصر العربية"، أن الحكومة أيضًا تخضع للمساءلة الجنائية وفقًا للمادة 5 من قانون محاكمة الوزراء رقم 76 لسنة 1958، وكذلك المادة 77 من قانون العقوبات رقم 78 لسنة 1937؛ لتعمد الإضرار بالمصالح الوطنية، والتنازل عن جزء من أرض ثبت مصريتها بحكم قضائي.
حالة واحدة فقط
ومن جانبه، أوضح المستشار عادل فرغلي، رئيس محكمة القضاء الإداري الأسبق، أن الحكومة مُعرضة للوقوع تحت طائلة المادة 77 من قانون العقوبات، في حالة واحدة وهى عدم تنفيذ الحكم، والإصرار على إبرام الاتفاقية.
وأضاف فرغلي، لـ" مصر العربية"، أنه طالما بقيت الاتفاقية مُجرد تعهدات على ورق، ولم تُسلم الجزيرتين بالفعل للسعودية، تكون الحكومة مُحصنة من عقوبات المادة 77، مُشيراً إلى أن حكم اﻹدارية العليا بات ونهائي، ويجب على الحكومة الالتزام به.
لا عقوبة
وعلى الجانب الآخر، شدد الدكتور صلاح فوزي، عضو لجنة الإصلاح التشريعي، على عدم تعرض الحكومة للمساءلة القانونية، عقب رفض الإدارية العليا لطعنها على بطلان اتفاقية تيران وصنافير، ولا ينطبق عليها نص المادة 77 من قانون العقوبات.
وأضاف فوزي، لـ" مصر العربية"، أن توقيع الحكومة للاتفاقية، يُعد خطأ مرفقي وليس شخصي، الأمر الذي يعني مسئولية الدولة بأكملها، كما أن الدولة وقعت الاتفاقية فقط ولم تُسلم الجزيرتين للسعودية.
وتابع: "لدينا حكمين متعارضين بشأن تيران وصنافير، الأول من الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، والثاني الذي صدر أمس الإثنين من الإدارية العليا برفض طعن الحكومة على بطلان الاتفاقية".
وأشاتر إلى أنه أنه نتيجة للحكمين المتعارضين، يتبقى جولة أخرى لدى المحكمة الدستورية، التي – حسب قوله- هى التي ستفصل في الأمر نهائياً وتُرجح أي من الحكمين.
أما الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي، قال إن هناك إمكانية لمعاقبة المُعدين للاتفاقية، بعد حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلانها، وذلك من خلال تقديم بلاغات للنيابة العامة للتحقيق معهم في تلك الواقعة.
وأضاف الإسلامبولي لـ" مصر العربية"، أن العقوبة واضحة لهؤلاء كما نص قانون العقوبات في مادته "77" الفقرة "ه" :"يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أخرى في شأن من شئون الدولة ضد مصلحتها".
مشاورات للمقاضاة
وبالنسبة لموقف جبهة الدفاع عن الأرض، أوضح أحد أعضائها السفير معصوم مرزوق، أنهم يبحثون حالياً التقدم ببلاغ للنائب العام ضد مجلس الوزراء؛ لتنفيذ المادة 77 من قانون العقوبات بشأنهم، والتي تنص على " معاقبة كل مَن يتعمد الإضرار بمصلحة الدولة"، مُشيراً إلى أن إرسال الحكومة الاتفاقية للبرلمان قبل الحكم الأخير يؤكد عدم وجود حسن النية لديها.
وأضاف مرزوق لـ" مصر العربية"، أن الحكومة وفقاً للمادة 77 من قانون العقوبات مُعرضة للحكم على أفرادها بالإعدام؛ لأنها تعمدت الإضرار بمصلحة الدولة وكذلك عادت الأحكام القضائية.