في المجموعة الاقتصادية
الاستثمار" أولى الراحلين.. وخبراء: التعديل الوزاري "ترقيع" لإلهاء الشعب
شهدت الفترة التي تولت فيها حكومة شريف إسماعيل مسؤولية اقتصاد البلاد "صدمات اقتصادية عنيفة"، بحسب مراقبين، فيما يرى خبراء أن الأزمات الاقتصادية المتراكمة لمصر من شأنها أن تجهز على أية حكومة.
وخلال تولي شريف إسماعيل رئاسة الوزراء، التي تربو على سنة و3 أشهر، تراجعت معدلات السياحة، وتراجع دخل قناة السويس، وارتفع التضخم بمعدلات قاربت 24% إثر القرارات الاقتصادية الأخيرة، بالإضافة إلى عدد من المؤشرات التي يصفها الخبراء بـ"السلبية".
وقرر البنك المركزي في 3 نوفمبر الماضي تحرير سعر صرف الجنيه المصري، فيما أتبعت الحكومة إجراء المركزي برفع أسعار المحروقات في الليلية نفسها، ما نتج عنه ارتفاعا في أسعار السلع المستوردة خصوصا وارتفاعا عاما في الأسعار ما وضع المواطنين تحت ضغط اقتصادي، وفي وقت لاحق من الشهر ذاته أبدت الحكومة تقديرا للمواطنين لتحمل الارتفاعات في الأسعار.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العاملة والإحصاء، أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين بلغ 218.1 لشهر ديسمبر 2016 مسجلا ارتفاعا قدره "3.4 بالمئة" عن شهر نوفمبر 2016.
وأشار الجهاز المركزي للتعبئة العاملة واﻹحصاء، في بيان له، أن معدل التضخم السنوي سجل 24.3% لشهر ديسمبر 2016 مقارنة بشهر ديسمبر 2015، مرتفعًا من 20.2% في نوفمبر 2016، حيث سجل بذلك أعلى مستوى منذ أغسطس 2008، متخطيا بذلك نسبة 25%.
ومن جانبه، أعلن البنك المركزي المصري، أن معدل التضخم الأساسي السنوي قفز إلى 25.86% في ديسمبر الماضي من 20.733% في نوفمبر.
وتباينت آراء خبراء الاقتصاد حول التعديل المرتقب الذي طالب الكثير بضرورة حدوثه في أقرب وقت ممكن، واتفق البعض على ضرورة أن يشمل التغيير قطاعات معينة، كما اختلفت آراؤهم حول بعض القطاعات الأخرى.
ودعا الخبير الاقتصادي رشاد عبده، إلى أن يكون التعديل في تشكيل الحكومة موسعا، دون أن يقتصر على عدد قليل من الوزراء، الذين وصفهم بـ"المقصرين".
وأضاف "عبده" في تصريحاته لـ"مصر العربية" أن التعديل الوزراي الجديد لابد أن يطيح بالمجموعة الاقتصادية الموجودة حاليا بشكل كامل ، مستثنيا وزير التخطيط أشرف العربي، ووزيري الكهرباء الدكتور محمد شاكر، والبترول المهندس طارق الملا.
ولفت إلى أن أبرز الوزارات التي كان من المفترض أن يشملها التغيير منذ فترة تتمثل في وزارة الزراعة و التموين والسياحة والتجارة والصناعة والاستثمار والصحة، مؤكدا أن تلك القطاعات لاقت تدهورا غير مسبوق من قبل في تلك الفترة.
وتتجه أبرز تكهنات وتوقعات خبراء الاقتصاد، حول التغيير الوزاري المرتقب، إلى أن وزارتي الاستثمار والصحة سيكون على رأس قائمة التغييرات الوزراية المنتظرة.
وذكرعدد من رجال الاقتصاد في تصريحات لـ"مصر العربية" أنه بتحليل أداء تلك الوزارتين خلال الفترة الماضية، تم الكشف عن عدم تحقيق كفاءة مطلوبة في إدارة تلك القطاعات، مما يستدعي التوقع بصعوبة استمرارهما خلال التغيير الوزراي الجديد.
ورأت المصادر، أن وزارة الاستثمار غلب عليها طابع التخبط وبطئ اتخاذ القرارات، وشابهتها أيضا وزارة الصحة خاصة فيما يخص أزمة شركات الدواء مع ارتفاع تكاليف الانتاج بعد تعويم الجنيه، والاتجاه لرفع الأسعار على المستهلكين.
واتضح التخبط داخل الصحة بعد تأكيد وزيرها أحمد عماد، مرارا استحالة التفكير في رفع أسعار الدواء؛ حماية لمحدودي الدخل وغير القادرين من المرضى، وبعد أسابيع قليلة خرج معلنا عن مفاوضاته مع شركات الدواء لدراسة آليات رفع الأسعار تحقيقا لمطالبهم.
وحول أبرز الوزراء المتوقع بقائها في ضوء تحليل أدائها الفترة الماضية، جاء المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة ليكون من أكثر الوزراء الآمنين من مطاردة التغيير الوزاري هذه المرة.
وأرجع الخبراء السبب وراء ذلك إلى نشاطه الملحوظ وإنجازه للعديد من المهام في ملفات مهمة للصناعة الوطنية، والتي يعد من أبرزها بدء الخطوات الفعلية لنقل مدابغ مصر القديمة لمدينة الروبيكي الصناعية ببدر، وذلك بعد تأخير في إنجاز المشروع بلغت مدته نحو 13 عاما، كذلك مبادرة مصنعك بتراخيصه والتي لاقت قبولا وترحابا كبيرين من جانب المستثمرين خاصة الشباب منهم، حيث ظهر هذا المشروع ليمد يد العون لفئة من المستثمرين كانت مهملة وغير معتد بها في السابق.
وصنفت وزارة المالية ضمن الوزارات التي رجح البعض استمرارها في التغيير المقبل، مرجعين ذلك إلي أن وزيرها أجاد بشكل كبير المرحلة الماضية، ما يمهد له الاستمرار لمرحلة جديدة في الحكومة.
ويري رجال الاقتصاد، أن التغيير الوزراي في مصر دائما ما يأتي عكس كل التوقعات والتكهنات، ويفاجأ الجميع ببقاء أسماء وزارية لم يكن مرحب ببقائها، في حين يتم ترحيل آخرين أكثر كفاءة.
ومن جانب آخر، اقترح الدكتور أسامة عبد المنعم خبير التنمية المحلية، ضرورة دمج عدد من الوزارات من أجل ضمان الكفاءة في العمل وسرعة الإنجاز بين الوزارات، مؤكدا أن ذلك القرار يترتب عليه توفير فى المصروفات الباهظة التي تنفقها الوزارات المختلفة.
وأضاف "عبدالمنعم" أن العديد من الوزارات مرتبطة ببعضها ولا يجب تفتيتها وسيفيد عمل الحكومة أكثر من توفير النفقات.
وقال أسامة عبد المنعم، أن دمج العديد من الوزارات يؤدي إلي معالجة بطء تنفيذ الكثير من الخطط التنموية، كما أنه يساهم في توفير رؤى متقاربة لحل المشكلات القائمة بشكل سريع ومنطقى دون أن تغرد كل وزارة فى سرب بعيدا عن الأخرى، بحسب وصفه.
وأضاف خبير التنمية المحلية، أن بعض الوزارات لم تحقق ما يتطلع إليه الرئيس عبد الفتاح السيسى وتنفيذ خطة التنمية التى تستهدفها الدولة، مشيرا إلى أن بعض الوزارات قصرت فى أداء دورها المطلوب مها.
ورأي عبدالمنعم ضرورة تقليص عدد الوزارات حتي يصبح عددها21 وزارة بدلا من 34 متمثلين في وزارة الدفاع والإنتاج الحربى، وزارة الأمن الداخلى "الداخلية"، ووزارة الشؤن الخارجية والهجرة، أو المصريين بالخارج، "وزارة الخارجية والمصريين بالخارج"، ووزارة المالية والشؤون الإقتصادية، ووزارة الزراعة والموارد المائية والرى، وزارة التعليم و الثقافة، ووزارة الصناعة والثروة المعدنية والتجارة الخارجية، ووزارة الطاقة والمياه، ووزارة الإتصالات والنقل.
كما اقترح دمج وزارة السياحة والآثار والطيران المدنىفي وزارة واحدة، ووزارة العمل والخدمة المدنية، ووزارة التخطيط والتعاون الدولى، ووزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية والمرافق، ووزارة التنمية البشرية والتوظيف "وزارة مستحدثة"، ووزارة العدل والشؤون القانونية والنيابية، ووزارة الشباب و الرياضة، ووزارة الإستثمار و المشروعات الصغيرة، ووزارة التموين والتجارة الداخلية، ووزارة الرعاية الإجتماعية والتضامن، ووزارة الصحة والسكان والبيئة، ووزارة المحليات.
وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ أيام خلال لقائه برؤساء الصحف القومية عن تعديل وزاري موسع قادم في الطريق إلى طرحه وتنفيذه بشكل موسع، مرجعا السبب إلى أن الوضع الاقتصادي الحالي يحتاج إلى كفاءات عالية للتعامل مع الأزمات الإقتصادية العصيبة التي تشهدها.