وفقا لتوصيات مؤتمر شرم الشيخ..
كيف يحقق السيسي التنمية في سيناء؟
اختتم الرئيس عبد الفتاح السيسي، السبت الماضي، فعاليات المؤتمر الوطني للشباب الذي انعقد على مدار يومين بمدينة أسوان، بحضور رئيس البرلمان ورئيس مجلس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي والعديد من الوزراء وكبار المسؤولين.
وجاء انعقاد المؤتمر بأسوان في إطار توصيات الرئيس الأخيرة بتنمية الصعيد على هامش المؤتمر الوطني الأول للشباب الذي انعقد بشرم الشيخ، في 25 أكتوبر الماضي على مدار ثلاثة أيام، الذي اختتمه بعدة توصيات من بينها تنمية سيناء إلى جانب الصعيد، وتشكيل لجنة وطنية من الشباب بإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية، تقــوم بإجـراء فحــص شامــل ومراجعة لموقف المحبوسين على ذمة قضايا، مطالبا بوضع آلية لتنفيذ هذه التوصيات.
وبالتزامن مع المطالبة بتنمية سيناء، قرر اللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية ، في 21 يناير الجاري، إنشاء سجن مركزي بمدينة الطور بمحافظة جنوب سيناء، وسيكون السجن مخصصا للمتهمين الصادر بحقهم أحكام قضائية في نطاق المحافظة.
عقد مؤتمر الشباب في أسوان، يفتح باب الحديث أمام كيفية تحقيق السيسي التنمية في سيناء خلال الفترة المقبلة؟
التنمية "أحلام ليل"
وقال الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، إن الحديث عن تنمية سيناء مثل "أحلام ليل" – على حد وصفه-، فالخطاب السياسي القائم على تنمية سيناء يتناقض تماما مع قرارات الرئيس فلا يوجد علاقة بين القول والفعل من الناحية العملية خاصة عقب القرارات الأخيرة بتحجيم الدخول لها.
وأضاف دراج لـ"مصر العربية"، أن القرارات الأخيرة لدخول سيناء لن تحقق التنمية إلا إذا كانت ستتحقق عن طريق القوات المسلحة، منوها إلى عدم القدرة على تحقيقها التنمية، في الوقت الذي تشهده من هجمات وانفجارات من قبل العناصر الإرهابية بين الحين والآخر.
وتابع: "الحديث عن تنمية سيناء عملية أشبه بالبيروقراطية الخاصة اللي هو هنعمل وهنعمل ومفيش حاجة، وغالبا كله كلام ومن أول ما جاء الرئيس وهو بيتكلم على التنمية ومش بنشوف حاجة"، متعجبا: "الإسرائيليون مصرح لهم دخول سيناء أكثر من أبنائها المفترض إن هم اللي هينموها".
وأشار إلى أن عملية التنمية ليست مبنية على دراسة أو علم أو تصورات شخصية خاصة وأن الرئيس لم يحدد نوع التنمية "اقتصادية، صناعية، زراعية"، ولم يحدد المدة الزمنية التي سينتهي منها أوالإمكانيات المتاحة أمامه، لافتا إلى أن الدخول بتصريح لحماية البلاد "مبررات أمنية" لن تصلح لعلاج قضية الإرهاب.
ولفت إلى أن الحديث عن غلق سيناء لمعالجة الإرهاب "كلام مغلوط"، بل يجب فتح المجال أمام الأهالي والاستماع إلى مشاكلهم، مشيرا إلى أن محاربة الإرهاب يتم من خلال وسائل سياسية واقتصادية واجتماعية بدلا من الاعتماد على الجانب الأمني فقط .
واستطرد دراج: "الدولة ماشية بالعشوائية والعبث، وفاشلة إداريا في حل الأزمات والتي كان آخرها مقتل 10 من أبناء مدينة العريش وإعلان أهاليهم بأن 6 من أبنائهم كانوا محتجزين لدى الداخلية"، لافتا إلى أن الدولة حتى الآن لم تفتح تحقيقا عاجلا في الموضوع ليعرف الأهالي الحقيقة ومحاسبة كل مخطيء بل اعتمدت على فكرة التجاهل التي تعد أصيلة في النظام السياسي.
ورأى أن التجاهل من قبل النظام متعمدا مثلما فعل مع "أزمة ريجيني، وتيران وصنافير، وقضية نقابة الصحفيين" ، ولكنه خطأ جسيم لابد من إيجاد تفسير لكل من هذه الوقائع بدلا من تجاهلها فالنظام يورط نفسه ومن لم يتعلم من أخطاء الماضي فعليه أن يتحمل ما يحدث له.
التدقيق وليس التضييق
وفي السياق ذاته، قال حسام رفاعي، النائب عن مدينة العريش، إن نواب شمال وجنوب سيناء رفضوا دخول الإجراءات الأخيرة لدخول سيناء، وتقدموا بطلب إلى رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال والذي نفته الحكومة المصرية تماما مؤكدة أنها لم تمنع أحد من دخول سيناء.
وأضاف رفاعي لـ"مصر العربية"، أن الأهالي يرددون فيما بينهم عن بعض الحالات التي منعتهم قوات الأمن من دخول شمال سيناء لمجرد أن بطاقتهم من محافظة أخرى، ولكن لم تأت له شكوى رسمية بخصوص هذه الحالات.
وطالب الأهالي في حالة حدوث منعهم من الدخول عليهم التقدم بشكوى إليه لتتيح له فرصة التحرك في نطاق رسمي وتقديم شكوى لمجلس النواب ووزير الداخلية.
وأشار إلى أنه ضد هذا الإجراء فالدستور المصري يكفل لكل مواطن حرية التنقل بين محافظة وأخرى داخل بلده دون قيود أو شروط، لافتا إلى أنه مع التدقيق في الإجراءات الأمنية وليس التضييق.
وأوضح أن موضوع تنمية سيناء قديم وسبق أن التقى نواب شمال وجنوب سيناء بوزيرة التعاون الدولي سحر نصر؛ لعرض خطط بخصوص التنمية في سيناء، وأنه اعترض وقتها على كافة المخططات لأنها تستهدف مناطق بعيدة عن سيناء ومن بينهم: "جنوب سيناء، شرق التفريعة، محور قناة السويس، و3 تجمعات بوسط سيناء وأخرى بمنطقة بالوظة"، وأن التجمعات عبارة عن ألف فدان ومسكن ولم تضم منطقتي رفح والشيخ زويد.
وأكد رفاعي أنه لا تنمية ولا استثمار بدون أمن وجميعهم مرتبطين ببعض، ولكن يجب أن تتضمن منظومة التنمية شبة جزيرة سيناء بأكملها، لافتا إلى أن تنمية سيناء تأتي من خلال تنفيذ أفكار على أرض الواقع وليس من على مكاتب بمصر وأن أساس التنمية في سيناء الزراعة وإيصال مياه النيل لأراضي سيناء قبل الصناعة وإنشاء الجامعات.
حرية التنقل مكفولة
وقال النائب سلامة الرقيعي، إن حرية التنقل مكفولة للجميع وفقا للدستور ويجب إعادة النظر في الإجراءات الاحترازية والاعتماد على الإجراءات الحديثة مثل التفتيش بأجهزة حديثة، والكشف عن الهوية من خلال أجهزة الكمبيوتر دون الانتظار لمدة طويلة.
ورأى الرقيعي، أن الإجراءات الأمنية ستؤدي إلى إرجاء عملية التنمية ويجب ألا تستمر طوال الوقت، فالإجراءات الاحترازية ستؤدي إلى العزلة المنطقة معزولة وبالتالي ستمنع أي مستثمر من القدوم لسيناء من أجل إقامة مشروعات تنموية.
وحول الأزمة الأخيرة التي تعرضت لها مدينة العريش، علق الرقيعي خلال حديثه لـ"مصر العربية" قائلا: "إنه يجب التحقيق في الواقع لإيضاح مصدر الخطأ ومحاسبة كل من أخطأ وتدارك هذه الأخطاء في المستقبل، لافتا إلى أن نواب شمال سيناء تقدموا ببيان للمجلس للبت في الأمر، خاصة وأن مسألة التحقيق تحتاج إلى طرف محايد لأن كل طرف متمسك بأقواله".
الإجراءات في حدود المعقول
وقال النائب غريب أحمد، عن جنوب سيناء، إن هناك خطأ في الإجراءات التي فرضت الفترة الأخيرة لدخول سيناء ولابد من وجود قرار حاسم يتيح حرية التنقل داخل المحافظات كما نص الدستور، مشيرا إلى أن هذه الإجراءت ستؤثر على عملية التنمية وستجعل سيناء منطقة طاردة للمستثمرين.
وأضاف أحمد خلال حديثه لـ"مصر العربية"، أنه يتفق مع أي إجراءات أمنية ولكن في حدود المعقول، ويؤيد حالة الطواريء ولكن ليس باستمرار، فالإرهاب معروف مكانه في منطقة الشيخ زويد والحدود مع إسرائيل – على حد قوله- ويجب التركيز على هذه المناطق وأن يوجد تواصل جيد بين الأمن والأهالي.
ورأى أن سيناء في الوقت الحالي وبالأخص الجنوب في ظل عدم وجود السياحة، أصبحت تعتمد على السياحة الداخلية وأن هذه الإجراءات ستؤثر على السياحة الداخلية، متسائلا: "الناس في الإجازة لما تفكر تنزل شرم الشيخ هتحجز قبلها إزاي وأمتى؟".
وفيما يتعلق بإنشاء سجن مركزي بمنطقة الطور، علق نائب جنوب سيناء، قائلا: "إن إنشاء سجن بالطور ليس له علاقة بالتنمية ولن يؤثر عليها، وأنه جاء بعد مطالبة الأهالي بإنشائه لوضع سكان المنطقة به بدلا من التنقل إلى محافظات أخرى في المنيا والإسكندرية والقاهرة".
حالة إحباط
وبحسب أحد المشاركين في المؤتمر الوطني الأول للشباب، قال وليد فهمي، إن إغلاق الطرق والدخول والخروج بتصريح سيعرقل عملية التنمية والوضع في سيناء لايتحمل، لافتا إلى أنه لتحقيق التنمية ستحتاج المنطقة للعمل عليها كثيرا ووقت طويل لإنجازها.
ورأى فهمي - أحد سكان العريش-، خلال حديثه لـ"مصر العربية"، أنه منذ الإعلان الحرب على الإرهاب الوضع في شمال سيناء لم يتغير ومازال يسقط جرحى أو قتلى من المدنيين أو العسكريين، مشيرا إلى أن الأهالي أصابتهم حالة من اليأس والإحباط بسبب سوء الأوضاع وكثرة الأكمنة على الطريق والانتظار لساعات طويلة على المعديات.
التنمية موجودة
وعلى جانب آخر، قال النائب محمد أبو المجد، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، إن التنمية في سيناء موجودة سواء شمالا أو جنوبا، وأنه في الفترة الأخيرة تم إنشاء مدارس وأحواض مزارع سمكية، واستصلاح أراضي زراعية.
وأضاف أبو المجد لـ"مصر العربية"، أن نواب شمال وجنوب سيناء داخل البرلمان طالبوا بإعادة النظر في الإجراءات الأمنية لدخول سيناء، لافتا إلى أن هذه الإجراءت لا تعوق عملية التنمية وأن حالات الطواريء ستظل مستمرة لمدة معينة لحين القضاء على الإرهاب تماما.
واستطرد: "أنه لولا وجود الكمائن على الطرقات وداخل المدينة لما كانت الأجهزة الأمنية استطاعت ضبط الأطنان من المتفجرات، كما أعلن الرئيس في خطابه الأخير أثناء الاحتفال بعيد الشرطة في 25 يناير الجاري".