في حوار لـ "مصر العربية"
هيثم الحريري: تيران وصنافير قبلة الحياة للبرلمان ..ورئيس المجلس يقمع المعارضة
- الأغلبية البرلمانية زايدت على الحكومة بقانون أشد سوء للجمعيات الأهلية
- عندما نشعر أن استقالتنا ستكون أفضل للشعب حنأخد القرار دون تردد.
- مصر لن تكون أد الدنيا إلا بعد منع الأجهزة الأمنية من التدخل في العمل السياسي
- تيران وصنافير مصرية قبل أن يكون هناك دولة أسمها السعودية
فتح النائب هيثم الحريري، عدداً من القضايا الهامة التي تشغل بال المواطنين وعلى رأسها قضية تيران وصنافير، وأداء الحكومة، ومدى ممارسة مجلس النواب لدوره الرقابي والتشريعي، إلى جانب تأثير وجود ائتلاف دعم مصر وسيطرته داخل البرلمان.
وقال الحريري، خلال حواره لـ "مصر العربية"، إنه لابد من فتح المجال العام، ورفع يد الأمن عن الأحزاب والإعلام، لافتا إلى أن التنازل عن جزء من الأرض المصرية جريمة تستوجب العقاب. وإلى نص الحوار.
ما تفسيرك للإصرار الحكومي على تنفيذ اتفاقية تيران وصنافير رغم الأحكام القضائية؟
في رأيي الشخصي بدأت القضية بداية خاطئة، في قول رئيس الجمهورية فجأة إن جزء من الأرض المصرية التي تربينا داخلها أرض غير مصرية، وكنا نتمنى أن يكون هذا الأمر معروف منذ البداية، في وجود مناقشات حول الجزر ومن لديه مستندات يتقدم بها ليؤكد أنها أرض مصرية، لكن أن تقول السلطة التنفيذية فجأة إن الجزر سعودية هذا بالنسبة إلي محل إدانة سياسية.
حتى المسارات الأخرى التي شهدتها القضية كانت خاطئة، بأن تخفي الحكومة الاتفاقية لمدة 8 أشهر عن مجلس النواب، المخول وفقا للدستور بقبول أو رفض تلك الاتفاقيات، وأصبح هناك مواطنون شرفاء استخدموا حقهم الدستوري في رفع قضية لإبطال الاتفاقية، ثم تأتي الحكومة وتعرض الاتفاقية على مجلس النواب بما يشكل عدم احترام لأحكام القضاء.
بصرف النظر عن فحوى الاتفاقية فنحن في مجلس النواب كانت وجهة نظرنا أن هناك حكم قضائي يجب أن نحترمه بشكل كامل، وهذه القضية ليست سياسية ولا يمكن الاختلاف عليها داخل البرلمان سواء كنا أغلبية أو معارضة، لأنها قضية وطنية ونحن لا نشكك في وطنية الأخرين، لكن علينا جميعا أن نلتزم بالقسم الدستوري في الحفاظ على وحدة وسلامة ومصلحة الوطن.
وأتمنى من النظام السياسي أن ينظر ويستشعر الغضب الشعبي تجاه هذه الاتفاقية و أن يعلم أن هذه الاتفاقية ربما تكون القشة التي قسمت ظهر البعير.
كيف يتم التعامل مع منطق الحكومة في تمرير الاتفاقية بدعوى وجود وثائق تفيد سعودية الجزيرتين؟
لا يوجد منطق في هذه الحالة، هذا الأمر خيانة ﻷنه لأي سبب من الأسباب لا يمكن أن يبرر التنازل عن الأرض بدعوى وجود ظروف اقتصادية صعبة، هذا الأمر عند الفلاحين عار وخيانة، ومهما كانت ظروفنا الاقتصادية لا يمكن أن يكون الحل بالتنازل عن الجزر، ولكن الأزمة أنه حينما نتحدث عن الخيانة العظمى لرئيس الجمهورية في مجلس النواب فهذا الأمر يحتاج إلى موافقة ثلثي الأعضاء، وكذلك التجربة التي خضناها لإسقاط عضوية أحد الأعضاء، متسائلا: أيهما أكثر قيمة وأهمية إسقاط العضوية عن نائب أو إسقاط العضوية عن الأرض المصرية؟
ليست مغالاة في القول إن هذه الأرض ليست مملكومة للمصريين الذين على متنها الأن ولكنها ملك للأجيال القادمة أيضا، وسوف نكون موصومين بعار لا يمكن أن يمحى أبدا إذا جاءت الأجيال القادمة، وما يحدث من المجلس خلال دور الانعقاد الأول أو الثاني الشارع المصري رافض له.
هل النواب المعارضين للاتفاقية هدفهم الشو أم أن هناك كتلة كبيرة داخل المجلس معارضة للاتفاقية؟
ما لمسته خلال الأيام الماضية، هو أن الغالبية من النواب ضد دخول الاتفاقية أصلا للبرلمان ، وهم منقسمين إلى وجهتي نظر، الأولى متمسكة تمسك كامل بمصرية الجزيرتين ومنها تكتل 25-30، ووجهة نظر أخرى تدعو للالتزام الكامل بأحكام القضاء، وكانت ترى أن دخول الاتفاقية إلى البرلمان قبل حكم المحكمة الإدارية العليا، عدم احترام لأحكام القضاء.
دائما ما يتم وصف مجلس النواب بأنه تابع للسلطة التنفيذية، كيف ترى هذا الأمر؟
لا يمكن فصل وجهة نظرنا عن المجلس عن انطباع المواطن، وبما أن المواطن غير راضي عن أداء المجلس والوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وهذا جزء من موقفنا داخل المجلس، وتم ترجمته من خلال مواقفنا من القوانين منذ اليوم الأول للبرلمان بما فيها القوانين التي أصدرها الرئيس قبل البرلمان والتي لم تحارب الفساد كما تروج الدولة، ومحاربة الفساد يبدأ من تنقية القوانين التي تشرع لهذا الفساد، ثم محاربة الفساد على كافة المستويات وليس بشكل انتقائي.
وإذا تحدثنا عن الموازنة العامة للدولة كان يوجد شبهة عدم دستورية فيما يتعلق بموازنة التعليم والصحة ونحن في أي موضوع مناقشة تتعلق بالصحة والتعليم ندين أنفسنا ﻷن البرلمان هو من أقر تلك الموازنة التي لن تبني تعليم ولا صحة، وأنا متضامن تضامن كامل مع المواطنين.
الناس ترى في الشارع أن المجلس هو مجلس الحكومة وليس الحكومة حكومة المجلس، وهذا الأمر لم يأتي من التبعية لكنها من أن الحكومة الموجودة سياسيا وأمنيا واقتصاديا متوافقة مع توجه ائتلاف الأغلبية "دعم مصر"، النابع من قائمة "حب مصر"، وأثير حوله علامات استفهام كثيرة حول كيفية تشكيله وهل كان للمؤسسات الأمنية دور في تشكيله أم لا.
الأغلبية لم ترفض ما قدمته الحكومة من قوانين، بل بالعكس في قانون الجمعيات الأهلية الأغلبية البرلمانية زايدت على الحكومة وأتت بقانون أسوأ من قانون الحكومة، لهذا قلت إن موقف المجلس من اتفاقية تيران وصنافير لن يكون شهادة ميلاد جديدة، بل يمكن أن يكون قبلة الحياة للبرلمان، ولا يمكن التحميل على المواطن بتوقع أنه سوف يتحمل إلى ما لانهاية.
المسئولية الأولى تقع على مجلس النواب وفقا للسلطات التي منحها له الدستور، والذي يحق له وقف السلطة التنفيذية أو تغييرها، ويفعل ما يشاء ليعدل من الوضع الاقتصادي، لكن في الحقيقة نحن نسير في سكة غلط، وليس هذا هو الاستقرار الذي يريده الناس، نحن في حالة من الاستقرار الخطأ، ونحن نسير عكس الإتجاه الصحيح.
كيف ترى أداء مجلس النواب بعد مرور عام على انعقاده.. وتعامل رئيسه معكم؟
التعليق على ملابس بعض النواب أو طلب الأمن لهم من قبل الدكتور علي عبدالعال رئيس المجلس مواقف صغيرة نتجاوزها؛ لأن لدينا أهداف أكبر نُركز عليها، وهي التمسك بتطبيق اللائحة والقانون، مثل الإصرار على المطالبة بإذاعة الجلسات على الهواء؛ لأن الناخب من حقه الإطلاع على أداء نوابه ومعرفة من يُدافع عن مصالحه ومن يقف مع ما ترغبه السلطة، وكذلك استخدام التصويت الإلكتروني؛ لتوثيق مواقف النواب في القضايا الهامة، ونشرها على الرأي العام.
أما الإدارة داخل المجلس، فغير راضيين عنها؛ لأنها مُخالفة للائحة، ففي إحدى المرات أعطاني الدكتور علي عبدالعال الكلمة بعد طلبها، فهمهمت " الأغلبية" معترضة فسحبها مني وأجلسني، وبرر ذلك حينها بأنه بهذا يحمي المعارضة، في حين أن الواقع أنه يقهرها؛ لأن الحمايةطبقاً للقانون .
تردد كثيراً عن اعتزام نواب" 25/30" الاستقالة من البرلمان.. ما حقيقة هذا الأمر ، وهل هو مجرد تهديد؟
لا نهدد بشىء، وعندما نتخذ قراراً سنُنَفذه على الفور، فنحن غير مُتمسكين بمقاعدنا؛ لأنه ليس لأحد منا مصلحة في التواجد داخل المجلس، بل العكس هو تضرر الكثير منا من التواجد بالبرلمان، لكن قناعتنا بأن نقل صوت الشعب للمجلس دور وطني هي التي تُبقينا داخله، وعندما نشعر أن استقالتنا ستكون أفضل للشعب حنأخد القرار دون تردد.
لماذا لم يقم البرلمان بدوره في أزمة هشام جنينة؟
بعيداً عن حصر الموضوعات في أشخاص، فنحن الوحيدين الذين رفضوا قانون عزل روؤساء الأجهزة الرقابية؛ لأنها ستمكن رئيس الجمهورية من التدخل في عملهم؛ لأن الشخص الذي سيُعينه سيكون ولائه له، ونحن تمسكنا بتشكيل لجنة تقصي الحقائق بشأن تقريري " الجهاز المركزي للمحاسبات والرئاسة"، ولكن رئيس المجلس ووكيليه وضعوهما في أدراج المكتب، في إجراء مُنافي لحديثه هو و مؤسسة الرئاسة عن محاربة الفساد.
وكان يجب التحقيق في هذه التقارير وليس " ركنها"، فالفساد ليس مجرد كلمة ، فنحن نعيش في بحر من الفساد الذي أصبح جزء أصيل من النظام المصري؛ ولمحاربة الفساد يجب سن قوانين لا تحمي الفاسدين مثلما يحدث حالياً، من تصالح مع " الحرامية الفاسدين"، وسجن الشباب الذي يدافع عن أرضه، والحالات الفردية التي يُعلن عنها كل فترة ليس معناها أن الدولة تُحارب الفساد ولكنها تُحارب بعضه، مع استمرار قانون يسمح لهم بغسل التهمة بدفع بعض الأموال ، تحت شعار" اسرق وانهب براحتك ولما تتمسك نتصالح "، وهو ما أعادنا لما قبل 24 يناير 2011.
هل ترى خطورة من اسناد المشروعات الاقتصادية للقوات المسلحة؟
هناك مهام عظيمة وجسيمة نستطيع اسنادها للقوات المسلحة ، ولكن فيه أشياء يمكن اسنادها للقطاع المدني حتى نستطيع الحفاظ عليه ويستمر، ولدينا شركات كبيرة وعظيمة لكنها تحتاج للتغذية بشغل حتى تستمر
كيف ترى ترويج بعض السياسيين ونواب البرلمان لسعودية جزيرتي" تيران وصنافير"؟
هيثم الحريري: الحديث عن أن الجزيرتين كانتا تحت الإدارة المصرية فقط كلام تافه أقل من الرد عليه ، فعندنا شهداء سقطوا عليها وأجيال تعلمت وتربت وعاشت هناك قبل أن يكون هناك دولة عربية اسمها المملكة العربية السعودية.
ما مسئولية الدولة عن عدم وجود حياة حزبية قوية بمصر ؟
طول ما فيه تدخل من الأجهزة الأمنية في العمل الحزبي لن يكون لدينا أحزاب حقيقية، فعندما كنت عضواً بحزب التجمع ،رأيت كيف يتدخل الأمن في قراراتها، بفرض مرشحين واسقاط آخرين، وتزكية الخلافات بداخله، مثلما فعلوا بحزبي" الدستور والمصريين الأحرار"، فالمؤسسات الأمنية في مصر تسعى لقتل الحياة الحزبية ليبقى دائما هناك صوت واحد، الذي كان سبباً في قيام ثورة يناير.
ولم يقتصر تدخل الأجهزة الأمنية، على الأحزاب، فهناك محاولات لقتل الحياة الإعلامية أيضاً، مما يُرسخ لشكل ديكتاتوري لا يعرف معنى للديمقراطية، وإذا أردنا الحفاظ على البلد وأن تُصبح " أد الدنيا بجد" يجب منع الأجهزة الأمنية من التدخل في العمل السياسي والحزبي.
قرارت الرئيس بالعفو عن الشباب.. هل هي كافية لإزالة الإحتقان بين الدولة والشباب؟
يجب أن يكون هناك حرية رأي وتعبير، والنظام الحالي جاء على أكتاف المتظاهرين في 30 يونيو؛ لذلك يجب التفريق بين المخرب ومن يتظاهر من أجل حرية الرأي، كما يجب توقف وزارة الداخلية عن إلقاء القبض على الشباب المُعبر عن رأيه، فلدينا تهم أصبحت محفوظة وكلها أكاذيب من تحريات وزراة الداخلية مثل" سرق ماسورة دبابة – سرق لا سلكي الضابط- قطع الطريق"، وإذا كان النظام جاد في فتح صفحة مع الشباب فيجب إفساح المجال للتعبير عن الرأي.