الحكومة «تقتحم » أخر حصون شباب الثورة بـ"الجرائم الالكترونية "
تجددت حالة الجدل حول قانون الجرائم الإلكترونية، بعدما أحال مجلس النواب مشروع القانون الخاص بها المقدم من الحكومة، إلى لجنة الاتصالات بالبرلمان، لمناقشته وعرضه بعد ذلك على الجلسة العامة للتصويت عليه .
ويهدف مشروع قانون الجرائم الإلكترونية المقدم من الحكومة إلى البرلمان، إلى حماية خصوصية المواطن بمواقع التواصل الاجتماعى، والحفاظ على أجهزة الدولة من الاختراق، ويتضمن عقوبات بالحبس والغرامة ضد المتورطين في التحريض على مؤسسات الدولة وأفراد الجيش والشرطة وتهديد الأمن القومي.
وبينما أكد نواب وأساتذة إعلام على أهمية القانون في حماية مؤسسات الدولة من الإرهاب، اعتبر نشطاء أن الهدف من هذا المقترح هو التضييق عليهم والقضاء على ما وصفوه بأخر سلاح أمام شباب الثورة للتعبير عن آرائهم .
وقال أحمد زيدان، عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب، إن قانون الجريمة الإلكترونية من أهم أولويات اللجنة، وسيدرج على جدول أعمالها خلال الأيام المقبلة لدراسته وعرضه بعد ذلك على الجلسة العامة.
وأضاف زيدان، لـ "مصر العربية"، أن هناك مشروع آخر معروض أمام اللجنة المقدم من النائب تامر الشهاوي، سيتم الدمج بين الاثنين، بالتشاور مع اللجنة التشريعية بالبرلمان، للوصول إلى صياغة أفضل للقانون.
وسبق أن تقدم النائب تامر الشهاوي، بمشروع قانون لمكافح الجريمة الإلكترونية، تضمن بين مواده عقوبات تتراوح ما بين السجن شهرا حتى الإعدام، في حالة الجرائم الإلكترونية التي يترتب عليها وفاة شخص أو أشخاص أو تهديد الأمن القومي والسلم الاجتماعي، إضافة إلى عقوبات الاختراق الإلكتروني والتزوير وغيرها من الجرائم.
وأكد النائب أحمد زيدان، أن القانون شديد الأهمية لاسيما في هذه المرحلة التي تسعى فيه الدولة لمكافحة الإرهاب، موضحا أن مواقع التواصل الاجتماعي رغم تأثيراتها الإيجابية، إلا أن سلبياتها وأضررها تهدد الأمن القومي للبلاد.
وتوالت المقترحات بإصدار قوانين لضبط آليات استخدام الفيسبوك، وآخر لغلق الفيسبوك نهائيا، وثالث بمكافحة الجرائم الإلكترونية، بعد عدة تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي في شهر مايو 2016 الماضي، التي هاجم فيه مواقع "السوشيال ميديا".
وفي حوار سابق للرئيس عبد الفتاح السيسي، مع شبكة "CNN"، قال إن أجهزة خارجية تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك وتويتر" كمنصات لهدم دول من خلالها، وشدد على ضرورة التصدي لاستخدام الإرهابيين للمواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي للترويج لأفكارهم المتطرفة وجذب العناصر الجديدة إليهم.
وأشار النائب أحمد زيدان، إلى أن القانون سيتضمن عقوبات كبيرة ضد الصفحات المحرضة على مؤسسات الدولة والمحرضين على العنف والإرهاب، وذلك عن طريق إنشاء إدارة تابعة لوزارة الداخلية تتولى مسؤولية تتبع تلك الصفحات، مضيفا أن لجنة الاتصالات بالمجلس ستدرس مزيد من آليات مكافحة الجريمة الإلكترونية.
وفي هذا الصدد، أعرب حمدي قشطة، القيادي بحركة شباب 6 إبريل وأمين العمل الجماهيري بحزب الدستور، عن خشيته من استخدام قانون الجريمة الإلكترونية لما وصفه بـ "تقنين القمع" ضد نشطاء "السوشيال ميديا" وشباب ثورة 25 يناير.
وأوضح قشطة، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت آخر سلاح في يد شباب الثورة للتعبير عن آرائهم والدفاع عن قضيتهم واستعادة ثورتهم، لافتا إلى أنه بالفعل يتعرض النشطاء للتضييق والحبس نتيجة التعبير عن تلك الآراء على صفحاتهم الشخصية.
وقال قشطة، إن أحد النشطاء اعُتقل بسبب كتابة منشور على صفحته على الفيسبوك، معتبرا أن القانون سيكون مجرد تقنين لما وصفه بـ "القمع" ومحاولة لمزيد من التضييق على حرية الرأي والتعبير.
ولفت، إلى أنه ليس ضد مكافحة العنف والإرهاب، أو معاقبة من يحرض على مؤسسات الدولة، ولكن الخوف من استخدامه لقمع المعارضة، مشددا أن القانون لن يستطيع منع النشطاء من التعبير عن آرائهم ومواقفهم على "السوشيال ميديا".
وتسببت "السوشيال ميديا" في أزمات عدة للنظام السياسي وحققت انتصارات أخرى في بعض الوقائع، منها الإطاحة بوزيري العدل المستشار أحمد الزند ومن قبله المستشار محفوظ صابر، وكذلك لعبت دورا كبيرا في قضية "تيران وصنافير"، التي أقرت المحكمة الإدارية العليا بالسيادى المصرية عليها، وبطلان التنازل عنها للسعودية وفق اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين الحكومة المصرية والسعودية.
وشغلت "السوشيال ميديا" حيزا كبيرا من خطابات الرئيس، حتى أنه في إحدى تصريحاته أثناء لقائه بعدد من الإعلاميين المدني العام الماضي، قال بنبرات غاضبة :"أوعى تكون مصدر معلوماتكم السوشيال ميديا"، معتبرا أنها السبب في افتعال بعض المشكلات التي يواجهها المجتمع خاصة قضيتي مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني وجزيرتي تيران وصنافير.
فيما رأى شريف درويش، وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة، أن قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية في غاية الأهمية، وأن مصر تأخرت كثيرا في إصداره، مشيرا إلى أن هناك دول عديدة سبقت مصر في إصدار قوانين لحماية أنفسها من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي .
وشدد درويش، أن مواقع التواصل الاجتماعي تستخدم وتستغل بشكل سيء لتكون منصة لمحاربة الدولة والهجوم على مؤسساتها، واستهداف رجال الجيش والشرطة، وتغذية مناخ الاستقطاب.
وعن مدى تعارض القانون مع حرية الرأي والتعبير، قال درويش :"إن التحريض على مؤسسات الدولة والتطاول على رموزها والتشهير بالناس ليس له علاقة بحرية الرأي والتعبير"، مؤكدا على ضرورة وضع تعريف إجرائي وواضح لحرية الرأي والتعبير في القانون.