خبراء يجيبون| "التصالح الضريبي".. تفريط في الموارد .. أم محاولة للإنقاذ
تساهم الضرائب في الموازنة العامة للدولة، بنحو 13% من الناتج المحلي، وهي قيمة ضئيلة بالنسبة لدول أخرى، يشكل عائدها من الإيرادات الضريبية 30%، ومن المتوقع أن تجمع مصر من الحصيلة الضريبية هذا العام، نحو 400 مليار جنيه، وكانت الحصيلة من الضرائب في 2016، نحو 330 مليار جنيه.
وزارة المالية تستهدف من قانون إنهاء المنازعات الضريبية الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد موافقة مجلس النواب على إنهاء 160 ألف نزاع ضريبي، متوقعة أن تكون حصيلة قيمتها 15 مليار جنيه، خلال مدة تفعيل القانون، التي تمتد عام واحد فقط.
الحكومة تسعى من خلال القانون إلى جمع 15 مليار جنيه من النزاعات الضريبية، والتخلي عن 185 مليار جنيه تهرب من سدادهم رجال الأعمال في عملية تصالح مع الحكومة، بحسب جمعية الضرائب المصرية، التي أكدت أن حجم التهرب الضريبي يصل إلى 200 مليار جنيه سنويا.
القانون الجديد ينص على أن إنهاء المنازعات الضريبية القائمة أو التي تنشأ أمام جميع المحاكم على اختلاف درجاتها ولجان الطعن الضريبي ولجان التوفيق ولجان التظلمات، بين مصلحة الضرائب والممولين أو المكلفين، أياً كانت الحالة التي عليها الدعوى أو الطعن، بعد تقديم طلب إنهاء المنازعة، توقف نظر الدعوى أو الطعن أياً كانت الحالة التي عليها بقوة القانون لمدة 3 أشهر.
أحمد عادل، الخبير الاقتصادي، قال إن الحكومة أصدرت هذا القانون من أجل إرضاء رجال الأعمال والمتهربين من الضرائب، في حين أنها تفرض ضرائب جديدة على الفقراء لحاجتها إلي سد عجز الموازنة العامة.
وأوضح أنه دائما ما تكون القوانين مفصلة لرجال الأعمال ولا تغضبهم دون بقية الشعب فقانون إنهاء المنازعات يحنو على رجال الأعمال الذين تهربوا من الضرائب عن طريق المصالحة معهم.
وأضاف عادل، في تصريحات لمصر العربية، أن توقيف جميع القضايا في المحاكم أيا كانت درجة النزاع فيها، خطأ كبير، فمن الممكن أن يتم وقف قضية على وشك حسمها لصالح مصلحة الضرائب، والتصالح فيها مع المتهرب من الضرائب بمبلغ أقل من المقرر الحصول عليه.
وأشار إلى أن رجال اﻷعمال أو "العلية منهم" نادرا ما يخضعون لحساب ضريبي عادل على مدار الحكومات والانظمة المختلفة.
ومع كل هذه التسهيلات، كشف عمرو المنير، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، أن الملفات التي وصلت إلى لجان فض المنازعات جاءت "ضعيفة جدًا"، وليس لدينا أسباب واضحة لضعف الإقبال، رغم أن القانون كان مطلبا ملحا لمجتمع الأعمال.
عبدالمنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، قال في تصريحات سابقة، إن ثمة العديد من الخطوات التى ستتخذها وزارة المالية، لمواجهة التهرب الضريبي، أهمها الحصر الضريبي لرجال الأعمال، والحصول على بيانات الممولين، وتتبع تداول السلع، وعملية مطابقة المعلومات على الإقرارات المقدمة.
مطر أكد أنّ هناك دراسة لحجم التهرب في كل أنواع الضرائب، خاصة المهن الحرة والتصرفات العقارية، ومن المتوقع أن تنتهي قبل نهاية العام المالي الحالي، وأضاف: "حجم الضرائب المتوقع جمعها، هذا العام، نحو 400 مليار جنيه، نتيجة ارتفاع الأسعار وارتفاع سعر الدولار وزيادة معدل التضخم".
وأوضح أن عدد النزاعات الضريبية في مصر، يبلغ نحو 160 ألف نزاع، نصفها منظور أمام القضاء، والنصف الآخر فى لجان داخلية بالمصلحة، مؤكدًا أنها تلقت 2000 طلب خلال الأسابيع الماضية، كما ستبدأ خلال الفترة المقبلة في إرسال خطابات للممولين، لتعريفهم ببدء عمل اللجان، وقواعد العمل.
الدكتور مصطفى عبد القادر، مستشار الضرائب الدولية بالإسكوا – الأمم المتحدة، ورئيس مصلحة الضرائب المصرية السابق، أشار إلى أن مشكلة التهرب الضريبي لن يتم حلها بالعقوبات، حتى ولو وصلت العقوبة إلى الإعدام ، قائلًا: " الأمر يتطلب البحث في أسباب التهرب أولاً ثم نضع العقوبات اللازمة".
وأضاف لـ"مصر العربية": "أن السبب الحقيقي وراء التهرب الضريبي هو عدم عدالة النظام الضريبي المصري، وبصفة خاصة للفئات المتوسطة والمحدودة الدخل، لأننا دائما نقوم بالإصلاح للفئات العليا دون النظر للطبقات الفقيرة".
وتابع: "هل من الصحيح أن يتم فرض ضريبة دخل على شخص يتقاضى 1500 جنيه هل يستطيع أن يدير منزلًا (علاج وسكن ومصاريف أطفال ومدارس)؟ وتساءل أيضًا هل يتوقع من هذا الشخص أن يُقدم إقرارا ضريبيا"، مضيفًا: "نحن في حاجه للاصلاح من تحت أي يجب النظر لذوي الدخول القليلة أولًا".
وأضاف: "بمعني سترتفع نسبة الإفصاح عن المعاملات من التجار وسيكون بشكل أفضل وبالتالي يؤدي ذلك إلى المساعدة في القضاء على التهرب الأفقي، أي دخول القطاع غير الرسمي إلى مظلة الضريبة، كما يؤدي إلى القضاء على التهرب الرأسي وهو لا يقل خطورة عن التهرب الأفقي وهو تهرب المسجلين فعلا في مصلحة الضرائب المصرية".
وتابع: "هذه هي أولى خطوات الإصلاح يتلوها رفع كفاءة الإدارة الضريبية وهو الأمل الحقيقي في زيادة الحصيلة والقضاء على التهرب الضريبي".
الدكتور هاني الحسيني، خبير الضرائب والقيادي بحزب التجمع، قال إن أكثر المتهربين من الضرائب هم أصحاب المهن الحره، قائلًا: "الدولة ألزمت الطبيب أن يتعامل بالفواتير، لكن هذا لم يحدث، وإذا حدث والتزم الطبيب بالفواتير فأنه لا يقدمها صحيحة، ويتلاعب دون أي مسؤولية".
وأضاف: "يجب العودة للقوانين الملغاة، كقانون (من أين لك هذا) الذي تم إلغاؤه عام 2004 أثناء حكومة أحمد نظيف، والدكتور بطرس غالي"، مضيفًا: "هذا القانون كان من أفضل القوانين لإنه منع عمليات التهرب حتى وان حدثت، فإنها تكتشف بعد ذلك".
وتابع: "قانون الضريبة على التركات الذي الغي عام 1989، ليس الهدف منه أخد ضرائب على الميراث، لكنه منع التلاعب والتهرب الضريبي حتى بعد الوفاه"، مضيفًا: "يجب إعادة أحكام هذه النصوص، وإلا الدولة هتسيب كل قضايا الضرائب تيجي لحد عندها بالصدفة".