لماذا لم تدُر عجلة الإنتاج بعد توقف المظاهرات؟

كتب:

فى: أخبار مصر

20:00 06 فبراير 2017

بعد ثورة 25 يناير 2011، انتشرت التظاهرات والمسيرات التي تحمل مطالب مختلفة في كثير من ميادين مصر، حتى  30 يونيو 2013  التي أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي من الحكم، ومنذ ذلك الحين توقف الحراك الجماهيري إلا فيما ندر.

 

بمرور الوقائع المختلفة التي أعقبت 30 يونيو كانت هناك مطالب سياسية وإعلامية بوقف التظاهرات حتى تسير عجلة الانتاج وتستقر أمور البلاد، وساعد على تحجيم الحراك الجماهيري قانون التظاهر، وهو ما أثار تساؤل بعض النشطاء :"بعد عامين بدون تظاهرات..هل كانت حقا سببا لتعطيل عجلة الإنتاج؟". 

 

 

سياسيون أجابوا، بأن التظاهرات كانت بمثابة "فزاعة" لتخويف المواطنين من نزول الشارع لتحقيق مطالبهم، مقابل منحهم وعود بالاستقرار وتحسين الأحوال، مشيرين إلى أن وقف الحراك الجماهيري في العاميين الماضيين أثبت أن التظاهرات ليست السبب في وقف عجلة الإنتاج.

 

 

في 26 يوليو 2013 تظاهر الآلاف في ميدان التحرير تلبية لدعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك، قبل وصوله للحكم في 30 يونيو 2014، لتفويضه لمواجهة الإرهاب المحتمل، وفي المقابل كانت هناك مسيرات أسبوعية لجماعة الإخوان المسلمين وأنصارها لرفض عزل محمد مرسي . 

 

 

 

بعد نحو 4 أشهر  من "جمعة التفويض"، في شهر نوفمبر  2013 أصدر المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية المؤقت وقتئذ، قانون التظاهر  رقم 107 لسنة 2013، والذي يلزم منظمي المظاهرات بإبلاغ السلطات قبل ثلاثة أيام عمل على الأقل من موعدها، ولوزير الداخلية أن يقرر منع المظاهرة إذا كانت تشكل "تهديدا للأمن".

 

 

اعترض الكثير من القوى السياسية  على قانون التظاهر، وخرجت أول تظاهرة تندد به في 25 نوفمبر 2013، إلا أن قوات الأمن ألقبض القبض على العديد من المشاركين بها وصدر بحقهم أحكام قضائية، أبرزهم أحمد ماهر، أحد مؤسسي حركة شباب 6 إبريل، قبل الإفراج عنه مطلع يناير الماضي، مع استمرار وضعه تحت المراقبة 3 سنوات.

 

تدريجيا قلت وتيرة مسيرات الإخوان وغابت غيرها من التظاهرات، باستثناء "جمعة الأرض"، في 15 إبريل 2014، وأخرى يوم 25 من نفس الشهر، لرفض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وما يترتب عليها بنقل تبعية جزيرتي "تيران وصنافير" إلى المملكة، إلى أن قضت المحكمة الإدارية العليا بمصرية الجزر وبطلان الاتفاقية في منتصف شهر يناير المنصرم.

 

 

وقبل الحكم ببطلان الاتفاقية، أرادت بعض القوى السياسية تنظيم تظاهرة للدفاع عن مصرية "تيران وصنافير"، وقدمت إخطارا لوزارة الداخلية دون انتظار لموافقتها، استنادا لحكم المحكمة الدستورية العليا، بسقوط المادة 10 التي تشترط موافقة وزير الداخلية، ومع ذلك لم تُنظم التظاهرة بعد لجوء الأخيرة إلى القضاء الذي قرر أن تكون في حديقة الفسطاط بدلا من محيط مجلس الوزراء.

 

 

وخلال الثلاثة أعوام الماضية، غابت التظاهرات عن الشارع المصري، باستثنااء القليل من الفعاليات، منها جمعة الكرامة، التي نظمها الأطباء خلال الجمعة العمومية، لرفض الاعتداء على الأطباء، ومن قبلها تظاهرة للمحامين أمام نقابتهم بوسط القاهرة، أيضا لرفض الاعتداء عليهم، ما دعى الرئيس عبد الفتاح السيسي للاعتذار لهم في إحدى خطابته.

 

وتظاهرة أخرى للصحفيين، احتجاجا على اقتحام الشرطة لمقر النقابة بوسط القاهرة، للقبض على صحفيين مطلوبين أمنيا، وعلى إثرها صدر حكم بالحبس عامين مع الشغل وكفالة 10 ألف جنيه لإيقاف التنفيذ على كل من نقيب الصحفيين يحيى قلاش وعضوا المجلس خالد البلشي وجمال عبد الرحيم، بتهمة المتهمين "عمرو بدر ومحمود السقا"،  الذين أُخلي سبيلهم لاحقا .

 

 

ومع ارتفاع الأسعار وتردى الأوضاع المعيشية للمواطنين انتشرت دعوات على "السوشيال ميديا" لتظاهرات يوم 11 نوفمبر 2016، صاحبها تحذيرات من إعلاميين وكتاب وسياسين، بأن التظاهر يقود البلاد إلى الفوضى والعنف والإرهاب، إلا أنه كان يوما هادئا كادت تخلو فيه الشوارع من المواطنين باستثناء بعض المارة بالطرقات للوصول إلى أعمالهم أو قضاء مصالحهم.

 

"المظاهرات كانت تتهم بتعطيل عجلة الإنتاج، توقفت منذ سنتين، إيه رأيك دلوقتي في العجلة حلوة؟ بتمشي بسرعة؟ وأخبار الإنتاج إيه؟ شغال بزيادة وكدة؟"، تساؤلات طرحتها الناشطة إسراء عبد الفتاح عبر صفحتها على الفيسبوك.

 

 

واستعرضت الناشطة عبر صفحتها على الفيسبوك  وضع البلاد بعد عامين بدون تظاهر قائلة:" الجنيه بقى في الأرض، السلع الأساسية مش موجودة، الأسعار نار، أكل الفقرا بقى مش في متناول متوسطي الدخل، البنزين غلي، البطالة أخبارها إيه، الغش في الامتحانات والفوضى، الاستثمار إيه، المشروعات القومية بح، داعش وصلت العباسية، المصانع بتقفل، الأرض بتتباع، المجتمع المدني ققل".

 

 

وبحسب اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفعت معدلات الفقر في مصر  من 26.3% عام "2012 ـ 2013" إلى 27.8% من السكان المصريين، وهم الذين لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغيره، وجاء ذلك خلال تصريحات له بمؤتمر صحفي في شهر نوفمبر 2016 .

 

 

 

وأرجع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ارتفاع نسبة الفقر المدقع في البلاد خلال العام الماضي، إلى صعود أسعار السلع الغذائية، وذلك إثر اتباع الحكومة لإجراءات تقشفية، منها تخفيض دعم المواد البترولية، ورفع أسعار الكهرباء والمياه، وفرض ضريبة القيمة المضافة.

 

 

كما أعلنت الحكوم في شهر نوفمبر الماضي تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، مما أفقده 48% من قيمته، ونتج عنه ارتفاع كبير في السلع والخدمات.

 

 

وتساءلت الناشطة إسراء عبد الفتاح :"لسه مقتنع إن العيب في المظاهرات والنشطاء والثوار والثورة ولا العيب في فشل رئيس وحكومة ونظام ! ولا العيب في عقولنا! ولا العيب في البلد! ولا العيب علي الشعب! ولا العيب فين!".
 

 

مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي، قال إنه بالنظر للواقع والأرقام المتعلقة بالوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين يجد أن التخويف من التظاهر، كان خطاب دعائي يُغازل رغبة الناس في الاستقرار .

 

 

 

وأضاف الزاهد، لـ "مصر العربية"، أن التظاهر كان "فزاعة" يستخدمها النظام بأنه يتسبب في فوضى بالبلاد وتعطيل مصالحهم، ويعدهم بمنافع تعود على حياتهم إذا أوقفوا التظاهر، ولكن ما دار على الأرض العكس تماما ولم يحدث تقدم في أي شيء. 

 

وتابع: أنه لم تحدث انفراجة سياسية ولا اقتصادية أو أي تطور وتنمية على كافة المستويات،  ولكن تزايدت أعباء المواطنين وارتفعت معدلات الفقر والبطالة ومديونيات الدولة، وانخفضت قيمة الجنيه، وانخفضت مستويات دخول المواطنين.

 

ورأى الزاهد، أن الوضع الاقتصادي واستقرار أمور البلاد، ليس له علاقة بالتظاهرات من عدمها، وإنما يتوقف على السياسيات والانحيازات الاقتصادية والسياسية التي تتبعها الحكومة .

 

 

 

واتفق معه أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، موضحا أن القوى السياسية رأت أن تترك فرصة للنظام حتى يعمل بدون أي نوع من الضغط أو التظاهرات، لتنظر ماذا سيفعل، متابعا :" سبنا التظاهر علشان ميعلقوش فشلهم علينا".

 

 

وأردف: أن عدم تظاهر القوى السياسية طوال العاميين الماضيين كشف قصور النظام وأثبت فشل الحكومة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية، مشيرا إلى أن السيسي دعا المصريين لتفويضه لمواجهة الإرهاب المحتمل فأصبح واقعا .

 

 

واستطرد دراج:"القضية لم تكن في التظاهر والمطالبة بحقوق المواطنين، ولكن في أسلوب إدارة البلاد من قبل القائمين عليها، والسياسات المتبعة والتي زادت أوضاع البلاد تدهورا، محذرا من أن حالة الغضب المكبوتة لدى المواطنين سيأتي يوما وتنفجر .

 

 

وأشار سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، إلى أن إعلام الثورة المضادة روج للمظاهرات على أنها السبب في وقف عجلة الانتاج والتدهور الاقتصادي والأمني، وتعمد تشويه ثورة 25 يناير والثوار .

 

 

ولفت صادق، إلى أن الناس بالفعل أصبحت تتذمر من التظاهرات، ويرونها تعطيل لمصالحهم ولم تحقق لهم أي شيء، مضيفا: أنه برغم استقرار الشارع المصري من ناحية الاحتجاجات إلا أن الأوضاع نفسها لم تتحسن، بما يؤكد أن التظاهرات ليس لها علاقة بعجلة الانتاج أو الاستقرار.

 

 

اعلان