بعد حالة الركود التضخمي .. خبراء: عشوائية القرارات والفساد السبب و4 حلول للأزمة
وسط تآكل القوة الشرائية أمام ارتفاع الأسعار، وتراجع معدلات الاستثمار وعوائد السياحة وقناة السويس والصادرات، قالت غرفة القاهرة التجارية إنّ زيادة معدلات التضخم مع وجود حالة من الركود، تنذر بدخول مصر مرحلة الركود التضخمي، فيما يؤكد خبراء أن مصر دخلت بالفعل هذه المرحلة.
واعتبر محللون أن الحكومة تسرعت في قرار التعويم، إذ كان من الأولى انتظار ثمار زيادة التعريفة الجمركية على السلع المستوردة، وتوقيع الاتفاقية الثنائية بين البنك المركزي المصري ونظيره الصيني بقيمة 18 مليار يوان لتبادل العملات لأجل 3 سنوات.
و"الرُّكود التضخُّميّ" هو حالة نمو اقتصادي ضعيف وبطالة عالية، أي ركود اقتصادي، يرافقه تضخم، تحدث هذه الحالة عندما لا يكون هناك نمو في الاقتصاد، ولكن يكون هناك ارتفاع في الأسعار.
وأوضح الدكتور ضياء الناروز، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، ونائب مدير مركز صالح كامل، أن الركود التضخمي أو الكساد التضخمي هو المرض الاقتصادي الذي بدأ ظهوره في سبعينيات القرن العشرين وهو ينتشر في الدول النامية خاصة، وهو عبارة عن حدوث ارتفاع كبير في الأسعار، رغم انخفاض الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن أهم العوامل التي أدت إلى حدوث الركود التضخمي، تتمثل في تضارب السياسات الاقتصادية وعشوائية القرارات، بالإضافة إلى انتشار الفساد، الذي يعد عاملا مهما من عوامل حدوث الركود التضخمي.
وتابع : بالإضافة إلى الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها معظم اقتصادات الدول النامية؛ والتي تنتج عن سياسات الدعم والجمع بين الملكية العامة والملكية الخاصة لعوامل الانتاج، وانتشار المشروعات الريعية التي لا ينتج عنها قيمة مضافة، والتشوهات التي تصيب الاسعار والأجور.
ويتجسد الركود التضخمي حالياً علي أرض الواقع في الوضع الاقتصادي الذي تعيشه مصر؛ حيث نلاحظ ارتفاعا كبيرا جدا في المستوى العام للأسعار، رغم انخفاض معدل النمو الاقتصادي.
أسباب الركود التضخمي
يرجع الاقتصاديون أسباب ظاهرة الركود التضخمي وفق الأحداث التي تعرضت لها اقتصادات الدول المتقدمة إلى عاملين رئيسيين:
أولًا: انخفاض في القدرات الإنتاجية، بفعل ظروف أو أحداث غير اعتيادية تؤثر في عوامل الإنتاج إما لأوضاع ندرة في الموارد الطبيعية، أو في موارد رأس المال.
ثانيًا: خلل وتضارب في السياسات الاقتصادية الكلية، مثل التوسع الكبير في عرض النقود (طبع بنكنوت لسد عجز الموازنة، أو توسع غير محسوب في الإقراض من قبل الجهاز المصرفي)، وفي نفس الوقت تقييد وتدخل مفرط في الأسواق يؤدي إلي تراجع النمو.
وفي بعض الحالات يكون تدخل البنك المركزي في محاولته تنشيط القطاعات الاقتصادية في حالة الركود من خلال سياسات نقدية غير مدروسة إلي ارتفاعات متسارعة في الأسعار وتضخم جامح غير قابل للسيطرة.
محمد عبد العظيم الشيمى، الخبير المصرفي و المستشار بالمحاكم الاقتصادية، قال إن "الركود التضخمي، هو أن يقل الطلب على السلع نتيجة ارتفاع أسعارها، فالأسعار ترتفع أكثر وأكثر".
واوضح في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن مصر لم تدخل مرحلة الركود التضخمي حتى الآن، فالإجراءات الحكومية والقرارات الاقتصادية كـ"العلاج الذي يُنتظر منه الشفاء ولكن علينا الصبر".
وأضاف: "مصر لم تدخل مرحلة الركود التضخمي، لان القرارات الاقتصادية مردودها ضعيف جدًا”، مضيفًا: "في الوقت اللي الدولة حررت سعر الصرف، وحاولت توفر عملة أجنبية، بتقليل الواردات وزيادة الصادرات، اصطدمت بأنها ملتزمة بقرارات تجارة دولية".
وكان الدكتور حمدي الجمل، الخبير الاقتصادي، قال في تصريحات صحفية، إن علاج الركود التضخمي في منتهى الصعوبة؛ نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل كبير وعدم الإقبال على الشراء، مرجعا الحالة، التي وصفها بـ«المرضية» إلى قرار الحكومة بتعويم الجنيه، دون اتخاذ إجراءات وقائية، مثل الرقابة علي الأسواق وتشديد متابعتها.
في المقابل، قال الدكتور سرحان سليمان الخبير الاقتصادي، إن مصر بالفعل دخلت حالة الركود التضخمي، مضيفا: "مصر الآن تستورد أكثر من 75 % من احتياجاتها من السلع الأساسية، وهذا يسبب ارتفاع في الأسعار وكمان القوة الشرائية للمستهلك بتقل".
وضرب "سرحان" مثالًا لـ"مصر العربية"، قائلًا: "لو معايا 1000 جنيه من سنة اقدر اشتري بيها 100 وحدة من السلع لو معايا الـ 1000 دي انهارده هشتري بيها 20 بس"، مضيفًا: "التضخم مؤشر سيئ لاقتصاد أي دولة".
وأوضح أن الوصول لمرحلة الركود التضخمي، سببها الإجراءات التي اتخذتها المجموعة الاقتصادية، وهي إجراءات أدت لنتائج عكسية على الاقتصاد، وتسببت في كل ما وصلنا له من تدهور.
وأضاف الخبير الاقتصادي: "الاقتصاد المصري (حبيس) لوضع سياسي متأزم وإجراءات اقتصادية فاشلةفي السنوات الأخيرة، إذ تعتمد الحكومة على إجراءات نمطية، والمخططون هم نفس العقول القديمة بل أسوأ".
وتابع: "الحكومة اعتمدت على مشروعات إعلامية، مثل مؤتمر مارس ومطروح والعاصمة الإدارية، وكل هذه مشاريع طويلة الأجل، وكان يجب الاعتماد على مشروعات قصيرة الأجل، بحد أقصى سنة"، "أبني مصنع يطلع إنتاج وأبدأ أصدر".
وعن الحلول التي يجب اتخاذها، قال "سرحان": "لابد من للوضع السياسي أن يستقر لجذب المستثمرين الأجانب لأنهم بينظروا لمصر نظره سيئة"، وأضاف: "يجب تنشيط الإنتاج والبعد عن الضرائب خاصة القطاع الزراعي".
أحمد آدم الخبير المصرفي، قال: "احنا في هذه مرحلة بالفعل من أيام حكومة نظيف، وهذه الحالة ظهرت في أواخر الستينات واوائل السبعينيات".
وأضاف لـ"مصر العربية": "في مصر للأسف الحالة دي معانا من زمان لان الاستيراد بتاعنا اكتر من التصدير، وبعد 25 يناير اتقفلت المصانع والورش فاحنا كده بدأنا نستورد اكتر من 90 % من احتياجتنا".
وتابع: "طارق عامر والمجموعة الاقتصادية لجأت لكل القرارات الاقتصادية السابقة لاثبات ان قرار تحرير سعر الصرف كان جيد جدا وللأسف كانت لها مردود سلبي جدا على السوق".
وحول الحلول المقترحة، طالب الخبراء بضرورة وضع قانون لتحديد هامش ربح التجار، يتراوح من 10 إلى 25%، وتعديل قانون منع الاحتكار؛ بوضع فقرة تنص على حبس كل محتكر للسلع 20 سنة، بالإضافة إلى مصادرة السلعة محل الاحتكار، ودفع غرامة مماثلة للسلعة.
كما طالبوا الدولة بوضع رقابة صارمة على الأسواق، ومعالجة الأخطاء الرأسمالية بترك السلع في يد تجار بعينهم.
وكشفت وزارة التخطيط مؤخرا عن تفوق "الاستثمار" على "الاستهلاك" كمحفز للنمو في مصر، حيث انخفضت مساهمة "الاستهلاك" في النمو خلال الربع الأول إلى 2% مقارنة بنحو 6.2% في الربع ذاته من العام المالي الماضي بعد حالة من الانكماش جراء موجة الغلاء التي نجتاح البلاد، بحسب الوزراة.