من سجن وادي النطرون.. أيمن موسى: أوضاعنا تحت خط الإنسانية
"هل شعرت يوماً بحياة فئران التجارب داخل صندوق به بعض الثقوب للتهوية؟" يتساءل أيمن موسى، الطالب بكلية الهندسة بالجامعة البريطانية، من داخل زنزانته بسجن وادي النطرون الذي يقضي فيه حكمًا بالحبس 15 عامًا في قضية أحداث الأزبكية 6 أكتوبر 2013.
في رسالة نشرت مساء أمس، يجلس أيمن بصحبة 19 شخصًا في زنزانة 5 أمتار، في آخر متر منها سور قصير مخصص للحمام والمطبخ، تتصادم أرجلهم بعضها ببعض وهم نائمون.
يقول أيمن في رسالته، إنه كلما نظر للنائمين تذكر كلمات زميله حين قال: "لو حد بص علينا من فوق هيفتكر إنه فتح علبة سردين، صفان من الجثث المتلاصقة، علبة سردين مثالية!".
ويتابع :"لم أعد أفكر، ففي الثلاث سنوات و نصف الفائتة دُمِّرَتْ أمامي كل قواعد الأحياء و الكيمياء والفيزياء التي درستها، فكيف لي أغلى الماء في زجاجة بلاستيكية، وكيف لي أن أصنع القهوة في علبة عصير كرتون؟".
يتذكر في رسالته "العارفان" علي وعبدالرحمن الشقيقان المتهمان معه في نفس القضية، حينما كان يسخر منهما لشربهم القوة دون سكر، منوهًا أنه اضطر لذلك داخل الزنزانة، علي في الزنزانة المجاورة، ولكن عبد الرحمن شقيقه في سجن آخر، لم يره منذ عامين، افترقا كثيرًا.
يروي أول يوم له في السجن، "التشريفة" التي تعرض لها، حين فُتحت عربة الترحيلات ونزلوا بأمتعتهم مكبلين بكلابشات حديدية، وركوضهم بين الخراطيم والعصيان.
في ذلك اليوم سمع أيمن الكلمات الأولى الموجهة له: "المسجون زي السوستة.. لو شيلت رجلك من عليه هينط في وشك، أنت هنا ليك عندي أربع حاجات، أكلك و نومك و تريضك و زيارتك، لو سألت على حاجة خامسة ..، هنا النَفَس باستئذان".
يرى أنه من حسن حظه لم يضطر لنزع ملابسه و"التبرز" أمام السجان، كما يحدث في السجون لأسباب أمنية، حدث هذا أمامه، صف من المساجين يقف وينظر للحائط معطياً ظهره للمخبر، ثم يجلسون وضع القرفصاء، لم يحتمل هذا المشهد فأغمص عينه وركض بعيداً لكن المشهد ظل يطارده.
ويتابع أنه جُرد من كتبه وأحرقوها أمامه، لكن بعد 3 سنوات ونصف تحسنت أوضاع عبوديتهم -كما يصفها-، ولكنها مازالت تحت خط الإنسانية، معلقا: "سيظل القيد قيداً و لو كان ذهباً، و تظل الزنازين قبوراً ولو تحولت إلى قصور، مادام هناك من يغلق الباب من الخارج، و من يتحكم في الأكل و الشرب والدواء والكتب التي أحياناً تدخل لي قبل الامتحان بيومين، ومادام هناك من يتحكم في المساحة المسموح لي أن أتحرك فيها ويتحكم في الساعات التي أرى فيها أهلي، أو من تبقى من أهلي".
وينهي رسالته :"أتعجب من هذا البلد، أفتخر بها و أنا خارجها، و أنعدم و أنا فيها؟ لا أدري، أظن أنني أستطيع أن أجزم لهم بكل فخر و ثقة أننا تقدمنا عليهم في صنع قطارات الموت، أنا في قطار موت مصري منذ ثلاثة أعوام و نصف، أنتظر يوم نزولي من عليه".