بعد 3 سنوات من إلغائها.. «ضريبة الدمغة» تثير الجدل مجددًا داخل البورصة
بعد أكثر من ثلاث سنوات من إلغائها، تسعى الحكومة المصرية لإحياء العمل بضريبة الدمغة على معاملات البورصة لتعزيز حصيلة مواردها الضريبية ولكن هذه المرة بنسبة أكبر من السابق.
وقال مسؤول رفيع في وزارة المالية إن الوزارة ستوصي بفرض ضريبة دمغة على معاملات البورصة بواقع 2 في الألف على كل من البائع والمشتري، في تعديلات قانون ضريبة الدخل التي سترسل مسودتها لمجلس النواب في مطلع مارس المقبل.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ«رويترز»: «سنرسل تعديلات قانون الضريبة على الدخل في مطلع مارس لمجلس النواب، وتتضمن فرض ضريبة دمغة على معاملات البورصة 4 في الألف، مقسمة بواقع اثنين في الألف على البائع واثنين في الألف على المشتري، ونستهدف أن يبدأ تطبيق تلك الضريبة قبل مايو المقبل».
وأوضح أن «الحصيلة المستهدفة من ضريبة الدمغة في 2017-2018 بين مليار إلى 1.5 مليار جنيه (63.2-94.8 مليون دولار) وستتوقف على أحجام التداول»، وأضاف: «نأمل أن يقوم مجلس النواب برفع إجمالي الضريبة إلى ثلاثة بالألف على البائع ومثلها للمشتري».
انخفاض حجم التداول
نجلاء فراج، خبيرة أسواق المال، قالت إن هذه الضريبة فُرضت عام 2013، وكانت قيمتها 1 في الألف ولم تجد قبول عن المستثمرين، ولكنها ألغيت بسبب عدم دستوريتها، عام 2014، وعدم وجود نص قانوني يُجبر المستثمر على دفع ضريبة الدمغة، ولم ترد هذه الأموال.
وأضافت لـ"مصر العربية": "بعد تأجيل الضريبة الرأسمالية، عاد الحديث مرة أخرى عن ضريبة الدمغة، والحديث الآن عن 2 أو 3 في الألف أو 4 أو 5 في الألف، واذا استقر القرار على مثل هذه النسب، سيتسبب في انخفاض حجم التداول في البورصة، وبعد ما وصلنا لـ مليار ومليار ونصف، و2 مليار، هنرجع تاني لأقل من نصف مليار».
وأوضحت أن الحديث عن عدم إقرار ضريبة الدمغة غير وارد، وأضافت: «محاولة إقناع المستثمرين بضريبة 2 أو 3 في الألف أو أعلى من ذلك، صعب جدًا، خاصة وأن المستثمر يُعاني منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، وبعد ذلك مر بثورتين في مصر وقرار تعويم الجنيه، كل هذه عوامل المستثمر عانى منها في مصر، وعندما أراد المستثمر ان يعوض كل هذه الخسائر سنطالبه بضريبة، كلام غير منطقي».
خبيرة أسواق المال، قالت إن القرار هو شرط من شروط البنك الدولي، لكن الحكومة لن تستفاد من هذا القرار، وإذا أرادت تطبيق الضريبة، فتكون 1 في الألف، وفي الوقت ده هنحاول نقنع المستثمر بهذا.
وكانت مصر فرضت ضريبة دمغة بواقع واحد في الألف على كل من البائع والمشتري في معاملات البورصة في مايو 2013 وجمعت أكثر من 350 مليون جنيه منها قبل أن توقف العمل بها وتفرض ضريبة بنسبة عشرة بالمئة على التوزيعات النقدية والأرباح الرأسمالية في يوليو 2014.
وبعد اعتراضات قوية من المستثمرين والقائمين على سوق المال جمدت الحكومة في مايو 2015 العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة عامين حتى مايو 2017.
وكانت وثائق صندوق النقد الدولي حول القرض المصري، قالت إن مصر ستُطبق ضريبة الأرباح الرأسمالية على معاملات البورصة في موعد لا يتجاوز السنة المالية 2017-2018.
واحد في الألف
رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث فى بنك «فاروس» للاستثمار، قالت إن وزارة المالية، تُخطط لإقرار ضريبة الدمغة وتحديدها بنسبة 1 في الألف، ولن تكون على التداول في اليوم الواحد، لأنها ستؤثر على الأرباح.
وأوضحت في تصريحات لـ«مصر العربية»، أن المشكلة تكمن في تطبيقها بطريقة صحيحة، وتكون واضحة لجميع المتعاملين، وأضافت: «كل ما الضريبة كانت أقل كل ما كانت أفضل، وهتشجع الناس على التداول أكتر».
وتابعت: «قرار 1 في الألف ممكن يجيب ضرائب للحكومة أكتر من 3 في الألف»، مشيرة إلى أن الضريبة لو ارتفعت عن 1 في الألف، يكون حجم التعاملات أقل، وبالتالي لن تجذب الضرائب التي تريدها الحكومة.
وكانت البورصة المصرية معفاةً تماماً من أي ضرائب على الأرباح المحققة؛ نتيجة المعاملات أو التي توزع في شكل نقدي أو مجاني على المساهمين بالشركات المقيدة.
شائعات
زياد شتا مدير حسابات العملاء، لدى شركة "جراند انفستمنت"، قال إن قرار فرض ضريبة الدمغة على البورصة لم يصدر بعد، مشيرًا إلى أن المناقشات ما زالت جارية بين وزارة المالية والهيئة العامة للرقابة المالية.
وأوضح «شتا» في تصريحات لـ«مصر العربية»، أن رئيس هيئة الرقابة المالية، أعلن أن الضريبة ستحكون من 4 لـ 5 في الألف، لكنه عاد وأكد أنه يُحاول الوصول لضريبة أقل من الممكن أن تصل لـ 2 أو 3 في الألف.
وأضاف: «الضريبة كانت 1 في الألف وقت حكومة هشام قنديل، لكن الرقم اللي بيتكلموا فيه دلوقتي، مجحف جدًا، ووسيصيب السوق بحالة من الركود، بسبب أن حركة العمل ستتوقف، لأن نسبة الضريبة مرتفعة جدًا».
وتابع: «الشركة بتاخد من 2 لـ 3 في الألف عمولة، بالإضافة لعمولات هيئة وخدمات البورصة، وكمان بيدفع لشركة السمسرة في حدود 3 و 3 ونص، كده العميل هيدفع في الفردة الواحدة (التداول الواحد) سواء بيع أو شراء حوالي 7 ونص في الألف».
وأوضح أن أفضل ضريبة هي 2 في الألف، وهذا هو الحل الوسط الذي لن يتأثر به السوق، لأنه لن يعود بالسلب على العميل أيضًا، مشيرًا إلى أن الحكومة لا تنظر في قراراتها للمخاطر ولكنها تنظر للعائد.
وأنهى تصريحاته لـ«مصر العربية» قائلًا: «تسريب القرار أثر على السوق في التعاملات، وده دليل على أن الأخبار اللي زي دي بتتسرب لصالح مستثمرين».
وكان عدد من المواقع الإلكترونية، نقلت عن شريف سامي، أن ضريبة الدمغة على البورصة من 2 لـ 3 في الألف، وهو ما نفاه في تصريحه لـ"مصر العربية"، مشيرًا إلى انه لم يُدل بأي تصريح حول قيمة الضريبة.
وأوضح سامي، في تصريحات لـ«مصر العربية»، أنه اجتمع مع وزير المالية عمرو الجارحي، وقال رأيه في الضريبة وحجمها، لكنه رفض أن يحكي تفاصيل الاجتماع مع وزارة المالية.
وأضاف: «القرار الآن عند وزارة المالية، والقرار النهائي سيخرج من الوزارة»، مضيفًا: «هناك لجنة بالفعل تدرس هذه الضريبة منذ فترة».
وخسرت البورصة، حوالي 19 مليار جنيه خلال تعاملات الأسبوع الماضي بنسبة تراجع بلغت 3%، ووصلت القيمة السوقية إلى مستوى 615.2 مليار جنيه.
كما شهدت المؤشرات تراجعًا جماعيًا وانخفض المؤشر الرئيسي للبورصة «إيجي اكس 30» بنحو 3.53% خلال الأسبوع ليبلغ مستوى 12652 نقطة.
ضريبة غير منطقية
ويبلغ عدد الشركات المقيدة في بورصة مصر وبورصة النيل أكثر من 270 شركة، ويبلغ عدد المستثمرين الذين لهم حق التعامل في السوق أكثر من 500 ألف مستثمر، لكن عدد المتعاملين الذين يتداولون مرة واحدة سنويا على الأقل يبلغ ما بين 80 ألفا و100 ألف مستثمر.
توصيات
خلال الاجتماع الذي عقد مساء الثلاثاء، بحضور رئيس البورصة وممثلين عن الجمعية المصرية لإدارة الاستثمار، والجمعية المصرية للأوراق المالية، أوصى المجتمعون، بضرورة ألا يتجاوز سعر الضريبة 1 في الألف على التعاملات وهو الحد الأقصى الذي من الممكن أن يتحمله السوق حاليًا وسيساهم في تعافي السوق خلال الفترة المقبلة، ودعم الدولة له فى زيادة الحصيلة المتوقعة منه للدولة.
وقال إيهاب سعيد، عضو شعبة الاوراق المالية إن رسم الدمغة الجديد لن يؤدي إلى زيادة الطلب العام وبالتالي تعويض النقص فى الاستثمار الخاص نتيجة لفرضه بينما يؤدي قيام الدولة بعدم فرضه إلى الحفاظ على مستويات الاستثمارات الحالية على أقل تقدير.
وأكد أن الرسم الجديد على صغار المستثمرين الذين يعدون القطاع الأكبر فى البورصة المصرية، إذ أن فرضه على ذوي الدخول المنخفضة للأفراد محدودي الدخل يقلل من مقدرتهم على الاستهلاك وكذلك الإنتاج وهو ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الدخل القومي.
وأوضح أن ذلك يؤدي إلى انخفاض ونقص في الإيرادات العامة للدولة فعلى صانع السياسة المالية أن يراعي إحداث قدر من التوزان بين هدفين أساسين هما تشجيع الاستثمار والإدخار من جانب وتحقيق العدالة الضريبية من جانب آخر ، ولذلك عند فرض الرسم الجديد فان قيمة الحصيلة المتوقعة للدولة مع هذا القرار لا تتماشى مع حجم الاستثمار التى قد تترتب على تأثيراته.
وقال سعيد إن الرسم الضريبي الجديد، يمكن أن يؤدي بصفة عامة إلى تغيير هيكل الاستثمارات، وذلك بسبب ماتؤدي إليه من توسع فى الاستثمارات الأقل خطورة، والتى يمكن تصنيفها بسهولة (سحب الاستثمارات من سوق المال وتحويلها لودائع بنكية) بحيث يصبح الاقتصاد أكثر حساسية للضغوط التضخمية واقل فاعلية استثماريا وأقل قدره تمويليا.