لماذا شيع اﻵلاف عمر عبد الرحمن رغم نعته بالتطرف؟
على بعد أكثر من 175 كيلو متر شمالي القاهرة، كان آلاف المشيعين ينتظرون وصول جثمان الدكتور عمر عبد الرحمن، مؤسس الجماعة اﻹسلامية، إلى مدينة الجمالية بمحافظة الدقهلية، لدفنه بمسقط رأسه بمقابر العائلة.
ودفن عبد الرحمن، مساء اﻷربعاء الماضي، وسط مشاركة اﻵﻻف في الجنازة سواء من أهالي المدينة أوأعضاء الجماعة اﻹسلامية والتيار اﻹسلامي عموما من عدة محافظات.
تساؤلات كثيرة ظهرت مع مشاركة أعداد كبيرة في الجنازة، على الرغم من محاولات بعض الشخصيات العامة واﻹعلاميين اتهام عبد الرحمن بـ "التطرف واﻹرهاب".
الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، رأى أن اﻷعداد الكبيرة التي شاركت في جنازة عبد الرحمن طبيعية ومتوقعة، مشيرا إلى "كل الشيوخ لهم أتباع كثر، لكن أغلب من رأيناهم هم من سكان المدينة نفسها".
وقال صادق لـ "مصر العربية"، إن التغطية الإعلامية المكثفة في الإعلام المصري أدت إلى زيادة الاهتمام بشخصية عبد الرحمن لدى الرأي العام، وهو ما ساعد بشكل كبير في رؤية هذه الأعداد الغفيرة.
وحول وجود دلالات سياسية لهذا المشهد وعدم وجود تضييقات أمنية على الجنازة، أرجع ذلك إلى أن الأجهزة الأمنية أرادت إظهار أنها لا تقف من كل أطراف الجماعات والحركات الإسلامية موقفا واحدا.
وأضاف أن الحكومة كانت تستطيع رفض استلام الجثمان أوإخفاء موعد وصوله، ثم تذهب به قوة أمنية لدفنه في ظلمات الليل دون علم أحد لكنها فضلت السيناريو الذي شاهده الجميع.
ونوه أستاذ علم الاجتماع السياسي، إلى أن السماح بنقل الجثمان والعزاء، أدى إلى تعرض الحكومة والنظام لنقد شديد من قبل الليبراليين والعلمانيين، الذين اعتبروا أن هذه الحشود تأييد للتطرف.
وشارك في الجنازة تلاميذ عبد الرحمن من محافظات مختلفة وعدد من قيادات ورموز الجماعة الإسلامية مثل أسامة حافظ رئيس مجلس شورى الجماعة اﻹسلامية، وعبد الآخر حماد مفتي الجماعة، و الشيخ حافظ سلامة قائدة المقاومة الشعبية في السويس.
الدكتور إبراهيم الزعفراني، القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين، قال إن هناك عوامل كثيرة أدت إلى الزخم الذي صاحب تشييع عبد الرحمن، أولها أن الشعب المصري شعب عاطفي وقصة الشيخ بها تفاصيل عاطفية كثيرة أدت إلى تعاطف الآلاف معه.
وأضاف الزعفراني لـ"مصر العربية"، أن عبد الرحمن شيخ ضرير مسن توفى خارج بلده، كما أنه عالم دين اشتهر بشجاعته وعدم الخوف أو محاباة الرؤساء بل وقف ضدهم.
وأشار إلى أن طبيعة شباب الحركات الإسلامية هى الوفاء والميول للوقوف مع المظلومين خاصة من القيادات، كما أن فشل هذه الحركات في الوقت الحالي أدى ﻷن يكون عبد الرحمن قدوة للشباب رغم أنهم لم يعاصروه.
ورأى أن هناك احتمالين لعدم تضييق الأمن على مشيعي الجنازة، أولهما أن الأمن لم يتوقع أن يحضر كل هذا الجمع الكبير، باعتبار أن الشيخ جزء من الماضي وأن معظم الموجودين لا يعرفونه إلا اسما.
وتابع القيادي السابق بجماعة اﻹخوان المسلمين، أن الاحتمال الثاني هو أن الجهات الأمنية أرادت أن تجعل من مشيعي الجنازة اختبار ومقياس لمؤيدي الإسلام السياسي ومقياسا أيضًا لشعبية القيادات الإسلامية.
واستبعد الزعفراني أن يكون ما حدث مغازلة من الجهات الأمنية للجماعة الإسلامية.
الدكتور أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية، رأى أن الجدل حول الشيخ عمر عبد الرحمن طبيعي جدا لأنه شخصية مؤثرة داخل الجماعة الإسلامية بشكل خاص وداخل التيار الإسلامي بشكل عام.
وأرجع عبدربه، في تدوينه عبر صفحته على "فيسبوك"، انجذاب شباب الإسلاميين لعبد الرحمن قائلا: "من الطبيعيأن يكونوا مشدودين لأسطورته رغم أنهم لم يعاصروه بسبب شعورهم بعجز قيادتهم وإخفاقهم الفكري والسياسي بعد ٢٠١١، وبالتالي رد الفعل المحتفي به مفهوم في هذا السياق".
وأضاف: "أيضًا هناك طابع أسطوري لقصة حياة الشيخ بيضفي بعض الدراما على أي شخصية بحجمه.. فصله وإعادته للسلك الأكاديمي، تعقب السادات له، القبض عليه ثم البراءة في قضية اغتيال السادات".
وتابع: "قصة المراجعات وما قيل عن دوره فيها، خروجه من مصر، استقراره في أمريكا، اتهامة بالتآمر لشن عمليات إرهابية في نيويورك، محاكمته المصحوبة بصخب دوليمن بعض التيارات الإسلامية، حملة إعادته لمصر بعد الثورة، ثم وفاته داخل سجون أمريكا".