كيف سيتدخل صندوق النقد الدولي في الموازنة الجديدة؟
تعكف الحكومة حاليا على إعداد مشروع موازنة الدولة للعام المالى 2017- 2018، لعرضه على مجلس النواب قبل نهاية مارس الجاري إلا أنها تأتي هذا العام مع قرض صندوق النقد الدولي، الذي يتضمن اشتراطات يجب على الحكومة اتباعها لضمان الحصول على شرائح القرض كاملة.
في ١٨ يناير ٢٠١٧ كشف صندوق النقد الدولي لأول مرة عن بنود اتفاقه مع مصر على القرض البالغ قيمته 12 مليار دولار على 3 سنوات، وذلك بعد حوالي شهرين من موافقة مجلس مديري الصندوق، في 11 نوفمبر الماضي، بشكل نهائي على طلب القاهرة للقرض.
الاتفاق في مضمونه لم يخرج عن برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي، إذ كان أبرز ما كشف عنه الصندوق هو مزيد من رفع أسعار الوقود، بالإضافة إلى إلزام الحكومة بفرض ضريبة على نشاط البورصة، إما في صورة ضريبة دمغة أو على الأرباح الرأسمالية، بحلول آخر مايو المقبل.
بعض خبراء الاقتصاد يرون أن الاتفاق سيظهر بشكل أوضح من خلال موازنة العام المقبل، والتي تعمل عليها وزارة المالية، ومن المقرر أن يتم الانتهاء منها خلال أيام.
وكان رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل قال إن مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2017 - 2018 يتم العمل عليها حاليا داخل وزارة المالية، مشيرا إلى أنه بنهاية الأسبوع الجاري سيكون هناك تصور للموازنة التي ستتعدى 1.1 تريليون جنيه.وأكد إسماعيل أن مشروع الموازنة سيتم عرضه على اجتماع الحكومة بعد المقبل للبت فيه.
ومع قرب خروج المشروع للنور سألنا الاقتصاديين عن مدى تدخل النقد الدولي في إعداد الموازنة، وما هو تأثير اتفاق القرض على الشكل النهائي للموازنة.
برامج الدعم وعجز الموازنة
الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع، قال إن الصندوق ينظر إلى مدى التزام الحكومة في برنامجها المالي بما اتفق عليه الطرفان في مباحثات القرض، إذ أن أهم ما سوف تعنى به بعثة الصندوق سيكون عجز الموازنة ورؤية الحكومة في تخفيضه كقيمة مطلقة وليس فقط كنسبة من الناتج المحلى الذي تغالي الحكومة في تقديره أحياناً للحد من نسبة العجز.
وأكد نافع خلال تصريحاته لـ"مصر العربية" أن برامج الدعم والحماية الاجتماعية ستكون محل اهتمام وكذلك عبء الدين العام والإصلاح الضريبي.
وطالب الخبير الاقتصادي بضرورة مراعاة اختيار سعر واقعي لصرف الدولار في الموازنة ومراعاة الأبعاد السياسية والاجتماعية للإجراءات التقشفية خاصة في عام مالي ينتهي بانتخابات رئاسية.
وفي السياق ذاته، ذكرت مصادر صحفية أن الالتزامات المتفق عليها مع صندوق النقد تتضمن خفض عجز الموازنة وهيكلتها، وتحديد سعر صرف الدولار في الموازنة الجديدة وهو ما سينعكس على توفير النفقات في عمليات الاستيراد.
فضلا عن إصدار قانون ضريبة دمغة على تعاملات البورصة خلال الفترة المقبلة، وإنشاء وحدة للشفافية والمراقبة في وزارة المالية ومراكز تواصل في وزارات المجموعة الاقتصادية يكون هدفها التواصل مع مجلسي النواب والوزراء والإعلام.
النقد سيتدخل
ومن جانبه قال أحمد ذكرالله، استاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن الصندوق سيتدخل في أدق تفاصيل الموازنة، وهو يعرف أن الحكومة تحت ضغط كبير فما زال التلاعب الروسي بورقة السياحة لكسب أكبر أرباح ممكنة مستمر، وما زالت إيرادات قناة السويس تتراجع، لذلك الحكومة مضطرة للاستجابة لشروط النقد.
وأضاف ذكرالله، خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن الدولة مضطرة للخضوع لأوامر الصندوق، والتي ستتمثل في مزيد من الضغط علي الطبقات الفقيرة والتي لم يتبق لها إلا ما تبقي من الدعم والذي تمت جدولة إزالة ما تبقي منه.
ويرى أستاذ الاقتصاد أن الموازنة الجديدة ربما تفتح باب الاستغناء والمعاش المبكر للموظفين الحكوميين، فيما يتساءل حول إن كانت تلك الإجراءات ستعالج الإنتاج الكسيح؟
الدكتور وائل النحاس، خبير أسواق المال، قال إن صندوق النقد الدولي وضع العديد من الشروط التي يجب تنفيذها من قبل الحكومة المصرية طوال مراحل الحصول على القرض، ولن يسمح بصرف أي شريحة دون أن تقوم الحكومة بتنفيذ جميع الاشتراطات المتعلقة بها، وهو ما نلمسه الآن قبل صرف الشريحة الثانية، والتي تتطلب شروطها رفع الدعم عن الطاقة، وفرض ضرائب على البورصة، وطرح شركات حكومية في البورصة لخفض عجز الموازنة.
وأضاف النحاس خلال تصريحات صحفية، أن الشريحة الأولى من القرض والبالغة 2.75 مليار دولار، التي حصلت عليها مصر، تعد مقابل حصة مصر في الصندوق الأساسية أما الشرائح المنتظر الحصول عليها تعد من حصص الدول الأعضاء في الصندوق، ومن ثم فإن إجراءات المراجعة المقبلة ستكون أكثر حزمًا وتدقيقًا من البعثة، وسيتعين على الحكومة تنفيذ جميع الإجراءات المطلوبة قبل الإفراج عن الشريحة المقبلة، المقدرة بنحو 1.25 مليار دولار.
التمويل
الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، قال خلال تصريحات صحفية، إن اتفاقية صندوق النقد الدولي، والتي تقرر صرف بمقتضاها 12 مليار دولار لمصر، لم تقدم رسميًا للجنة حتى الآن.
وأكد أن ضم الموازنة العامة للدولة للشريحة الثانية من قيمة القرض لا يصح، لأنها تعد جزءا من الموارد العامة للدولة، فإذا تم صرف الشريحة الثانية أو حتى الثالثة خلال فترة السنة المالية الجديدة للعام 2017/2018 والتي تبدأ 1 يوليو 2017 وحتى 30 يونيو 2018، فإن المبالغ المخصصة لشرائح قرض الصندوق التي تغطى لفترة الزمنية من 1 يوليو 2017 إلى 30 يونيو 2018 من المفترض أن تدرج ضمن أدوات تمويل الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد.