بعد عزل رئيسة كوريا الجنوبية.. هل تتكرر التجربة في الدول العربية؟
بقرار من المحكمة الدستورية في بلادها، غادرت رئيسة كوريا الجنوبية بارك جوين هاي، مقعد الرئاسة، غير أنها لم تكن الأولى في قائمة الرؤساء الذين أطيح بهم من سدة الحكم لاتهامات لاحقتهم بالفساد واستغلال السلطة.
"نعزل بارك جوين هاي من المنصب..خانت ثقة الشعب..ما قامت به يمثل انتهاكا خطيرا للقانون لا يمكن التسامح بشأنه"، هكذا قضت المحكمة الدستورية بكوريا الجنوبية، الخميس، بتأييد قرار البرلمان بعزل بارك على خلفية تورطها في قضايا فساد شملت شركات كبرى.
عزل بارك جاء بعد اتهامها بالتواطؤ مع صديقتها المقربة، تشوي سون، ومساعد سابق، بالضغط على أصحاب شركات كبرى لضخ تبرعات لصالح مؤسستين أقيمتا لدعم مبادراتها السياسية، وهو ما نفته الأولى، لكنها اعتذرت عن عدم توخي الحرص في علاقتها مع صديقتها، بحسب ما تداولته الصحف.
بارك، التي انتخبت عام 2012 بأعلى نسبة تصويت يحصل عليها مرشح رئاسي في العهد الديمقراطي لكوريا الجنوبية، أصبحت أحدث زعيم دولة يعزل من منصبه بسبب قضايا فساد، ولكن سبقها عدد من رؤساء دول العالم .
ففي أواخر عام 2015 وحتى النصف الأول من عام 2016 قرر البرلمان البرازيلي عزل الرئيسة السابقة ديلما روسيف من منصبها، لإدانتها في التلاعب بحسابات عامة بعدما أخفت العجز في الموازنة الحكومية، وكذلك اتهمها البرلمان بسوء السلوك الإداري والتصرف في الميزانية الاتحادية حسب الأهواء.
وأجبر الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف، على الاستقالة لاتهامه في قضية استغلال للسلطة عام 2012، إثر حصوله على قرض مالي بشروط مواتية، منح له لشراء عقارات حينما كان رئيسا لمقاطعة ساكسونيا السفلى بين عامي 2003 و2010، ولكنه حصل على البراءة بعد عامين من المحاكمة.
كما أجبر البرلمان الإندونيسي في عام 2001 رئيس البلاد آنذاك عبد الرحمن وحيد، على الاستقالة من منصبه بعد اتهامه في قضايا فساد.
اتهامات يتردد كثير منها بحق بعض حكام عالمنا العربي، فهل يمكن أن يتكرر سيناريو الإطاحة بأي منهم كما يجري خارج بلاد الناطقين بالضاد؟
قال مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، في استنكار :"بأمارة إيه ..مجرد السؤال ظلم لكوريا الجنوبية، مفيش مقارنة".
وأرجع الغباشي، خلال تصريح لـ"مصر العربية" استبعاده لعزل أي رئيس دولة عربية، إلى أنها ما بين نظم ملكية وعائلات ونظم شمولية لا يوجد فيها نظم ديمقراطية، باستثناء لبنان ولكنها تعاني من الطائفية السياسية، والكويت نظام ملكي ولكن فيها ديمقراطية.
وتابع: "لا يمكن مقارنة البرازيل وكوريا الجنوبية بالدول العربية، فالأولى دول ديمقراطية، والثانية منطقة مستقطبة من كل الدول الإقليمية وكل قضاياها وثرواتها وخيراتها في يد الدول الكبرى، وكذلك الصراعات التي تسيطر عليها".
ولفت الغباشي، إلى أن ثورات الربيع العربي كان الهدف منها تحقيق الديمقراطية التي يمكن معها عزل أي رئيس حال تورطه في قضايا فساد، ولكن هذه الثورات فشلت في المطلق لأن نظم الحكم فيها لا تسمح بذلك، فضلا عن غياب القدرة لدى التيارات السياسية وزعائمها على تحقيقها.
أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام، قال إن قرار المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية، كان متوقعا للكافة في مثل هذه البلد الديمقراطية، بعد تورط رئيستها في قضية فساد وانتهاك الدستور .
وأضاف سلامة، لـ "مصر العربية"، أن جوين استغلت سلطاتها وتناست أن دستور كوريا الجنوبي يضع الحدود لجميع السلطات في البلاد بما فيها رئيس الجمهورية ذاتها.
وعن إمكانية عزل رئيس أي من الدول العربية على غرار ما حدث في كوريا الجنوبية، أكد أستاذ القانون الدولي أن دستاير الدول العربية كافة تنص على محاكمة الرؤساء حال ارتكابهم جريمة الخيانة العظمى.
وأوضح أن هذه الجرائم تتمثل في التخابر أو التآمر مع الدول الأجنبية، أو تعطيل العمل بالدستور بالمخالفة للمباديء والأصول الدستورية.
وأشار سلامة إلى أن بعض الدول العربية تحدد كيفية محاكمة الرؤساء أمام محاكم خاصة، يصدر قرار بتشكيلها من برلمانات هذه الدول، كما هو الحال في كثير من الدول الأجنبية.