خبراء عن مقترح «المجالس العليا للوزارات»: محاولة لسد أفواه جائعة على حساب الموازنة
في إطار الحلول المثيرة للجدل التي يطرحها العديد من نواب البرلمان لمعالجة أخطاء الوزارات داخل حكومة المهندس شريف إسماعيل تصاعدت الدعوة من جانب النواب لإنشاء مجالس عليا في عدد من الوزارات.
أخر تلك الدعوات ما أطلقه النائب شكري الجندي، في شكل اقتراح برغبة تقدم به رسميا إلى الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، يطالب بإنشاء مجلس أعلى لكل وزارة، يكون دوره وضع السياسات العامة والرؤى الخاصة بها، مطالبا أيضا بان يكون هذا المجلس في حالة انعقاد دائم للتعامل مع مختلف المشكلات فور حدوثها.
لكن هذا الطرح عارضه الكثير من خبراء السياسة، معتبرين أنه محاولة للالتفاف على معالجة أخطاء الحكومة التي تقع فيها بشكل مستمر من خلال فتح باب آخر يسمح بفساد جديد ويحمل الدولة أعباءً مالية إضافية.
من جانبه قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن هذا الحديث مجرد كلام عبثي غير واقعي وغير متفق مع حلول الأزمات التي ناعنيها.
وأضاف صادق، لـ "مصر العربية"، أنه إذا كان الهدف من إنشاء المجالس العليا هو تلافي أخطاء الوزارات ووضع سياساتها فنحن إذا لسنا في حاجة إلى وجود الوزارات ولنحولها جميعا إلى مجالس عليا.
وطالب أستاذ العلوم السياسية، مجلس النواب بالبحث عن حلول عملية للأزمة، وإذا كان يرى تقصير في عمل تلك الوزارات وهو أمر يقر به الجميع عليه أن يسعى لتغييرها وليس التحايل على الأوضاع القائمة بحلول بالتأكيد لن تفضي إلى نتائج إيجابية.
وتابع: في مصر 92 مليون مواطنا من بينهم 5 ملايين يعملون في الحكومة، بينما في الصين والتي يبلغ عدد سكانها مليار ونصف المليار شخص يعمل في الجهاز الحكومي عدد أقل، وهنا يجب الإشارة إلى أن الأزمة في طريقة الإدارة وليست في كثرة المسميات أو المؤسسات.
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور محمد السعدني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، أن الفكرة على المستوى النظري جيدة لكن يصعب تطبيقها على أرض الواقع، لأنها ستتحمل إلى شللية ومحسوبية وتزيد من سوء الأوضاع التي أتت لتعالج الخلل بها.
وناشد السعدني، في حديثه لـ "مصر العربية"، البرلمان بضرورة التخلص من جريمة اختيار الأقل كفاءة والأكثر طاعة أو ولاءً، لأنها طريقة ينتج عنها عيوب في السياسات وتدهور في الأوضاع وهو ما تعانيه مصر في الوقت الحالي.
وأكد أن دور البرلمان هنا ليس الدعوة إلى إنشاء مجالس عليا للتغطية على تقصير الوزراء بل عليه أن يحاسب هؤلاء الوزراء وعلى رأسهم رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل، مسترشدا بمقولة الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي، في كتابه الذي أهداه لنجله حيث قال "القيادة هي تحقيق الفارق في حياة المواطنين".
كما اعتبر الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، أن هذه الاقتراحات لا تثمن ولا تغني من جوع، وأنها مجرد محاولات لسد بعض الأفواه وترضيتها.
وتساءل دراج، في حديثه لـ "مصر العربية": ما فائدة تلك المجالس في ظل وجود الوزارات؟ ومن أين ستأتي ميزانيتها؟، ومن سيتم تعيينهم فيها؟ والأهم ماذا سيكون دور الوزارات في ظل وجود مجالس عليا؟.
وانتقد أستاذ العلوم السياسة غياب الرؤية لدى الحكومة ونواب البرلمان حول آلية وضع خطط حقيقية يمكنها أن تأتي بثمار إيجابية على تستفيد منها الدولة المصرية التي تمر بمأزق كبير سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.