عام على اقتحام «الصحفيين».. أجواء الأزمة لازالت حاضرة
في الأول من مايو العام الماضي، شهد شارع عبد الخالق ثروت بوسط القاهرة أجواء متوترة عقب اقتحام قوات الأمن لنقابة الصحفيين في واقعة غير مسبوقة، لتلقي القبض على عمرو بدر رئيس تحرير "بوابة يناير" ومحمود السقا المحرر بالموقع.
مشهد اقتحام النقابة لم يكن عاديا بالنسبة لأبناء صاحبة الجلالة، الذين أصابهم بحالة من الصدمة والذهول وأثار غضبهم، ليحتشدوا بمقر النقابة عقب ساعات من الواقعة مطالبين بإقالة وزير الداخلية والدعوة لاجتماع جمعية عمومية.
وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم بـ"اليوم العالمي لحرية الصحافة"، قرر الصحفيون المصريون الدعوة لاجتماع جمعية عمومية طارئة، في 4 مايو من العام الماضي، لمناقشة الأزمة وتداعياتها.
وشهدت عمومية الصحفيين حضور المئات من أبناء المهنة للرد على واقعة الاقتحام والتي انتهت بعدة مطالب أبرزها: "إقالة وزير الداخلية، والاكتفاء بنشر صورته (نيجاتيف سوداء)، وإقامة دعوى قضائية ضد الداخلية لمحاسبتها على حصار النقابة، ونشر افتتاحيات واحدة تطالب بإقالة وزير الداخلية بجميع الصحف، وتسويد الصفحات الأولى ووضع شارات سوداء على المواقع".
وظلت المعركة بين الداخلية والصحفيين مستمرة لمدة 11 شهرا في أروقة القضاء، انتهت بقرار محكمة جنح مستأنف قصر النيل، 25 مارس الماضي، بحبس النقيب السابق للصحفيين يحيى قلاش وخالد البلشي عضو مجلس النقابة السابق، وجمال عبد الرحيم عضو مجلس النقابة الحالي سنة مع إيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات بتهمة إيواء مطلوبين أمنيا( عمرو بدر ومحمود السقا).
وعقب قرار جنح مستأنف قصر النيل، عقد مجلس النقابة برئاسة عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين اجتماعا طارئا لمناقشة الإجراءات التي سيتخذوها.
وقرر مجلس النقابة الحالي حينها تشكيل لجنة وفريق قانوني لتقديم الدعم القانوني لكل من قلاش والبلشي وعبد الرحيم، لمتابعة إجراءات النقض.
وأضاف سلامة في تصريحات صحفية، عقب الاجتماع الطارئ الذي عقده مجلس نقابة الصحفيين أن اللجنة ستكون برئاسة خالد ميري وكيل المجلس للتفاوض مع الزملاء والفريق القانوني، إضافة إلى متابعة البلاغات المقدمة للنائب العام ضد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة بشان إيقاف الصحفيين.
وفي تصريح لـ"مصر العربية"، قال عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين إنه يسعى خلال الفترة المقبلة بتحديد موعد للقاء النائب العام بخصوص قضايا الصحفيين المحبوسين وأوضاعهم داخل السجن.
وحول إمكانية الحديث مع النائب العام بشأن متابعة المجلس الحالي للبلاغات التي حررتها النقابة ضد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة، علق سلامة: "لسه متكلمناش في حاجة".
محاسبة المسؤولين
ومن جهته قال يحيى قلاش نقيب الصحفيين السابق، إن هذا اليوم تاريخي ولم يتحول لماضي بعد، إلا بعد فتح هذا الملف و محاسبة كل مسؤول عنه، فهذه جريمة لن تسقط بالتقادم أو بفبركة ملفات قانونية تغني عن الوقائع الحقيقية حبيسة الأدراج.
وأضاف قلاش لـ"مصر العربية"، أن هذا اليوم سيظل حدثا جللا، بالرغم من الصعاب التي واجهها الصحفيون إلا أنهم استطاعوا حماية الكيان النقابي وحماية مهنة الصحافة، مشيرا إلى أن واقعة الاقتحام خالفت القانون، وأنه أثبت ذلك بتقديم مذكرة حول الوقائع المتعلقة بالأزمة.
مادة 70:
لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحفيين ونقاباتها الفرعية أوضع أختام عليها إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة وبحضور نقيب الصحفيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلهما.
وتابع حديثه: "سيظل يوم ١ مايو ٢٠١٦ الذي جرت فيه واقعة اقتحام الصحفيين يوما للعار، بكل ماتحمله هذا الكلمة من معنى و دلالة ، وسيظل يوم ٤ مايو الذي توافد فيه أعضاء الجمعية العمومية للاجتماع بمقر نقابتهم رغم الحصار يوما مشهودا لرد الاعتبار ".
اقتحام النقابة جريمة
ورأى عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين إن هذه اللحظة فارقة وكانت مؤشرا لإعلان السلطة التي تحكم المجتمع بأنها في خصومة معه، مؤكدا أن اقتحام نقابة الصحفيين جريمة سيسجلها التاريخ وسيظل عارا يلاحق صناعها.
وأضاف بدر لـ"مصر العربية"، أن جريمة اقتحام النقابة غير مغتفرة، ولن ينساها أحد ولكن في وسط هذه الجريمة ظهر جيل جديد عبر عن نفسه في عمومية 4 مايو الماضي، موجها التحية لقلاش والبلشي وعبد الرحيم.
مادة 53 :
للنقيب حق التدخل بنفسه أو بمن ينيبه من أعضاء مجلس النقابة في كل قضية تهم النقابة، وله أن يتخذ صفة المدعي في كل قضية تتعلق بأفعال تؤثر على كرامة النقابة أو كرامة أحد أعضائها.
وعن وضع الحريات عقب مرور عام من اقتحام النقابة، قال بدر: "وضع الحريات أسوأ مما كان عليه من قبل، والوضع يتراجع كل يوم عن التاني، ومحتاجين الاشتباك مع هذا الملف وخاصة مجلس النقابة الحالي"، مؤكدا أنه لا يستطيع أحد هزيمة نقابة الصحفيين.
أجواء الأزمة قائمة
وفي السياق ذاته، قال الكاتب الصحفي رجائي الميرغني، إن أجواء الأزمة مازالت قائمة بالانتهاكات التي تشهدها مهنة الصحافة، وانعدام الجهة التي تتبنى مطالب الصحفيين فمجلس النقابة الحالي لم يفعل شيء تجاه الأزمة.
وأضاف لـ"مصر العربية"، أن المجلس الحالي مهمته محو الذاكرة عن اقتحام النقابة وماتبعها من تداعيات دون معالجة الجرح الذي ينزف والناجم عن العدوان على الصحفيين، وأن دوره الحالي هو طي الصحفة مع السلطة وعدم محاسبة المخطئين.
وتابع حديثه: "ظاهريا يبدو كما لو تجاوزنا الأزمة، ولكن الاقتحام يعد عدوان على القانون والحياة النقابية ولازال الانتهاك قائما ضد الصحافة بكافة أشكاله من خلال فرض قيود على الأداء المهني".
ولفت إلى أنه بالرغم من تشكيل المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام إلا أنه لم يلمس أي تغيير أو محاولة فرض حلول ومحاسبة المسؤولين عن اقتحام النقابة، ولكن الجميع منشغل بالمناصب القيادية ومشغولون بأهدافهم .
وأشار إلى أن طبيعة تشكيل الهيئات الإعلامية متوقعا في ظل المناخ الحالي، وأنها جاءت لأهداف واضحة ومحددة وهى السيطرة والهيمنة على الصحافة ووسائل الإعلام.
وعقب مرور عام على واقعة اقتحام نقابة الصحفيين، قرر المجلس الحالي برئاسة عبد المحسن سلامة متابعة البلاغات المقدمة للنائب العام ضد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة بشان إيقاف الصحفيين، التي حرروها في ٢٨ أبريل الماضي ومايو الماضي.