أسباب عدم دستورية المادة (٤٣) من قانون الإيجار القديم
قضت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق بعدم دستورية نص المادة (43) من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمتعلقة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وتنص المادة على عدم جواز سماع دعاوى المؤجّر وعدم قبول الطلبات المقدمة منه، إلاّ إذا كانت عقود التأجير مقيدة لدى الوحدة المحلية المختصة.
وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن ما نصت عليه المواد (4، 53، 97، 98) من الدستور القائم الصادر سنة 2014 - وتردد حكمها فى الدساتير المصرية السابقة - من أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات العامة، وأن حق التقاضى من الحقوق العامة المكفولة للكافة.
كما استندت إلى أن حق الدفاع مكفول، مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الناس كافة لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى اللجوء إلى قاضيهم الطبيعى، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية والموضوعية التى تحكم الخصومة عينها، ولا فى فعالية ضمانة الدفاع للحقوق التى يطلبونها، ولا فى اقتضائها، وفق مقاييس واحدة عند توافر شروط طلبها، ولا فى طرق الطعن التى تنظمها.
وبينت المحكمة أنه يجب أن يكون للحقوق ذاتها قواعد موحدة، سواء فى مجال التداعى بشأنها، أو الدفاع عنها، أو استئدائها، أو الطعن فى الأحكام الصادرة فصلاً فيها، ولا يجوز بالتالى أن يعطل المشرع إعمال هذه القواعد فى شأن فئة بذاتها من المواطنين، ولا أن يقلص دور الخصومة القضائية التى يعتبر ضمان الحق فيها والنفاذ إليها طريقًا وحيدًا لمباشرة حق التقاضى، ولا أن يجرد هذه الخصومة من الترضية القضائية التى يعتبر إهدارها أو تهوينها إخلالاً بالحماية التى يكفلها الدستور القائم للحقوق جميعها، وأكد عليها بما نص عليه فى المادة (92) منه، بأن " الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها".
و لما كان ما تقدم، وكان المشرع بالنص المطعون فيه قد أوجب على المؤجر قيد عقود الإيجار المفروشة التى تبرم تطبيقًا لأحكام المادتين (39، 40) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه لدى الوحدة المحلية المختصة، على أن تلتزم هذه الجهة بإخطار مصلحة الضرائب شهريًّا بما يتجمع لديها من بيانات فى هذا الشأن، ورتب على عدم قيد هذه العقود عدم سماع دعاوى المؤجر، وعدم قبول الطلبات المقدمة منه الناشئة أو المترتبة على تطبيق أحكام المادتين المشار إليهما، كما حظرت عليه الاستناد إلى العقود غير المقيدة لدى تلك الجهة.
وحيث إن الحق الذى يحميه القانون غير منفك عن وسيلة حمايته، بولوج سبيل الدعوى لطرح المطالبة بالحق على القضاء، وكان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، وكان النص المطعون عليه قد حرم طائفة من المواطنين هم مؤجرى الوحدات المفروشة الذين لم يقيدوا عقود إيجاراتهم لدى الوحدة المحلية المختصة من هذا الحق مع تحقق مناطه - وهو قيام المنازعة حول إخلاء الشقة المؤجرة، معطلاً فى شأنهم الحق فى اقتضاء حقوقهم والدفاع عنها، مقلصًا دور الخصومة القضائية، موصدًا لطريق التقاضى أمامهم، ومجردًا الخصومة القضائية التى تقام بشأن حقوقهم من الترضية القضائية التى يعتبر إهدارها أو تهوينها إخلالاً بالحماية الدستورية المكفولة للحقوق جميعها بما يعد مصادرة للحق فى التقاضى، وإنكارًا للعدالة فى أخص مقوماتها، ونكولاً عن الخضوع للقانون.