بعثات "النقد الدولي" للخليج تحمل تقييمات "متفاوتة" ومقترحات "متكررة"

كتب: وكاﻻت

فى: أخبار مصر

09:12 24 مايو 2017

ما بين تقييمات متفاوتة ومقترحات متكررة، توالت بعثات صندوق النقد الدولي على مدار نحو 5 أشهر إلى دول مجلس التعاون الخليجي الست الغنية بالنفط، ضمن تقييم السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء في الصندوق.

 

وتضررت المالية العامة لدول الخليج (تضم السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان) جراء هبوط أسعار النفط منذ منتصف 2014 والذي قلص إيراداتها المالية من تصدير النفط.

 

وتنص المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد، على إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء، تتم في العادة على أساس سنوي للتعرف على مدى أمان الوضع المالي لكل دولة والصعوبات التى تواجهها، وتقدم مقترحات لتحسين أوضاعها.

 

ولا يتوانى الصندوق عن تقديم مقترحاته لدول الخليج، لمواجهة تحديات أزمة النفط، مطالباً بضرورة مواصلة سياسة التنويع الاقتصادي والاستمرار في إصلاحات أسعار الطاقة، وكذلك تطبيق ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية في الوقت المناسب.

 

وبحسب رصد للأناضول من واقع بيانات الصندوق، فإن دول الخليج ما تزال مطالبة بتحقيق توازن مالي، دون عجز على المدى المتوسط، ما يحتم عليها مواصلة جهود ترشيد الإنفاق وزيادة فعاليته.

 

ويفرض استمرار انخفاض أسعار النفط على دول الخليج، إجراء تعديلات مستمرة في المالية العامة، وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في الاستثمار، وتوفير فرص عمل للمواطنين، وفق رؤية الصندوق.

 

وقال الخبير الاقتصادي وضاح ألطه (عراقي مقيم في الإمارات)، إن صندوق النقد الدولي لا يوصي بأية إجراءات، ولا يفرض شروطًا بعينها، ولكن عادة ما يعطي مقترحات لتحسين الوضع الاقتصادي، وحكومة كل بلد تطبق ما تراه مناسباً في ضوء ظروفها.

 

وأضاف ألطه، أن تقييمات الصندوق لمنطقة الخليج لا تزال "متفاوتة" من دولة لأخرى في إطار قدرتها على تحمل هبوط أسعار النفط.

 

ولفت إلى أن مطالب الصندوق، تضمنت خفض الإنفاق، ودعم القطاع الخاص، وإصلاحات إضافية في أسعار الطاقة.

 

ودفعت أزمة النفط العديد من الدول الخليجية لخفض الدعم عن أسعار الوقود، واتخذت الإمارات خطوات مهمة بتحرير الوقود، فيما أقرت جيرانها زيادات في الأسعار.

 

وقال ألطه، إن استمرار التحسن في أوضاع المالية العامة وفق تأكيدات الصندوق، متوقف على ترشيد الإنفاق وتنويع الإيرادات، من خلال الالتزام بتنفيذ تطبيق الضريبة الانتقائية على السلع العام الحالي، وضريبة القيمة المضافة مطلع 2018.

تعديلات كبيرة

 

وعن السعودية، قال صندوق النقد، إن حكومة المملكة بحاجة لإجراء تعديلات كبيرة ومستدامة في المالية العامة، لتحقيق الميزانية المتوازنة على المدى المتوسط.

 

وتعهدت السعودية بالقضاء على العجز في الميزانية، والبالغ 79 مليار دولار العام الماضي، وتحقيق ميزانية متوازنة في 2020، من خلال تخفيضات في الإنفاق ودعم الطاقة وزيادات حادة في الرسوم والضرائب.

 

وقال فريق خبراء الصندوق بقيادة "تيم كالن"، الذي قاد مناقشات مع السعودية منذ 30 إبريل الماضي، في سياق مشاورات المادة الرابعة، إن المملكة بدأت تحقيق تقدم نحو تحديد وإزالة العقبات أمام نمو القطاع الخاص.

 

وأضاف "كالين"، أن إصلاحات أسعار الطاقة تعد من أهم الأولويات، إلا أن تنفيذها يمكن أن يتم بالتدرج لإمهال الأسر والأعمال وقتاً أطول للتكيف معها.

 

وتوقع الصندوق، إعلان مزيد من الإصلاحات في الشهور القادمة لدعم القطاع الخاص، بما في ذلك برنامج طموح للخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، بهدف تقليص دور الحكومة في الاقتصاد.

 

ومن جهتها، قالت نتاليا تاميريسا، رئيسة بعثة صندوق النقد إلى الإمارات التي اختتمت مشاورات سنوية مع مسؤولين إماراتيين الأسبوع الماضي، إن الإمارات نجحت إلى حد كبير في التكيف مع الواقع الجديد لأسواق النفط.

 

وتوقعت "تاميريسا"، نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للإمارات، بمتوسط يزيد على 3 بالمئة سنوياً على المدى المتوسط، مقابل نمو 1.3 بالمئة في العام الجاري، بفضل زخم النمو المتوقع في الأعوام القليلة المقبلة.

 

ورجحت، نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي الإماراتي إلى 3.3 بالمئة في 2017، ما يعكس المزيد من التماسك المالي التدريجي وتعزيز التجارة العالمية وزيادة الاستثمار في معرض إكسبو 2020.

 

ثلاث نصائح

ومؤخراً قدم الصندوق ثلاث نصائح للكويت، لتجاوز أزمة انخفاض أسعار النفط، الأولى، تضمنت تركيز الإصلاحات المالية على معالجة مواطن الضعف الأساسية في المالية العامة، والحد من الجمود في الموازنة من خلال تقليص تدريجي للدعم المقدم للوقود والكهرباء والسيطرة على فاتورة الأجور.

 

أما النصيحة الثانية، كانت تنويع مصادر تمويل المالية العامة، من خلال الاعتماد على صندوق الاحتياطي العام، بجانب إصدار كميات مسحوبة من السندات المحلية، بجانب الحصول على بعض القروض الخارجية.

 

وجاءت النصيحة الثالثة، في دعوة الحكومة الكويتية إلى مواصلة إصلاحات سوق العمل، والجهود المبذولة لدعم دور القطاع الخاص، وأهمية تعزيز التنوع وتوفير مزيد من فرص العمل للمواطنين.

 

وقال الصندوق إن الكويت في وضع يؤهلها لتخفيف وطأة تأثير انخفاض أسعار النفط، مضيفاً إن بقاء أسعار الخام منخفضة لفترة أطول يدعو إلى المثابرة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.

 

وخلال أبريل/ نيسان آذار الماضي وفى أعقاب ختام مشاورات المادة الرابعة مع قطر، قال صندوق النقد، إن الدوحة في وضع يؤهلها للتخفيف من حدة التحديات التي تواجهها، نظراً لما لديها من احتياطيات مالية وقائية ضخمة.

 

ورحب الصندوق باستجابة السلطات القطرية للتكيف مع انخفاض أسعار النفط، مع المطالبة بمواصلة العمل بسياساتها السليمة، ما سيسهم في تقوية المركز المالي، وتحقيق نمو أكثر تنوعاً وقابل للاستمرار.

 

وزاد الصندوق: "قد يؤدي إجراء مزيد من التخفيضات في الدعم، وحدوث تعافٍ متوسط في أسعار السلع الأولية العالمية، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، إلى حدوث تحسن تدريجي في أرصدة المالية العامة".

 

تخفيضات الإنفاق

وطالب صندوق النقد، مملكة البحرين بإجراء تخفيضات كبيرة فى الإنفاق من أجل إعادة الاستقرار في موازنتها الحكومية، وتحسين ثقة المستثمرين.

 

وأوضح الصندوق، أن الانخفاض فى أسعار البترول الخام، يفقد إلى حد كبير التدابير المالية المهمة التي تم تنفيذها أهميتها، مما أدى إلى ارتفاع العجز فى الموازنة العام الماضي.

 

وفي مناقشات مع السلطات البحرينية أشار الصندوق، إلى وجود حاجة ماسة إلى تعديل مالي كبير، لاستعادة الاستدامة المالية والحد من نقاط الضعف، وتعزيز ثقة المستثمرين والمستهلكين.

 

وأكد الصندوق، على أن الإجراءات المالية التي ستتخذها الحكومة، يمكن أن تشمل ضريبة القيمة المضافة وزيادة ترشيد الإنفاق على الدعم.

 

التنويع الاقتصادي

ويرى صندوق النقد، أن سلطنة عمان بحاجة لإجراء تسريع في خطة التنويع الاقتصادي، وزيادة دور القطاع الخاص في حفز الاقتصاد علاوة على تعديلات مستدامة في المالية العامة.

 

وأفاد فريق خبراء الصندوق بقيادة "أليسون هولاند"، التي قادت مناقشات مع السلطنة منذ 3 مايو الجاري، أن من شأن تحسين بيئة الأعمال وزيادة مستوى المهارات المهنية، دعم الجهود لزيادة فرص العمل في القطاع الخاص.

 

ورجحت "هولاند" في بيان الصندوق، بقاء النمو الاقتصادي ثابتاً في 2017، لا سيما وأن تخفيضات إنتاج النفط المتفق عليها مع "أوبك" سيتم تعويضها من نمو القطاع غير النفطي، بنسبة 2.5 بالمئة.

 

وقالت هولاند، إن تنفيذ زيادة ضريبة دخل الشركات في الوقت المناسب، والإدخال المخطط لضريبة القيمة المضافة (مطلع 2018) سيدعم استمرار التحسن في الوضع المالي.

اعلان