بعد إجراءات الحكومة والتقارير الاقتصادية.. هل تنخفض معدلات التضخم ؟
بينما تتواصل معدلات التضخم في الارتفاع خلال الشهور الماضية، توقعت شركة فاروس للأبحاث الاقتصادية، تباطؤ وتيرة التضخم في الربع الثاني من العام المالي 2017-2018 ، وهو ما سينتج عنه خفض أسعار الفائدة مرة أخرى.
فيما اعتبر اقتصاديون أنه لا يمكن لمعدلات التضخم أن تتراجع في ظل الظروف القائمة خاصة أن احتسبناها بمعدل سنوي كون الاقتصاد ليس إنتاجياً و ليس في حالة طبيعية وقائم على الاستهلاك فقط، مشيرين في الوقت نفسه إلى محاولات حكومية لتنشيط الحركة التجارية لانخفاض الأسعار ومن ثم انخفاض معدلات التضخم.
وأوضحت فاروس، في تقرير لها، الأحد، أن الحد من معدل التضخم المرتفع الحالي يتطلب تدابير هيكلية إضافية، إلا أن السياسات النقدية والمالية الضيقة لا تزال حاسمة على المدى القصير خاصة رفع أسعار الفائدة، مشيرة إلى أنها لا تستبعد إمكانية زيادة سعر الفائدة على المدى القصير، كإجراء للحد من ارتفاع الأسعار.
وكان وزير المالية، عمرو الجارحي، أيضًا قد توقع هو الآخر أن تبدأ مستويات التضخم في التراجع مقارنة بالمعدلات الحالية في شهري نوفمبر وديسمبر المقبلين، بعد مرور دورة عام كامل على تحرير سعر الصرف، حيث تم تعويم الجنيه في 3 نوفمبر الماضي.
وسجلت معدلات التضخم بنهاية أبريل الماضي 32.9% على أساس سنوي، كما قرر البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة أساس (2%) على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 16.75% و17.75% على التوالي، للحد ارتفاع معدلات التضخم.
الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، قال إنه لا يمكن لمعدلات التضخم أن تتراجع في ظل الظروف القائمة خاصة إن احتسبناها بمعدل سنوي، مشيرًا إلى أن زيادة سعر الفائدة قد يكون إجراء مقبولاً في سياق مكافحة التضخم لو كانت الأحوال مستقرة، للتحكم في الطلب بتقليله ولكن ما حدث لدينا هو غير ذلك لأن الظروف ليست عادية.
واعتبر سلامة، في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن ما يقصده وزير المالية هو المقارنات الشهرية لمعدلات التضخم و هي ترتفع وتنخفض بسبب ظروف غير ثابتة اقتصادياً وربما تكون مرتبطة بتغيرات موسمية، فمثلاً من الطبيعي أن تنخفض معدلات التضخم الشهرية بعد رمضان مباشرة حين يقل الشراء مقارنة بمثيله في رمضان وبالتالي فإن المقارنة الشهرية لمعدلات التضخم هي مقارنة غير معبرة بالمرة.
وأكد سلامة أن الوضع الاقتصادي في مصر يتطلب مقارنة معدل التضخم السنوي بمثيله للعام الماضي لا شهراً بشهر، نظرًا لحالة الركود التضخمي الناتجة عن ارتفاع اسعار السلع والبضائع؛ لأننا نستورد كل شيء تقريباً من الخارج بالإضافة إلى ما قام به البنك المركزي من كارثة جديدة و هي رفع أسعار الفائدة فأضيفت إلى الكارثة السابقة في نوفمبر الماضي الخاصة بالتعويم.
وأوضح أن هذا كله من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التضخم؛ لأن اقتصادنا ليس إنتاجياً و ليس في حالة طبيعية ولكنه قائم على الاستهلاك فقط مما يجعل من التجار يقترضون ويقومون بفتح اعتمادات مستندية بالدولار ويقومون ببيعها بالأجل لتجار التجزئة بأسعار أعلى من السابق لتعويض فرق الفائدة وهو ما سيعود سلباً على المستهلك النهائي من خلال رفع أسعار السلع.
وبين أن البنك المركزي أراد أن يعالج التضخم بزيادة سعر الفائدة فقام في حقيقة الأمر بزيادة هذا التضخم الذي سيصحبه عدم إقبال من المستهلكين على الشراء بسبب نقص القوة الشرائية بفعل محدودية الدخول مما سيؤدي إلى الركود التضخمي.
ورأى الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن التضخم وارتفاع معدلاته من الأساس من صنع التعويم، معتبرًا أن انخفاضه في الفترة المقبلة لن يكون بسبب مرور عام على تحرير سعر الصرف، ولكن بسبب إجراءات الحكومة التى تحاول من خلالها معالجتها.
وأضاف النحاس، في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن تعويم الجنيه ترتب عليه حالة من الركود وبطء في عملية الشراء والبيع فارتفع التضخم، لافتا إلى أن الحكومة تعمل على تحريك الأسعار من خلال الإجراءات مثل زيادة سعر الفائدة أو الزيادة النسبية في الأجور.
وذكر النحاس أنها تعمل على تنشيط الحركة التجارية التي تؤدي إلى انخفاض الأسعار ومن ثم انخفاض معدلات التضخم، بالإضافة إلى التنازل عن التمسك بالدولار في الوقت الحالي وهو ما قد يؤدي إلى تراجعه مقابل الجنيه وعودة القوة الشرائية للجنيه من جديد.
وفي منتصف الشهر الجاري، توقعت شركة "سى آى كابيتال" أحد أكبر بنوك الاستثمار فى مصر والمنطقة، انخفاض معدلات التضخم فى مصر مع نهاية العام الحالى 2017 إلى 13% مقابل أكثر من 30% حاليا.
وقال هانى فرحات كبير الاستشاريين الاقتصاديين بشركة "سى آى كابيتال"، فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن الصدمة فى معدلات الأسعار بالأسواق ستتلاشى بحلول ديسمبر المقبل، كما توقع استقرار سعر صرف الدولار بين مستويات 14 و16 جنيهًا مقابل 18 جنيهًا حاليا.
وأضاف فرحات، أن معدلات الاستثمار ستشهد تحسنًا كبيرًا فى الفترة المقبلة، ليصل إجمالى الاستثمار الأجنبى إلى نحو 10 مليارات دولار بنهاية العام الحالى ترتفع إلى 12 مليار دولار العام المقبل 2018.
وتوقع الاستشاريين الاقتصاديين بشركة "سى آى كابيتال"، ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى إلى 5% العام المقبل وتراجع معدلات الفائدة بما يعادل 100 إلى 150 نقطة أساس بنهاية 2017.