بـ4جبهات مفتوحة ..كيف تواجه الدولة الإرهاب وتحمي حدودها؟

كتب: عبدالغني دياب

فى: أخبار مصر

22:00 08 يوليو 2017

في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة شنت عناصر تكفيرية عنيفا على أحد التمركزات الأمنية بجنوب رفح، أسفر عن استشهاد  وإصابة 26 من أبطال القوات المسلحة، ومقتل أكثر من 40 فرد تكفيري وتدمير 6 عربات تابعة للتنظيم الإرهابي، لكن سؤالا ملحا بات يطرح نفسه على الأوضاع الأمنية بسيناء “ كيف تثأر الدولة لشهدائها هناك؟

 

 

وخلال السنوات الثلاث الماضية تتعرض مواقع عسكرية وشرطية وأفراد أمن، لهجمات مسلحة بشمال سيناء ، فيما تعلن جماعات متشددة المسؤولية عن كثير من هذه الهجمات.

 

 

التساؤل المطروح عن عمليات الثأر جاءت ردود المتخصصين عليه متباينة، ليوجز الجميع الإجابة في ثلاث نقاط رئيسية، أولها معرفة العدو الحقيقي، والتوحد في مواجهته، ويليها عدم توسيع دوائر المواجهة واستعداء أطراف ليست ضمن المعادلة، وثالثها توفير المعلومات اللازمة وتشكيل لجنة من متخصصين حقيقية لإدارة ملف مواجهة الإرهاب.

 

الجيش قادر على الثأر

 

في البداية يرفض اللواء محمد الغباشي، نائب رئيس حزب حماة الوطن والضابط السابق في القوات المسلحة تقديم أي نصائح عسكرية للجيش المصري، مؤكدا أن القادة العسكريين في ميدان المواجهة هم الأقدر على تحديد المسارات الأصلح ولا يمكن للبعيدين عن الأمر إعطاء النصائح فيه حتى ولو كانوا عسكريين سابقين.

 

 

ويضيف لـ"مصر العربية" أن هناك بعض الدولة المتهمة برعاية الإرهاب وتحديدا قطر والتي اتخذت بعض الدول العربية مؤخرا قرارا بمقاطعتها، معتبرا أن العملية جاءت للرد على الموقف المصري الخليجي من الدوحة.

 

ويستدل الغباشي على حديثه بأن الإرهابيين كانوا ما بين 150 و 200 فرد، إضافة لاستخدامهم عربات دفع رباعي مصفحة وأسلحة ثقيلة وعتاد عسكري وهو ما يحتاج الملايين من الدولارات، متبنيا وجهة النظر التي تتهم قطر بتمويل تنظيمات إرهابية.


 

ويقول الغباشي إن مصر تواجه حرب وجود وأنه على الجميع أن يتوحد في المواجهة مهما اختلفت التوجهات السياسية أو الفكرية بين أبناء الوطن، ﻷنه في الحرب لا توجد وجهات نظر.

 

 

ومن الناحية العسكرية يشير إلى أن الأمر لا يتطلب المزايدات بالحديث عن خطط المواجهة العسكرية أو العمليات القتالية، ﻷن الحرب ضد الإرهاب حرب طويلة كما أنه لم يثبت أن دولة فتحت جبهات للحرب في أربع جهات حدودية كما تفعل مصر حاليا.

 

 

ولفت إلى أن هناك مجهودات جبارة تنفذها القوات المسلحة في الجنوب والغرب وشرقا في سيناء إضافة للشمال الممتد عبر البحر المتوسط الذي من الوارد أن يخترق لدخول أفراد أو سلاح.

 

 

عدو غير تقليدي

 

وتابع أن الحرب مع الإرهاب غير تقليدية ﻷن القوات المسلحة تواجه عدو غير تقليدي فليست مواجهة بين جيشين، لكن ما يحدث أن العدو مختفي بين الأهالي.

 

 

وقال إن آليات المواجهة والثأر تعتمد على تقدير موقف قائم على أربعة محاور الأول متمثل في رصد العدو، والثاني معرفة قدرات قواتنا المسلحة، والثالث هو الأرض ورابعها الظروف المحيطة مؤكدا أن هناك تقدم ملحوظ للقوات وأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان على حد وصفه.

 

 

الحشد ضد قطر لن يجدي

 

فيما يرى الدكتور مختار الغباشى، نائب رئيس المركز العربي للدراسات،  أن الأمر لا يجب معالجته على النحو القائم حاليا خصوصا من الناحية السياسية والإعلامية، فحشد الجماهير وعمل حملات إعلامية ضد الإرهابيين لن تفيد في الحرب القائمة حاليا.

 

 

ويقول الغباشي إن الأصل في المواجهة هو معرفة أصل تواجد الجماعات الإرهابية وسبب نشأة هذه المجموعات، مشيرا إلى أن مواجهة الإرهاب والقضاء عليه يحتاج لجهود أمنية واجتماعية، وسياسية ونفسية أيضا.


 

وأضاف أن الإرهابيين ليسوا كائنات فضائية تخرج لتنفيذ عملياتها ثم تختفي لذا لابد أن تحدد الدولة عدوها في البداية، منتقدا ما تم ترويجه إعلاميا بعد الحادث بزيادة الحملة ضد قطر على أساس أنها راعية للإرهاب بالمنطقة واتهامها بأنها وراء العملية.

 

 

وأوضح أن القضية أقدم من الخلاف القطري الخليجي المصري، مؤكدا أنه لو لم تسوى القضية السورية، والعراقية وتنتهي الحرب في اليمن سيبقى هناك إرهاب ليس في مصر فقط ولكن في غالبية الأقطار العربية.

 

 

الطائفية السياسية

 

ولفت إلى أن المجموعات المسلحة ظهرت في الأساس كحركات مقاومة للطائفية السياسية التي طبقت في العراق، للرد على العمليات القمعية التي شنت ضد السنة، لذا تحالف مع بعض هذه التنظيمات عشائر سنية عملت على مواجهة زيادة نفوذ الحشد الشعبي وغيره من المنظمات الشيعية،  وزادت بعد قيام ثورات الربيع العربي بعدما تحولت الأراضي السورية والعراقية لساحة مواجهة مسلحة بين المتصارعين فكريا.


 

وتابع أن تجييش الناس ضد عدو خفي لن يجدي وبالتالي لابد من التوحد إقليميا على عدة مفاهيم أولها معرفة من هو العدو المشترك للجميع حتى يمكن مواجهته، لكن حاليا يوجد مفاهيم متضاربة، فهناك صورة متباينة تجاه المجموعات الإرهابية بالمنطقة العربية.

 

 

وزاد أنه على سبيل المثال بعض التنظيمات المسلحة العراقية تعتبرها دول الخليج إرهابية، بينما لا تعترف حكومتها بذلك و تراها قوات موالية للدولة،كالحشد الشعبي على سبيل المثال، وكذلك بعض المجموعات المسلحة في سوريا بعض الدول تراها إرهابية بينما يراه أخرون مجموعات تقود نضال مسلح ضد سلطة فاقدة للشرعية.

 

ونوه إلى أن جراح المواجهة مع الإرهاب مفتوحة منذ 3 سنوات، وحتى الآن لم يلتئم الجرح، متهما بعض أجهزة الإعلام بعدم فهمها لآليات المواجهة بشكل كبير.

 

 

وألمح أنه ليس مؤيدا لقطر في موقفها من القضايا العربية لكنها من وجهة النظر المنصفة نجحت خلال الفترة الأخيرة في كسب تعاطف دولي معها بسبب ضحالة ما رفعته دول المقاطعة من مطالب وعدم تطابقه مع الواقع، كما أن دول المقاطعة تسببت في تسليم الدوحة طواعية لإيران وتركيا كي يستندون عليها في المواجهات القائمة بين الصراعات الإقليمية القائمة.


المعلومة غائبة

 

ويذهب الدبلوماسي السابق معصوم مرزوق، القيادي بحزب تيار الكرامة المعارض، ﻷن هناك عنصر ثالث في المواجهة مع الإرهاب وتحقيق الثأر المنشود، يتحقق في توافر المعلومات المطلوبة مشيرا إلى أن هناك غياب كامل للمعلومات عن طبيعة العدو وعدده ووسائل تمويله.

 

 

ويقول لـ"مصر العربية": بصفتي عسكري سابق خدمت بسلاح الصاعقة المصرية إبان حربي 67 و73، فإن هناك أسئلة ملحة تفرض نفسها على المتابعين للعمليات التي تتم بسيناء، أولها أسباب تكرار نفس الحوادث، ولماذا لم يتم اختراق صفوف هذه التنظيمات حتى الآن، مشيرا إلى أن مكان تواجد هذه المجموعات معروف وأي عسكري يمكنه وضع خطة للمواجهة لكن يبدوا أن هناك معلومات غائبة عنا.

 

لجنة للمواجهة

 

ويطالب مرزوق بضرورة تشكيل لجنة من خارج المجموعة المعنية حاليا بعمليات الثأر تتكون من عسكريين متخصصين و مفكرين سياسيين ومتخصصين في الشؤون الثقافية والاجتماعية لعمل خطة لمواجهة مثل هذه التنظيمات على أكثر من جبهة وليس عسكريا فقط.

 

اعلان