«ضريبة على مواقع التواصل الاجتماعي».. مشروع قانون تحت الدراسة
نحو 38 مليون شخص يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، منهم من وجد في هذه الشبكات وسيلة جيدة لتسويق منتجاتهم عن طريق الإعلانات التي توفرها هذه الوسائل، ولكن مؤخرًا كثر الحديث حول مشروع قانون فرض ضريبة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أثار تخوفات وانتقادات المستفيدين من هذه الخدمة.
فعلى مدى الأيام الماضية تناقلت وسائل الإعلام الحديث عن مشروع قانون يدرسه البرلمان حول فرض ضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم نفي مجلس الوزراء بأنه تقدم بهذا المقترح إلى مجلس النواب، إلا أن بعض النواب قالوا إنه يتم بالفعل دراسة هذا المقترح بهدف توفير مليارات الجنيهات للدولة سنويا.
ويقدر عدد مستخدمي الإنترنت في مصر بـ 50 مليون مستخدم، منهم 38 مليون شخص يستخدمون موقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب 11 مليون شخص يستخدمون "إنستجرام"، و3 ملايين يستخدمون "لينكد إن"، وذلك وفقًا لتصريحات عبد الرحمن سليم مدير شركة "آي إم أف إن دي" العالمية، خلال منتدى التسويق والتجارة الإلكترونية الثالث، الذي انعقد في مارس 2018.
مقترح قديم
ولم يكن مقترح فرض ضريبة على مواقع التواصل الاجتماعي حديثا، ففي عام 2016 نقل موقع "اليوم السابع" الإخباري عن عبد المنعم مطر، المشرف العام على تطبيق قانون الضريبة على القيمة المضافة، إن وزارة المالية تدرس طبيعة الخدمات الإعلانية المقدمة على مواقع التواصل الاجتماعى، التى لم تدرج بجدول الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة، وبينها مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها من الخدمات.
وأضاف عبد المنعم مطر، أن التجارة الإلكترونية بالفعل تخضع لضريبة القيمة المضافة، لافتا إلى أنه بدأ التنسيق بالفعل مع البنوك للوقوف على حجمها والمتعاملين من خلالها وبالتالى تحصيل الضريبة المستحقة عليها.
مشروع بـ"بكري" و60 نائبا
ومن حين لآخر يطفوا هذا المقترح على السطح من جديد، وفي نهاية 2017 الماضي أعلن الكاتب الصحفي وعضو مجلس النواب مصطفى بكرى، أنه بدأ في إعداد قانونا لفرض ضريبة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسيوقع عليه 60 نائبا، ثم يُحال إلى اللجنة التشريعية بالبرلمان.
وأوضح النائب مصطفى بكرى، في تصريحات صحفية، أن فرض ضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي تعد حماية للصناعة الوطنية والمواقع الإخبارية الموجودة فى مصر، مشددا أن الضرائب ستكون مقتصرة على الإعلانات وليس التصفح بالموقع.
وفي شهر يونيو الماضي تداولت بعض المواقع الإخبارية أنباء بشأن تلقي مجلس النواب مشروع قانون جديد بفرض ضرائب على الإعلانات المدفوعة والمجانية على شبكات التواصل الاجتماعي ومنها "فيس بوك، جوجل، تويتر"، وهو ما نفاه بعض النواب خلال تصريحات صحفية، مؤكدين أنه هذا الحديث عار تماما عن الصحة.
الوزراء ينفي
في السياق نفسه، نفى مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء، خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك في 4 يوليو الجاري، ما تردد حول وجود دراسة لدى وزارة المالية لفرض ضرائب على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال المركز إنه تواصل مع وزارة المالية، وأكدت له أن هذا الخبر عارٍ تماماً عن الصحة، وأن هذه الحسابات الإلكترونية هي خدمات مجانية تقدمها هذه المواقع للمواطنين ولا يمكن فرض ضرائب عليها.
تحت الدراسة
ولكن قبل يومين قال النائب جون طلعت، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن مشروع قانون فرض ضرائب على الإعلانات التجارية بمواقع التواصل الاجتماعي مازال في مرحلة الدراسة ولايزال لدى الحكومة ولم يصل إلى البرلمان.
وأوضح طلعت، في مداخلة هاتفية لبرنامج «رأي عام»، الذي يعرض على فضائية «TEN»، أن هناك العديد من العوائق التي تقف أمام تنفيذ هذا المقترح، منها شركات مثل فيسبوك وجوجل وغيرها ليس لها مقرات في مصر، وبالتالي لن لا يمكن تحصيل الضرائب منها.
وأضاف أن وزارة المالية شكلت لجنة لإيجاد حلول لمثل هذه المشكلات، متوقعًا أن هذا القانون بعد تطبيقه سيوفر مليارات الجنيهات للدولة سنويًا، مشددا أنه لن يتم فرض ضرائب على الصفحات التجارية العادية على مواقع التواصل الاجتماعي، بل سيتم فرضها على الإعلانات المدفوعة، وسيتم تحصيل الضرائب من الشركات وليس من المستخدمين.
يوفر مليارات للدولة
ونقلت بعض المواقع عن مصلحة الضرائب، أن التقديرات الأولية لحصيلة فرض ضرائب على إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وجوجل، لن تقل عن مليار جنيه سنوياً، منوهة إلى أنه بالفعل تخضع هذه الإعلانات لقانون ضريبة القيمة المضافة، ونسبتها 14%، وجاري بحث تطبيقها بأثر رجعى منذ سبتمبر 2016، بفرض الضريبة على الشركات المعلنة.
ويأتي ذلك رغم أن أحكام وشروط استخدام الإعلانات على "جوجل" تنص على أن الشركة "جوجل" هي من تتحمل كافة الضرائب المفروضة على المستخدم إن وجدت.
وفي المقابل حذر النائب تادرس قلدس، عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب، من خطورة فرض ضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي، موضحا أن الشباب يعتمد على هذه الشبكات بشكل أساسي ومن الممكن أن يدفعهم للاستقطاب بهدف الحصول على حساب شخصي بعد فرض الضريبة.
ونوه قلدس، خلال بيان صحفي في وقت سابق، إلى أنه بالرغم من أن مصر تأتي ضمن المراكز الأولى عربيا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه لا يمكن فرض ضرائب على شركة غير قائمة على الأراضي المصرية.
عوائق التنفيذ
في هذا الإطار أشار خبراء اتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى وجود عوائق أمام تطبيق هذا القانون حال إقراره، وعلى رأسها عدم قدرة الحكومة على تحصيل الضرائب من شركات التواصل الاجتماعي التي لا يوجد لها مقار داخل مصر، فضلا عن صعوبة تحصيلها عن طريق الشركات المعلنة والتي تصل إلى ملايين الصحفات وقنوات الفيديو.
ومن أجل مواجهة هذه العوائق بادر بعض النواب بعرض بعض المقترحات والآليات لفرض وتحصيل الضريبة لصالح الدولة المصرية، وجاء ذلك خلال تصريحات وبيانات صحفية، مع تكرار الجدل حول مشروع قانون فرض ضريبة على مواقع التواصل الاجتماعي.
محمد فؤاد، عضو لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، ذهب إلى أنه يمكن تحصيل الضرائب عن طريق المبيعات، أي تُفرض الضريبة على كل معلن ويخضم الضريبة طبقا للقواعد الضريبية بالقيمة المضافة.
وأوضح فؤاد، خلال تصريحات صحفية سابقة، أن التعامل سيكون بنفس نظام التعامل الضريبى العادى، وهو أن تخصم الشركات الضريبة من المنبع وتقوم بتسديدها إلى الدولة.
فيما اقترح النائب خالد عبد العزيز فهمى، أن يتم الضغط على المسؤولين عن إدارة الفيس بوك وجوجل وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، ليكون لهم مقرات داخل مصر، ومن ثم تفرض عليهم الضريبة أسوة بالدول الأخرى.
سخرية النشطاء
وفي المقابل أثار مقترح فرض ضريبة على مواقع التواصل الاجتماعي غضب رواد "السوشيال ميديا"، إذ علق أحدهم قائلا :"بص انا عندي فكرة احسن اللى هيتنفس يدفع ضريبة، وعلق آخر :"ضريبة على الفيس وجوجل مانتحبس أحسن".
وسخر ناشط آخر من هذا المقترح قائلا :"فيه طريقة احسن.. ركبوا لكل شخص عداد لأخذ ضريبة التنفس، .. ده بدلا من تخفيض سعرها او حتى جعلها مجانا يا متخلفين..طب هتتبادلوا المقاطع الإباحية ازاي !! وعلى حساب مييييين حسابنا طبعا ".
تجربة أوغندا
وبينما يدور الجدل في مصر حول مدى إمكانية تطبيق هذا المقترح الذي لايزال طور الدراسة، بدأت أوغندا بالفعل في فريض ضريبة على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بدء من 1 يوليو الجاري، وذلك بمبلغ 200 شلن أوغندي (5 سنتات أميركية) كضريبة يومية على مستخدمي تطبيقات المراسلة والتواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام وواتساب.
وكان البرلمان الأوغندي قد أقر في وقت سابق مشروع قانون الضريبة على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وأوضح وزير الدولة للشؤون المالية الأوغندي ديفيد باهاتي، إن البلاد بحاجة إلى هذه الزيادات الضريبية كي تدفع دينها الوطني المتنامي.
وهناك أيضا من انتقد هذا القانون في أوغندا، إذ ررأوا أنه من المحتمل أن تزيد تكلفة البيانات في بلد يبلغ فيه متوسط دخل الفرد حوالي 600 دولار، حيث تعتبر تكاليف تحميل البيانات في أفريقيا من بين أعلى المعدلات في العالم، وفقا لموقع "أفريكان نيوز".