أسعار النفط تتهاوى وسط ضعف اقتصادي عالمي.. هل يتزايد الخطر على الخليج؟
تداولت وكالات الأنباء، اليوم الثلاثاء، خبرا مزعجا للكثيرين، لاسيما دول الخليج النفطية، وهو أن تهاويا حدث في أسعار النفط، حيث هبط الخام الأمريكي 2.1%، وخام برنت 0.7%، وسط تصاعد المخاوف من اقتصاد عالمي آخذ بالضعف، في ظل النزاع التجاري الأمريكي الصيني.
وانخفضت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.16 دولار بما يعادل 2.1%، ليتحدد سعر التسوية عند 53.94 دولار للبرميل. وكان أدنى سعر خلال الجلسة 52.84 دولار، وهو الأقل منذ التاسع من أغسطس الماضي.
وفقدت عقود خام برنت 40 سنتا أو 0.7% لتغلق عند 58.26 دولارا، وهوت خلال المعاملات إلى 57.23 دولار للبرميل، وهو أيضا أدنى مستوى منذ التاسع من أغسطس الماضي.
وواصلت الأسعار خسائرها، بعد بيانات أظهرت انكماش نشاط المصانع الأمريكية في أغسطس للمرة الأولى في ثلاث سنوات.
وفي وقت سابق، أظهرت بيانات منفصلة انكماش النشاط التصنيعي بمنطقة اليورو للشهر السابع في أغسطس أيضا.
وتشير هذه الأرقام إلى أن أسعار النفط تراجعت بحوالي 20 %، منذ ذروة 2019 التي بلغتها في أبريل الماضي، متأثرة بالمخاوف من أن تنال حرب التجارة من الطلب على النفط.
ونقلت وكالة "رويترز" عن "جون كيلدوف"، من "أجين كابيتال" في نيويورك قوله: "ذلك التدهور يواصل تقويض توقعات نمو الطلب على النفط".
توقعات سابقة
هل هذا التطور جديد؟.. لا، إليك التالي..
في نهاية عام 2018، تنبأت "وكالة الطاقة الدولية" (IEA) بأن يزيد الطلب على النفط خلال عام 2019 بمقدار 1.5 مليون برميل في اليوم.
ولمّا أصدرت تقريرها نصف السنوي، في شهر يوليو الماضي، عدّلت توقعاتها في ضوء الإحصاءات المتاحة إلى 1.2 مليون برميل زيادة.
ولم يمض أسبوع على ذلك التقرير، حتى أصدرت الوكالة تقريراً عدّلت فيه توقعات الزيادة في الطلب بمقدار 1.1 مليون برميل فقط، لكن أسعار النفط بقيت تتراوح في هامش بين 60 و70 دولاراً، والأرجح أن تقديراً أدق سوف يُبقيها في حدود 63 إلى 65 دولاراً للبرميل الواحد من نفط "برنت".
تشير الأرقام السابقة إلى أن تحت بحر أسعار النفط العالمي، الذي يبدو ساكنا عند النظر إليه منذ الوهلة الأولى، تيارا سفليا هائجا، يتعارك ويضطرم في اتجاهاتٍ دوامية متناقضة.
وقد تبيّن أن معدل النمو الاقتصادي في الصين، كما صرحت به الحكومة، قد هبط إلى 6.2%، وهو رغم ذلك الهبوط يبقى من أحسن معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي لأي دولة، إلا أنه أقل مما كان متوقعاً، حيث تراوحت معدلاته بين 6.5% و6.7% للعام 2019.
تباطؤ النمو الاقتصادي
لذلك جاء الهبوط إلى أدنى من ذلك مفاجئاً إلى حد ما. وحيث إن الصين الآن أكبر مستورد للنفط السائل بمقدار أحد عشر مليون برميل يوميا، فإنه في ضوء هذا التراجع في النمو ينزل إلى 10 ملايين برميل أو أقل.
وكذلك، رأينا أن النمو الاقتصادي بدولٍ كثيرة نما في السنين السابقة بمعدلات مرتفعة، وقد بدأت تشهد تراجعاً. ومن أمثلة ذلك الهند وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا ودول الخليج ومعظم دول أوروبا، كألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ودول إسكندنافيا.
لذا، قلل تراجع معدلات النمو الاقتصادي الطلب على النفط.
ما يحدث حاليا يمثل أزمة لدول الخليج، لكن السعودية تشعر بانزعاج خاص، حيث تأتي تلك التطورات بالتزامن مع سعي الرياض لإعادة إحياء اكتتاب عملاقها النفطي "أرامكو".
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، قبل ساعات، أعده كل من "روري جونز" و"ديفيد هوداري"، فإن الأسعار المنخفضة للنفط تهدد الاستثمارات الأجنبية في المملكة واهتمام المستثمرين في عملية اكتتاب شركة "أرامكو" في السوق المالي.
وبالإضافة إلى توقعات النمو المنخفض للاقتصاد السعودي، بسبب تعثر مشروعات غير نفطية للمملكة، لأسباب سياسية واقتصادية، فإن الوقت غير مناسب تماما لتباطؤ في القطاع النفطي، سببه استمرار الانخفاض العالمي لسعر الذهب الأسود.
وقالت الصحيفة إن عافية الإقتصاد السعودي أصبحت مهمة للمستثمرين العالميين ومسؤولي الحكومات في السنوات القليلة الماضية، خاصة أن المملكة بدأت بفتح نظامها المالي للعالم الخارجي، وعليه فإن التراجع قد يهدد النشاط الإقتصادي والذي يشمل حصصا كبيرة في شركات مثل "تيسلا إنك"، مما قد يخفف من حماس المستثمرين لنقل أموالهم إلى السعودية.
وأورد التقرير أن محللون حذروا من أن إحياء الحديث حول اكتتاب "أرامكو" لن تكون قيمته عالية، حال استمرت أسعار النفط في مستواها المنخفض، في وقت تواصل فيه الحكومة الإعتماد على الشركة لكي توازن ميزانيتها.
ويضيف: لقد دفعت الشركة 20 مليار كأرباح خاصة في النصف الأول من هذا العام رغم تراجع الأرباح 12% بسبب أسعار النفط.
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة والبنوك، فإن الأسعار المتدنية للنفط ستظل موجودة.
ويتوقع "ستانلي مورغان" أن يظل سعر البرميل من خام برنت 60 دولارا، وويست تكساس الوسيط 55 دولارا على مدى عام 2020.