مقترحات برلمانية بـ«الإعدام».. هل تغليظ العقوبة يردع «مروجي الشائعات»؟
"شائعات وأكاذيب ومنصات للإرهاب وبث الفتنة"، كل تلك المصطلحات باتت هي الشغل الشاغل للساحة الإعلامة والسياسية في مصر هذه الأيام، إذ لم يعد هناك حديث يعلو فوق الحديث عن خطوة مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دفع نواب لإعداد مشاريع قوانين تصل فيها العقوبات إلى السجن المشدد والإعدام لمواجهة مخاطر "السوشيال ميديا".
وقبل يومين تحدث مؤتمر الشباب الثامن بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن خطورة حروب الجيل الرابع واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الشائعات والأكاذيب، وكيفية استخدام هذه المنصات من قبل الجماعات الإرهابية للنيل من الدولة المصرية.
ومع حديث الرئيس عن مخاطر "السوشيال ميديا" والذي سبق أن حذره منه في مرات عديدة سابقة، أعلن نواب عن إعدادهم مشاريع قوانين سيتقدمون بها للبرلمان، في دورة الانعقاد القادم في شهر أكتوبر المقبل، تهدف إلى مواجهة الشائعات والأكاذيب التي تبثها منصات مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال تغليظ العقوبات إلى السجن المشدد أو الإعدام.
سجن وغرامة
في دور الانعقاد السابق كان النائب سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، قد تقدم بمشروع قانون لمواجهة الشائعات عبر "السوشيال ميديا" بهدف ضرب استقرار الدولة المصرية، ومن المتوقع مناقشته في دور الانعقاد القادم.
اقتراح وهدان في مشروع القانون عقوبات بالسجن مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن 3 سنوات، لكل شخص يثبت أنه وراء صنع أو ترويج أو تجنيد أو نشر أي شائعة كاذبة.
وتضمن مشروع القانون غرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تتجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتُضاعف العقوبة إذا ترتب عليها وفاة أو إصابة شخص أو أكثر بسبب هذه الشائعة.
إعدام
أما النائب خالد أبوطالب، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، فأعلن أنه سيتقدم بمشروع قانون لمعاقبة مروجي الشائعات والأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، تصل إلى حد الإعدام.
وقال أبو طالب، في بيان صحفي صدر الثلاثاء الماضي، إنه سيتقدم بهذا المشروع في دور الانعقاد القادم، مبررا أن حرب الشائعات لا يقل خطورة عن حرب الإرهاب، لذا يتضمن مشروع القانون الذي يعده حاليا عقوبات رادعة لمروجي الشائعات تصل للإعلام لكل من يتعمد نشر أخبار كاذبة هدفها الإضرار بالأمن القومي للبلاد،.
واعتبر أبو طالب أن نشر الشائعات والأخبار الكاذبة يعد بمثابة خيانة للوطن والدين، خاصة أن البلاد تمر بتحديات صعبة وتواجه حرب ضد الإرهاب وقوى الشر، وتعد الشائعات إحدى الوسائل التي تستخدمها قوى الشر لإثارة البلبلة وزعزعة الأمن والاستقرار.
وأضاف أن هناك أيادي خفية مؤجرة مدفوعة تحاول هذه الأيام العبث بعقول المصريين، ووجدت في مواقع التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنشر الأخبار الكاذبة والمضللة خلال دقائق.
ملاحقة "مروجي الشائعات"
في نفس السياق أعلنت النائبة فايقة فهيم، أنها تعد حاليا مشروع قانون يلزم الحكومة ممثلة في وزارتي الاتصالات والداخلية، بملاحقة مروجي الشائعات والمواد الإعلامية المسيئة للدولة، والتي تحرض على العنف والتطرف وإثارة البلبلة في المجتمع.
وقال فهيم، في تصريحات صحفية، إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بيئة خصبة للتحريض ضد الدولة، من خلال نشر الشائعات والأكاذيب وفبركة التصريحات الرسمية للمسؤولين، بهدف زعزعة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
وتقوم فلسفة القانون الذي تعده "فهيم" على مجابهة خطر نشر الشائعات والأكاذيب والمواد الإعلامية المسيئة للدولة، بمعاقبة وملاحقة المتورطين فيها.
وأشارت إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال كتائبها الإلكترونية، لنشر أفكارها المتطرفة والتحريض ضد الدولة ونشر الفوضى والتشكيك في مؤسسات الدولة، حتى حولت "السوشيال ميديا" إلى منصات لنشر العنف والإرهاب.
السجن المشدد
ولم يذهب النائب صلاح حسب الله، المتحدث باسم مجلس النواب، ببعيد عن سابقيه، إذ أعلن أيضا عزمه التقدم بتعديلات على قانون القانون العقوبات، لوضع مزيد من العقوبات الرادعة لمروجي الشائعات، تصل إلى السجن المشدد.
وقال حسب الله، في تصريحات صحفية، إنه سيتقدم في دور الانعقاد القادم بتعديلات على قانون العقوبات، لأن مواجهة الشائعات أصبحت ضرورة ملحة، في ظل انتشار السوشيال ميديا.
وعلى نفس المنوال أعلن عبدالمنعم العليمي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، تقدمه بمشروع قانون لمروجي الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي والإساءة لمؤسسات ورموز الدولة، يتضمن عقوبات مشددة تصل للحبس، ووضع ضوابط للتعامل مع "السوشيال ميديا".
الزاهد: ليست حل
وتعليقات على مشروعات القوانين لمواجهات مروجي الشائعات، قال مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن مثل هؤلاء النواب السبب في إطلاق الشائعات والناس تسمع الشائعات، وكان الأحرى بهم أن يقرءوا الدرس على وجهه الصحيح.
وأضاف الزاهد لـ"مصر العربية"، إنه عندما يُقيد الإعلام الحر، ولا تتمتع الحكومة في علاقاتها بالمجتمع والرأي العام بالشفافية، وتصادر كل أدوات الإعلام المستقل والإعلام الحكومي نفسه لا يعكس تعددية المجتمع وتنوعه، يصبح الناس فريسة للشائعات والإعلام الأجنبي.
وتابع:"الناس أصبحت تبحث وتجري وراء مختلف المنابر التي تقول شيء مختلف عما هو شائك في الإعلام الرسمي، لذلك أقول إن النواب شركاء في صنع هذا الجو، وهم من يستحقوا العقاب".
واستطرد:"الناس لم تعد تر إلا إعلام موالي، ونواب لا يمارسون أعمالهم الرقابية، ومساحات السلطة القضائية تتقلص، وتقييد لحرية العمل الإهلي، كل ذلك يجعلهم قابلون لتصديق ما تقوله الأطراف الأخرى".
وأردف الزاهد :"الشائعات هي بنت المجتمع المقيد والمغلق، الذي تحكمه أدوادت الاستبداد، وإذا كنت تريد مواجهة الشائعات، فالمواجهة تكون بالعمل على عكس ما تقوله الأطراف الأخرى، وليس تغليظ العقوبة".
ورأى رئيس حزب التحالف الشعبي أن مواجهة الشائعات يكون من خلال إتاحة الفرصة للإعلام ليمارس دوره بحرية ويعبر عن كل تيارات المجتمع، وأن تكون هناك شفافية في تعامل الحكومة مع الشعب، ومواجهة حقيقية للفساد وأن تمارس النقابات أدوارها بحرية.
قانون "جرائم الإنترنت"
وتأتي هذه المقترحات بمشروعات القوانين، في وقت قد أصدر فيه مجلس النواب منذ شهور قانون مكافحة جرائم المعلومات، أو ما يُعرف إعلاميا بـ"جرائم الإنترنت"، والذي تضمن عقوبات تصل إلأى الحبس 5 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه، ضد كل من تعمّد استخدام برنامج إلكترونى لفبركة الصور للمواطنين.
ويعاقب قانون "جرائم الإنترنت" بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تجاوز 30 ألف جنيه لكل من اصطنع بريدا إلكترونيا، أو موقعا أو حسابا خاصا، ونسبه زورا لأحد المواطنين.
وينص القانون على تشديد العقوبة للغرامة التى تصل إلى نحو 300 ألف جنيه والسجن فى حال إذا كانت الجريمة تتعلق بإحدى الشخصيات العامة.