صور| زينة الجدة.. «أم أيمن» قناوية تمارس طقوسها الرمضانية في زمن «كورونا»
زينةٌ رمضانيةٌ صنعتها أنامل الجدة السبعينية، جمَّلت بها أحد شوارع القناوية حيث تَقْطن منذ سنوات طوال، مع رفيق دربها الذي رحل عن الحياة وغاب، فعلى مدار 13 عامًا، اعتادت "أم أيمن" مع دخول رمضان، صُنع وتعليق الزينة مثلما كانت ترى حبيبها يفعل طيلة الفترة التي جمعتهما معًا.
زينة الجدة باتت مع الوقت كلمة السر لفرحة الصغار والكبار أيضًا، كونها تصبغ فرحة وبهجة على المكان وتحول شوارع القرية الصماء لأخرى مُفْعَمة بالروح والحياة في تلك الليالي التي ينتظرها الجميع من العام للعام.
تصوير: طه عبيد
ففي الوقت الذي لزم الجميع منازلهم مع ظهور الوباء وبدء انتشاره في البلاد، وسط تحذيرات بأنه يلتهم أعمار الكبار دون الصغار، لم يهدأ بال الجدة السبعينية دون الانتهاء من زينة رمضان والإشراف على تعليقها بمساعدة من حفيدها "طه" الذي قرر أن يستغل موهبته في التصوير ويلتقط صورًا توثق ما تقوم به جدته مع دخول رمضان.
أطلت الجدة من صور حفيدها "طه" وهي تقف بين تلك الزينة الرمضانية التي صنعتها أناملها، بابتسامة رقيقة تعلو ثغرها، وعينين لامعتين يُنمان عن فرحة ما انتابتها بهذا الانجاز، تعكس قلب طفلة داخلها.
تفاصيل قصة الجدة السبعينية مع الزينة الرمضانية رواها لـ "مصر العربية" حفيدها "طه عبيد"، الذي قرر أن يتشارك مع اصدقائه صورًا لها كفيلة بأن تسرد الحكاية.
تصوير: طه عبيد
الجدة بطلة تلك القصة ، تُدعى "ليلى"، عُرفت بين الجميع هنا في قرية الزوايدة بمحافظة قنا بـ "أم أيمن"، السيدة السبعينية هي في الأصل قاهرية، أما زوجها فكان من صعيد مصر، ولكنه ذات ليلة نزل إلى العاصمة فكان اللقاء الأول بينهما وتقدم لطلب يدها، وعاشا معًا في شارع عبد الحميد حسنين في إمبابة.
تصوير: طه عبيد
وأثناء إقامته في هذا الشارع تعرف على بعض من الأصدقاء، تعلم منهم صُنع زينة رمضان وتعليقها، وظل يفعل هذا في محل سكنه هو وحبيبته بامبابة طيلة فترة اقامتهما هناك.
وتابع الحفيد "طه" سرد الحكاية قائلًا: ذات ليلة شعر جدي بالتعب فأخبر جدتي أنه يريد العودة لمسقط رأسه بقرية العوايدة لأنه يبغي أن يقضي أيامه الأخيرة في الدنيا هناك.
تصوير: طه عبيد
وبالفعل لملمت حبيبته أشياءها وغادرت القاهرة لتُقيم معه في تلك القرية، ولم يكف الجد عن ممارسة عادته المفضلة بتعليق الزينة كل رمضان، حيث يقول "طه": "جدي كان بيحب يخلي النجع ينور، والزينة كانت بالنسبة للأهالي حاجة جديدة محدش كان متعود عليها زمان".
فارق جد "طه" الحياة، وقررت "أم أيمن" حبيبته ورفيقة دربه أن تُكمل إقامتها في بيت رفيق العُمر بالزوايدة، ولم تفكر في العودة للقاهرة حيث مسقط رأسها.
تصوير: طه عبيد
ولم تكتف "الجدة السبعينية" بهذا بل إنها وجدت نفسها مع دخول رمضان على مدار 13 عام، تُحيي ما كان يقوم به زوجها وحب عمرها فتصنع الزينة وتعلقها في الشارع أمام بيتها.
فقبل قدوم رمضان بنحو اسبوع، تطلب الجدة من ابنائها في القاهرة ارسال كل ما تحتاجه من مستلزمات لها كي تصنع زينة رمضان، وعلى محمل الجد تجلس "أم ايمن" تصنع الزينة على مدار أيام فتجدها تصنع من الفسيخ شربات، بتحويل اي شئ قد يكون باليًا أو قطع قماش إلى زينة جميلة بعد حياكتها، كما تحرص على اخراج الفوانيس الـ 7 الموجودة ببيت الجد ليتم غسلها استعدادًا لتعليقها.
تصوير: طه عبيد
فهذا العام كان برفقتها طه، الذي ساعدها في تعليق الزينة، قائلًا: "جدتي هي من قامت بكل شئ، حتى أنني حينما ساعدتها في تعليق الزينة، كنت اضعها في المكان الذي تحدده هي وتحفظه منذ سنوات طوال، فيظهر شارعها بذات الحُلة في رمضان كل عام.
الجميل في القصة أن أطفال القرية اعتادوا كل عام أن يجوبوا حاملين الطبول والرق، في اشارة منهم إلى أن شهر رمضان قد حل، ومثل كل مرة تنتهي جولتهم عند بيت الجدة "أم أيمن" حيث يقفوا تحت زينتها وشرفة منزلها ينشدوا ويقرعوا الرق والطبول، ثم يغادر كل واحد منهم إلى حيث يشاء.
تصوير: طه عبيد