الحياة بعد كورونا.. «متلازمة الكوخ» تهدد الملايين حول العالم
البعض أصابه الملل والضجر من الجلوس بالمنزل منذ تفشي فيروس كورونا، يتمنى لو أنَّ الوباء ينتهي حتى ينطلق إلى الشوارع والمدن والحدائق، ويطوف على الأصدقاء والأقارب، لكن ليس الجميع سيكون قادرًا على الاندماج مع الحياة الطبيعية مرة أخرى حتى إذا انتهى الوباء، ربما تكون أصابته "متلازمة الكوخ".
فبعد أكثر من شهرين ونصف من الحجر المنزلي وتدابير الإغلاق بسبب فيروس كورونا المستجد، تفشت ظاهرة طبية جديدة تثير القلق تعرف بـ"متلازمة الكوخ"، أصبحت تهدد الملايين حول العالم.
وأودى فيروس كورونا المستجدّ على الأقل بـ294 ألفا و199 شخصاً حول العالم منذ ظهر في الصين في ديسمبر، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استناداً إلى مصادر رسميّة.
وسُجّلت رسميًّا أكثر من أربعة ملايين و305 آلاف و340 إصابة في 196 بلداً ومنطقة. ولا تعكس الإحصاءات إلّا جزءاً من العدد الحقيقي للإصابات، إذ إنّ دولاً عدّة لا تجري فحوصا لكشف الفيروس إلا للحالات الأخطر، وبين هذه الحالات، أُعلن تعافي مليونا و473 ألفا و700 مصاب على الأقلّ.
أصابت أكثر من مليون
الجمعية الإيطالية للطب النفسي، أطلقت صافرة إنذار بسبب معاناة أكثر من مليون إيطالي من متلازمة الكوخ بعد تقليص إجراءات العزل المنزلي.
هذه المتلازمة تفشت أيضًا في إسبانيا، بحسب تقرير لـ"فرانس 24"، إذ شعر العديد من السكان في عدم رغبتهم في العودة إلى مناهج الحياة الطبيعية، بالإضافة خوفهم من عدم التكيف مع الحياة الجديدة.
وكشفت دراسة جديدة أجريت في العاصمة الصينية بكين، عن إصابة أعداد كبيرة من الصيين بـ"متلازمة الكوخ"، ولم يستطعوا العودة إلى الحياة الطبيعية رغم السيطرة على الفيروس في بلادهم.
رئيسا الجمعية الإيطالية للطب النفسي ماسيمو دي جيانانتونيو وانريكو زانالدا، قالا في تقرير نشره موقع "tgcom24"، إنّ العديد من الأشخاص يعيشون الآن أوقاتًا صعبة خوفًا من مواجهة حياتهم السابقة، ومغادرة المنزل الذي أصبح ملجأ يحميهم ويحفظهم من الفيروس.
ما هي "متلازمة الكوخ"؟
تتمثل متلازة الكوخ في صعوبة مغادرة الأشخاص للمنزل الذي أصبح ملجئًا يحميهم من الفيروس الجديد، فالبعض قد يصيبه القلق والإحباط جراء البقاء في المنزل لفترات طويلة.
هذا الاضراب النفسي المعروف بـ"متلازمة الكوخ"، شُخص لأول مرة في عام 1900 في أوساط الصيادين والمنقبين عن الذهب في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان يشعر بعضهم بقلق كبير من الخروج من الأكواخ بعد أشهر طويلة من العيش فيها.
تشير "متلازمة الكوخ" إلى القلق المؤلم الذي يواجه الشخص أو مجموعة من الأشخاص عندنا يكونوا في مكانا معزولا في أماكن ضيقة لفترة طويلة من الزمن، وفقا لتقرير بـ"نيويورك تايمز" بتاريخ 3 فبراير 2004 بعنوان " تقارير من المخابيء من قبل بعض الناجين" لـ"رون ألسكندر".
أعراض "متلازمة الكوخ"
وقد يعاني الشخص من "متلازمة الكوخ" في حالة مثل العزلة داخل كوخ عطلة في الريف، أو قضاء فترات طويلة تحت الماء في غواصة، أو عزله عن الحضارة، وفقا لتقرير بـ"نيويورك تايمز".
وأثناء الإصابة بـ"متلازمة الكوخ" يعاني المصاب من النعاس أو الأرق، أو عدم الثقة في أي شخص يكون معه، أو لديه الرغبة في الخروج حتى في ظروف معاكسة مثل سوء الأحوال الجوية أو الرؤية المحدودة.
"متلازمة الكوخ" ليست مرضا في حذ ذاتها، ولكنها تقود المصاب إلى اتخاذ قرارات غير منطقية يمكن أن تهدد حياته أو حياة المجموعة التي يقتصر عليهم.
نصائح حتى تتجنب "متلازمة الكوخ"
يشير الأطباء إلى أن هذه المخاوف من الاندماج في الحياة، تعتبر ردة فعل طبيعية وشائعة حتى عند الأشخاص الذين يتمتعون بتوازن نفسي، وفقا لـ"فرانس 24".
ونصح الأطباء بالتوجه إلى الخبراء النفسيين، إاذا استمرت أعراض متلازمة "الكوخ" أكثر من 3 أسابيع حتى لا يصبحوا عرضة لحخطر الإصابة بالأمراض النفسية.
كما نصح الأطباء برؤية الأصدقاء وأفراد الأسرة، للحصول على الدعم النفسي اللازم لمواجهة هذه الأزمة النفسية الجديدة .
وفي حالة تزايد القلق والإحباط والأرق والمزاج السيء، فلابد من التوجه إلى الخبراء النفسيين وعدم الاستهانة بالوضع، وفقا لرئيس الجمعية الإيطالية "جيانانتونيو وزانالدا".
وأظهرت الأبحاث أن التفاعلات الوجيزة مع الطبيعة يمكن أن تدعم المزاج الإيجابي، والرفاهية بشكل عام، مثل الخروج من المنزل والتفاعل مع الطبيعة مباشرة، وتغيير المناظر الطبيعية والمناطق المحيطة بالفرد الذي يعاني من "متلازمة الكوخ"، حتى يحفز الدماغ والجسم للتخلص من مشاعر الإحباط جراء الأماكن المغلقة، فيعود للانفتاح على العالم مرة أخرى.