استقلال دار الإفتاء.. بدأه علي جمعة واستكمله شوقي علام

كتب: فادي الصاوي

فى: أخبار مصر

22:50 19 يوليو 2020

أصبحت دار الإفتاء المصرية قاب قوسين أو أدنى من الاستقلال شبه التام عن الأزهر الشريف ووزارة العدل، بعد موافقة مجلس النواب المصري على بعض مواد مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء الذي تقدم به الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان، وينص على جعلها الجهة المختصة بالفتوى فى البلاد، وأن يتم تعيين المفتي بقرار من رئيس الجمهورية ضمن 3 أسماء ترشحهم له هيئة كبار العلماء، بعد أن كانت الهيئة الأزهرية هي من تنتخب المفتي ويقتصر دور الرئيس على التصديق على القرار فقط.

 

وكانت دار الإفتاء قد استَقلت ماليًّا وإداريًّا عن وزارة العدل في نوفمبر 2007، وأصبحت لها لائحة داخلية ومالية تمّ اعتمادهما ونشرهما في جريدة الوقائع المصرية، وتتبع الدار وزارة العدل تبعية سياسية هيكلية فقط، دون أن يكون للوزارة أي سلطة عليها، وينحصر سبب هذه التبعية فيما تقوم به دار الإفتاء من نظر في قضايا الإعدام وإبداء الرأي الاستشاري فيها.

 

ويرجع الفضل في هذا الاستقلال إلى الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، بعد أن تولى المنصب بـ4 أعوام.

وقال علي جمعة فى إحدى مؤتمراته الصحفية: "نحن أصبحنا هيئة مستقلة مثل هيئة البريد وهيئة السكك الحديد مستقلة بكل شيء"، لافتا إلى أنه فى السابق إذا احتاجت الدار أن تغير مصباحًا كهربائيًا كان المفتي يذهب إلى وزارة العدل ليطلب منهم الأمر وكذلك الأمر بالنسبة للأوراق والأقلام.

 

وروى جمعة السبب الذي من أجله عمل على استقلال الإفتاء عن العدل، قائلًا: "في عام 2003 عندما توليت إدارة الإفتاء وقعت على تقاير الموظفين بالخطأ فى الخانة المخصصة لرئيس المصلحة فوجد أن توقيعى شطب عليه وقام مساعد وزير العدل بالتوقيع مكاني.. فغضبت فى ذلك الوقت لاعتقادي أننى كنت رئيس المصلحة".

 


 مرت أعوام عديدة على هذا الإنجاز الذي أحرزته الدار، إلى أن تقدم الدكتور أسامة العبد بمشروع قانون فى بداية العام الجاري إلى مجلس النواب، ينص على تعديل طريقة اختيار مفتى الديار المصرية، بحيث تتولى هيئة كبار العلماء بالأزهر ترشيح 3 أسماء قبل شهرين من خلو المنصب على أن يختار رئيس الجمهورية أحدهم، وذلك بدلاً من انتخاب المفتي في اقتراع سري خلال اجتماع لهيئة كبار العلماء برئاسة شيخ الأزهر.

    

ووفقًا للائحة الداخلية لهيئة كبار العلماء، يدعو شيخ الأزهر الهيئة إلى الانعقاد قبل موعد انتهاء مدة مفتى الجمهورية بشهر على الأقل، للنظر فى ترشيح المفتى الجديد، وتُرشّح الهيئة ثلاثة من العلماء من بين أعضائها أو من غيرهم ممن تنطبق عليهم شروط ومعايير صلاحية شغل منصب المفتى، التى تقررها الهيئة، ثم تختار الهيئة عبر الاقتراع السرى المباشر على المرشحين الثلاثة فى جلسة يحضرها ثلثا عدد الأعضاء، ويعتبر من يحصل على أعلى الأصوات هو مرشح هيئة كبار العلماء لمنصب الإفتاء بشرط حصوله على الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، ويعرض شيخ الأزهر الترشيح على رئيس الجمهورية لإعمال اختصاصه فى إصدار قرار تعيين مفتى الجمهورية.

 

وتقدر مدة شغل منصب "المفتي" بأربع سنوات قابلة للتجديد، بناءً على عرض الإمام الأكبر، بعد أخذ رأى هيئة كبار العلماء، وفى جميع الأحوال تنتهى مدة المفتى عند بلوغه السن القانونية المقرّرة لترك الخدمة.

 

ورغم النص على اختيار مفتى الجمهورية من بين أعضاء هيئة كبار العلماء، إلا أن الهيئة تستعين بشخصيات من خارجها لتولى منصب المفتى، وذلك لأن جميع الأعضاء الحالين تتجاوز أعمارهم السن القانونية.

 

بدورها عبَّرت هيئة كبار العلماء بالأزهر، أمس السبت عن اعتراضها على مشروع القانون، مؤكدة أنه يخالف الدستور، ويمس باستقلال الأزهر، ويجعل رسالته مَشَاعًا لجهات أخرى لا تتبعه؛ حيث إنَّ دار الإفتاء ستصير عندئذٍ كيانًا عضويًّا مُنْبَتّ الصلة عن الأزهر الشريف، وتمارس عملها بمعزل عن الأزهر، وفقًا للمشروع المعروض.

 

 وبحسب بيان الهيئة أمس تضمَّن مشروع القانون المقترح عُدوانًا على اختصاص هيئة كبار العلماء بالأزهر واستقلالها، وهي التي تختص وحدها بترشيح مفتي الجمهورية، وجاء المشروع مُلغيًا للائحة هيئة كبار العلماء التي تكفَّلت بإجراءات ترشيح ثلاثة بواسطة أعضاء هيئة كبار العلماء، والاقتراع وانتخاب أحدهم لشغل المنصب، وجاء المشروع مستحدثًا موادّ ليبقى المفتي في منصبه حتى بلوغه السن القانونية المقررة للتقاعد، دون اعتداد بالمدة المحددة في لائحة هيئة كبار العلماء والتي عين فضيلة المفتي الحالي وجدد له على أساسها، وأيضًا تجيز التجديد له بعد بلوغ هذه السن، دون تحديد مدة لذلك، ودون العرض على هيئة كبار العلماء.

 

وعلى الرغم من اعتراض هيئة كبار العلماء على مشروع القانون، إلا أن البرلمان المصرى أعلن موافقته فى وقت سابق اليوم على المادة الثالثة من مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء، المتعلقة بآلية تعيين المفتي وكيفية التجديد له بعد بلوغه سن المعاش، وذلك خلال الجلسة العامة، والتى خصصت لمناقشة مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء، بحضور مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، والدكتور محمد الضويني ممثل الأزهر الشريف.

 

 وتنص المادة الثالثة من مشروع القانون على: "المفتي هو الرئيس الأعلى لدار الإفتاء، يُعين بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة ترشحهم هيئة كبار العلماء خلال مدة شهرين قبل خلو منصب المفتي

 

ويبقى في منصبه حتى بلوغه السن القانونية المقررة للتقاعد، ويجوز التجديد له بعد بلوغ هذه السن بقرار من رئيس الجمهورية، ويعامل بذات المعاملة المالية المقررة للوزراء من جميع الوجوه".

 

ويمثل المفتي أمام القضاء وفي صلاتها بالغير، ويحافظ على نظامها.

 

ويختص بالآتي:

 

1. إبداء الرأي الشرعي في القضايا المحكوم فيها بالإعدام المحالة إليه من محاكم الجنايات.

 

2. اعتماد الهيكل التنظيمي والوظيفي والمالي لدار الإفتاء واللوائح الداخلية لها.

 

3. إصدار اللوائح الإدارية المنظمة لشئون العاملين.

 

ويُباشر المفتي السلطات المخولة لوزير المالية في القوانين واللوائح بشأن تنفيذ الموازنة الخاصة بدار الإفتاء بعد اعتمادها، كما يتولى توزيع الاعتماد الإجمالي في كل باب على البنود والأنواع المختصة بكل باب بالتشاور مع وزير المالية.

 

كما يباشر المفتي السلطات المخولة للوزير المختص بشئون التخطيط والإصلاح الإداري ورئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة المقررة في قانون الخدمة المدنية.

اعلان