فيديو| بعد مرور 50 عامًا.. هكذا يتذكر الفلاحون بناء السد العالي
سلطت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، الضوء على الذكرى الـ 50 لإنشاء السد العالي في مصر، وذكريات الفلاحين المعاصرين لبنائه عن تأثيره على إنهاء الفيضانات السنوية التي تعرضت لها مصر آنذاك.
فقد نشرت وكالة وكالة أسوشيتد برس، تقريراً مطولاً عن السد العالي بمناسبة الذكرى الـ61 لوضع حجر الأساس وبدء أعمال التشييد أن بناء السد غيّر من طبيعة مصر فقد ساعد المزارعين في تجنب الجفاف والفيضانات الموسمية، وولد الكهرباء، وحفز التنمية السريعة في مصر ولسنوات كان السد بمثابة المصدر الرئيسي للطاقة في البلاد، التي احتاجت مؤخرًا إلى الاستثمار في مصادر أخرى لتلبية احتياجات سكانها.
ونقلت الوكالة عن عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، "إنّه أكبر مشروع مصري منذ عهد الفراعنة، مضيفًا أنّ المشروع ضمن إمدادات مياه كافية طوال العام ففي ثمانينيات القرن الماضي، أدَّى الجفاف الذي طال أمده إلى انخفاض النيل إلى أدنى مستوى له منذ عام 1913 جنوب السد، وواجهت دول المنبع الجفاف والمجاعة لكن مصر نجت ووفرت بحيرة ناصر، التي أنشأها السد، مصدرًا بديلاً للمياه.
وقال ياسين سعيد، مصري يبلغ من العمر 76 عامًا للوكالة الأمريكية: "كانت حياتنا صعبة للغاية قبل بناء السد"، وروى معاناة والده وإخوته والمزارعين الآخرين بعد أن غمر الفيضان السنوي للنيل قريته في أسوان في السنوات التي سبقت بناء السد العالي، حيث كانوا يلجأون إلى استخدام المراكب الشراعية التقليدية "فلوكة" لحصد محاصيل الذرة في الحقول التي غمرتها المياه.
وواصل قائلا: "كانت مياه الفيضان تغمر قريتنا كل عام وكنا نقيم حواجز من الطين لمنع المياه من الوصول إلى منازلنا، حتى جاء السد وانتهت معاناتنا".
وقالت الوكالة: إنه بينما تحتفل مصر بمرور ذكرى وضع حجر الاساس لإنشاء سد أسوان، فإنها تخوض مفاوضات عاصفة مع السودان وإثيوبيا لحل نزاع طويل الأمد حول سد ضخم آخر، تقوم إثيوبيا ببنائه على النيل الأزرق الرافد الرئيسي لنهر النيل.
وأضافت أن إثيوبيا تأمل أن يولد سدها الكهرباء الضرورية للمساعدة في انتشال الملايين من سكانها من براثن الفقر وتخشى مصر، التي تعتمد بشكل شبه كامل على نهر النيل لتوفير المياه للزراعة ويبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة، من تأثير مدمر إذا تمّ تشغيل السد الإثيوبي دون أخذ احتياجاته في الاعتبار.
يشدد العامل عبد الحكيم حسنين على أهمية السد العالي الذي افتتح قبل 50 عامًا في محافظة أسوان أقصى جنوب مصر قائلا "كنا نستخدم مصابيح الزيت قديما"، إلا أنّ المشروع الضخم يبقى موضع انتقادات بسبب كلفته البشرية والبيئية والجيوسياسية.
ويقول العامل البالع 68 عامًا الذي يطل منزله على نهر النيل، في هذه المحافظة الجنوبية، إن "ثلاثة أرباع الناس هنا (في أسوان) يعملون في السد".
كان البناء الخرساني والفولاذي الضخم الذي يتخذ شكل قوس دائرة، من المشروعات التي طلبها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر من أجل التحكم بفيضانات النيل وضمان الاكتفاء الزراعي والكهربائي الذاتي لمصر.
ويقع السد على بعد 700 كيلومتر جنوب القاهرة ويخضع لنظام المراقبة الدقيقة باستخدام الكاميرات، ويستقبل لبضع ساعات يوميًا الزائرين الشغوفين بالبناء الذي يبلغ ارتفاعه 111 مترا وطوله 3600 متر وكان بناؤه ملحمة وطنية.
ويرى الخبير الجغرافي حبيب عايب، أنّ سد أسوان يشكل مشروعًا "مائيا-سياسيا هاما للغاية". ويضيف أن السد وفر للمصريين الراحة "بإعطائهم كمية كافية من الماء (...) وحمايتهم من تقلبات السيول".
وفي أكثر البلدان العربية تعدادا للسكان (مئة مليون نسمة)، يتركز 97% من السكان في 8% فقط من الأراضي، على طول نهر النيل خصوصا، قبل أن يحدث السد طفرة في الري وفي الوقت نفسه ساهم في توزيع الكهرباء في أرجاء البلاد.
ومع أنّ السد العالي أتى بفوائد كثيرة، إلا أنه تسبب أيضًا في أضرار لا يمكن إصلاحها.
وإذ نجحت الحملة الدولية التي قادتها منظمة اليونسكو العام 1960 في إنقاذ عشرات المعالم الأثرية من الغرق بسبب ارتفاع منسوب المياه وبينها معبد أبو سمبل الذي شُيد منذ ما يقرب من 3300 عام ومعبد فيلة، إلا أنه مع بدء أعمال حجز المياه العام 1964 غُمرت أراضي الأقلية النوبية في مصر.
- "قنبلة سياسية" -
فضلًا عن السد كبناء، فقد تسببت بحيرة ناصر الهائلة (بطول 500 كيلومتر وعرض 10 كيلومترات)، والتي تعتبر من أكبر البحيرات الصناعية في العالم بقدرتها على تخزين أكثر من 165 مليار متر مكعب من المياه، في اضطراب النظام البيئي للنهر.
فقد أدى حجز نسبة كبيرة من الطمي خلف السد إلى استنفاد خصوبة التربة في اتجاه مجرى النيل، ما أثر على الأراضي.
لكن عايب يظن أن قرار بناء السد "أثبت قبل كل شيء أنه قنبلة سياسية" لوادي النيل.
وأوضح الخبير الجغرافي أن النهر ، الذي يمتد على أكثر من ستة آلاف كيلومتر من الجنوب إلى الشمال، يعمل كمصدر لإمدادات المياه والكهرباء لبلدان حوض النيل العشرة تقريبا في شرق إفريقيا.
على مدى السنوات العشر الماضية ، تتفاوض القاهرة والخرطوم وأديس أبابا حول سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق منذ العام 2011، والذي من المتوقع أن يصبح أكبر بناء لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا.
وبينما تعتبر إثيوبيا العمل ضروريًا لتنميتها، تخشى مصر من أن يؤثر السد على حصتها من نهر النيل الذي تعتمد عليه لتأمين 97% من حاجاتها من مياه الري والشرب.
وبحسب الخبير فإن "توتر العلاقة بين أديس أبابا والقاهرة سببها سد أسوان".
وأكد عايب أن حصر إدارة مياه النهر بمصر، أدى إلى قضاء السد العالي على إمكان إنشاء "حوض النيل كإطار إدارة لملك عام".