لقاحات كورونا .. لمن يذهب نصيب الأسد؟
جائحة لازالت تُصيب وتلتهم أرواح كل من تجده في طريقها دون شفقة أو رحمة، هكذا ظل الوضع على ما يزيد عن العام وإلى الآن، بعدما باءت جميع المحاولات لردعها بالفشل، فليس هناك حل لوضع حدًا لها خلال تلك المرحلة سوى بحصول الجميع على اللقاحات، وهنا يظهر تحدي جديد فالكميات محدودة والأعداد بالمليارات، فهل تتبع الدول نظام العدالة في توزيع كعكة لقاحات كورونا أم ستصبح البلدان الفقيرة ضحية وفريسة للوباء؟ ..
تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنه تم تلافي 10 ملايين وفاة في الفترة بين عامي 2010 و2015 بفضل التطعيمات التي أُعطيت في العالم.
الدول الغنية تسعى للاستحواذ
كشفت تقرير احصائي رسمي عن أن الدول الغنية مرتفعة الدخل وحدها تستحوذ على نصف الإمدادات المتوقعة للقاح فيروس كورونا المستجد -نصف المشتريات المؤكدة للقاح كوفيد 19-.
جاءت كندا في المرتبة الأولى كأعلى دول العالم في طلبات الشراء لجرعات اللقاح، حيث وصلت طلبات الشراء المؤكدة لها إلى ما يقرب من عشر جرعات لكل مواطن.
يبلغ تعداد سكان كندا 37,952,041 نسمة، علمًا بأن إجمالي الحالات التي سجلتها منذ ظهور الجائحة يبلغ 837,497، بينهم 21,498، و783,412 تعافوا، بينما تبقى 32,587 حالة نشطة،
وبحسب التقرير الإحصائي فإن الولايات المتحدة مسئولة عن ما يقرب من سُدس هذه الطلبات، بعد أن طلبت مسبقًا أكثر من مليار جرعة من شركات صناعة الدواء، اي ما يصل إلى 3 جرعات لكل مواطن -علمًا بأن اقصى عدد من الجرعات هو اثنين-.
10 جرعات لكل مواطن بكندا
ووفقًا للرسم البياني فإن ترتيب الدول من حيث الأعلى في الطلبات المؤكدة للقاح كورونا إلى الأقل جاءت على النحو التالي: ( كندا بواقع 10 جرعات من اللقاح لكل مواطن، تلتها استرليا بما يربو من الـ6 جرعات لكل مواطن، ثم بريطانيا، وبعدهم الولايات المتحدة الأمريكية..).
وتلاهم (الاتحاد الأوروبي، اليابان، بيبال، الهند، أوزباكستان، البرازيل، أمريكا اللاتينية -عدا البرازيل-، إندونسيا، كوستاريكا، مصر، المكسيك، كوفاكس، بنجلاديش).
"كوفاكس" والتوزيع العادل
ولضمان التوزيع العادل للقاح كورونا انشأت منظمة الصحة العالمية والتحالف من أجل اللقاحات "جافي" تحالف يحمل اسم "كوفاكس" هدفه تطوير وتزويع لقاحات كوفيد 19، فمن خلاله تعهدت المنظمة بشراء 50 مليون جرعة، وذلك لضمان حصول الدول المنضمة للتحالف على جرعات كافية لتحصين خُمس مواطنيها، وتعكف "كوفاكس على دعم بناء قدرات التصنيع وشراء الإمدادات مسبقًا حتى يتسنى توزيع ملياري جرعة بشكل عادل بحلول نهاية عام 2021.
يبلغ تعداد سكان العالم بحسب الموقع الاحصائي ورلد ميتر 7,847,016,836 نسمة، خلال جائحة كورونا تم تسجيل 111,039,835 حالة اصابة بكوفيد 19 بينهم 2,456,862 فارقوا الحياة، و85,941,244 تعافوا..
الدول الغنية تتجاهل "الفقراء"
إلا أن بعض الدول الغنية تجاوزت برنامج "كوفاكس" الذي وضعته الصحة العالمية بهدف التوزيع العادل في جميع أنحاء العالم، حيث قامت دول بإبرام اتفاقات ثنائية مع شركات أدوية على حساب الدول الفقيرة.
العلم ينجح والتضامن يفشل
من جانبه قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش: "وصلت لقاحات كوفيد 19 بسرعة إلى قلة من البلدان في حين لم يحصل أفقر البلدان على شيء منها تقريبًا، العلم ينجح ولكن التضامن يفشل في عالم منقسم بين من يملكون اللقاح ومن لا يملكونه، ليس هناك سوى منتصر وحيد ألا وهو الفيروس نفسه".
"وصلت لقاحات #كوفيد_19 بسرعة إلى قلة من البلدان في حين لم يحصل أفقر البلدان على شيء منها تقريبا. العلم ينجح ولكن التضامن يفشل.
— أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) January 29, 2021
في عالم منقسم بين من يملكون اللقاح ومن لا يملكونه، ليس هناك سوى منتصر وحيد ألا وهو الفيروس نفسه".
الأمين العام @antonioguterres https://t.co/DUjitzL1oI pic.twitter.com/r2D8LwDNHX
وهو ما دفع مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدوهانوم جيبريسوس، للتدخل قائلًا: "اطلب من مصنعي الأدوية إعطاء الأولوية لتوزيع اللقاحات بموجب آلية كوفاكس".
وناشدت الصحة العالمية البلدان التي طلبت عددًا أكثر من حاجتها من اللقاحات تسليمها لإدارة "كوفاكس" من أجل توزيعها بصورة عادلة.
وأشار إلى قيام 42 بلدًا بإطلاق حملات تطعيم من بينها 36 دولة ذات دخل مرتفع، و6 ذات دخل متوسط، حيث تابع قائلًا: "لا ينبغي لاي دولة تلقيح سكانها بالكامل في حين يبقى البعض بدون إمدادات".
تحذير من اكتناز اللقاح
ودعا مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبرييسوس، -في وقت سابق- إلى استقاء الدروس من التاريخ، وقال: "أعتقد أن علينا أن نرجع بالنظر إلى التاريخ: أثناء مرض نقص المناعة البشرية/الإيدز، كانت هناك عقاقير متاحة بعد سنوات من انتشار الوباء، ولكن عندما أتيح الدواء في الدول الغنية، لم يكن متاحا في الدول النامية التي وصلت الأدوية إليها بعد عقد تقريبا".
وأضاف أن ما حدث في تلك الفترة كان سيئًا، حيث قال: "خلال إنفلونزا H1N1 (ما عُرف بإنفلونزا الخنازير)، كان هناك لقاح، اشترته الدول الثرية، ووصلت اللقاحات إلى الدول النامية عندما انتهى الوباء. ولذلك فلدينا الخيار: هل نريد أن نعيد نفس التاريخ؟ لا أعتقد ذلك".
وحذر"تيدروس" من اكتناز اللقاح وعدم تقاسمه؛ حيث تابع قائلًا: "سيكون لدينا ثلاث مشكلات كبيرة: فشل أخلاقي كارثي. جائحة مستمرة، وسيكون تعافي الاقتصاد العالمي بطيئا".
صراع على 6 لقاحات
يخوض العالم منذ ظهور جائحة كورونا، سباقًا في انتاج اللقاحات لمواجهة هذا الوباء الذي التهم في طريقه ملايين الأرواح، حيث تم الإعلان في نهاية المطاف عن 6 أنواع انهت مراحل تجاربها السريرية ويتم تداولها في الأسواق العالمية، هي: (سينوفارم الصيني، موديرنا، لقاح فايزر - سبيونتيك، لقاح جامعة أكسفورد - أسترا زينيكا)، أما مصر فسبق واعلنت أنها بدأت محاولة الوصول للقاح يقضي على هذا الوباء.
رسم توضيحي للفرق بين اللقاحات نشرته بي بي سي
مصر ومارثون اللقاحات
يذكر أنه في 10 ديسمبر الماضي؛ حصلت مصر على 50 ألف جرعة من لقاح سينوفارم الصيني، وأوضح حينها الدكتور خالد مجاهد مستشار وزير الصحة والسكان والمتحدث الرسمي للوزارة، أن هذا اللقاح أثبت فاعلية بنسبة ٨٦٪ في الوقاية من فيروس كورونا المستجد، و٩٩٪ في إنتاج الأجسام المضادة للفيروس، و١٠٠٪ في الوقاية من الوصول للحالات المتوسطة والشديدة.
ولم تمر أيام من وصول سينوفارم حتى أعلنت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، التوقيع من قبل هيئة الشراء الموحد على عقد مع شركة استرازينيكا للحصول على اللقاح الخاص بها والمنتج بمصنع الشركة في روسيا ومعهد سيرم الهندي، وتم الحصول على 50 ألف جرعة من الشركة خلال شهر فبراير.
نظرًا لمحدودية كميات اللقاحات فقد اعلنت وزارة الصحة أنها ستبدأ بمنحها لفئات لها الأولوية في االحصول عليه، تضم العاملين في القطاع الطبي، وكبار السن، والحالات الحرجة، علمًا بأن هناك فئات مستثناة من بينهم "السيدات الحوامل والأطفال".
الدكتور شريف وديع، مستشار وزيرة الصحة للطوارئ والرعاية العاجلة خلال مداخلة متلفزة له: العالم انتج حتى الآن 6 لقاحات ومصر حصلت على نوعين منهم بوقع 50 ألف جرعة من كل نوع، وتسعى للحصول على أنواع أخرى مثل فايزر والروسي.
مصير اللقاح المصري
الدكتور محمد أحمد علي، رئيس الفريق البحثي لانتاج لقاح كورونا، أفاد أنهم يعملون على لقاحين مصريين، الأول في طريقه لمرحلة التجارب السريرية فبعد انتهاء تجاربه على الحيوان تم إعداد وارسال ملف علمي بشأنه لهيئة الدواء من أجل ايجازه، أما اللقاح الثاني فلا يزال في نهاية مراحل تجاربه على الحيوان.
فمن المفترض بعد إيجاز هيئة الدواء اللقاح الأول أن يدخل مرحلة التجارب السريرية، ولكن ما تسبب في تأخير تلك الخطوة بحسب رئيس الفريق البحثي لانتاج لقاح كورونا خلال مداخلة هاتفية له عبر فضائية DMC، يعود لعدم جاهزية المكان المخصص للتصنيع بعد، حيث يقول "دكتور محمد":المصنع المخصص لانتاج اللقاحات البشرية في مصر غير جاهز بعد وجاري العمل عليه.
وتابع: فعدم وجود مصنع لانتاج اللقاحات البشرية في مصر عطلنا كثيرًا، كما أن هيئة الدواء لن تتمكن من منح ايجازة للقاح إلا بعد تأكدها من وجود مكان آمن لانتاجه، لذا فالموافقة وبدء التصنيع والتجارب السريرية مرهونًا بسرعة الانتهاء من تجهيز المصنع المرتقب.
كانت مصر شاركت في التجارب الإكلينيكية في مرحلتها الثالثة للقاح فيروس كورونا الصيني "سينوفارم" والتي كانت تجرى في 7 دول مختلفة، حيث أشارت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد في وقت سابقأن مصر استقبلت 3 شحنات من لقاحات كورونا من شركات سينوفارم واسترازينكا وتمت إتاحتها للأطقم الطبية في مستشفيات العزل والصدر والحميات بعد حصولها على موافقة الطوارئ المصرية.
وأكدت الوزيرة أنه جاري انهاء التعاقد بين مصر وإحدى الشركات المنتجة للقاحات لتصنيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا في مصر، وتصديره للقارة الأفريقية بأسعار مناسبة..