«بورولي» مرض يلتهم لحم ضحاياه.. ماذا تعرف عنه؟
بقعة حمراء متورمة لاحظها مؤخرًا في كاحله، لم تتحسن بمرور الوقت مثلما أخبره الأطباء، ولكن وقع الأسوأ بحدوث ثُقبًا في ذات المكان الذي تبدل لونه، لم يكن الأمر مجرد حساسية أو ايًا من تلك الأمراض الجلدية الشائعة، فيبدو أن القصة أكبر وأسوأ من ذلك بكثير..
صاحب تلك الحكاية هو آدم نويل، مواطن استرالي، ظن في البداية أن ما أصاب كاحله من أسفل هو نتيجة للدغة بعوضة ليس أكثر، حتى أن الأطباء أنفسهم في البداية لم ينتبهوا للمشكلة فالجميع منهمك في صد وباء كورونا الذي اجتاح العالم وبات عبئًا على القطاع الصحي، ولكن حينما ساء الأمر واتسع الثقب، توجه "نويل" لتوقيع الكشف الطبي مجددًا عليه فكانت المفاجأة والصدمة ايضًا في انتظاره.. "انت مصاب بقرحة بورولي" -هكذا أخبره الأطباء-، -بحسب تقرير نشرته بي بي سي-.
وفقًأ لمنظمة الصحة العالمية؛ فإن قرحة بورولي، هي مرض مزمن وموهن يصيب الجلد بالأساس والعظام أحيانًا، تسببها جرثومة المتفطرة المقرحة، وينتمي الكائن المجهري إلى فصيلة الجراثيم التي تتسبب في السل والجذام، ومع ذلك فإن جرثومة المتفطرة المقرحة توجد في البيئة وما زالت طريقة انتقالها إلى البشر غير معروفة.
أعراضه شبح يتسع في الخفاء
غالباً ما تبدأ الإصابة بقرحة بورولي كتورم غير مؤلم (عقدة)، ويمكن أيضًا أن تظهر في البداية في شكل مساحة متصلبة وكبيرة غير مؤلمة (لويحة) أو تورم انتشاري غير مؤلم على الرجلين أو الذراعين أو الوجه (أوديما).
وبفعل خصائص مادة المايكولاكتون السمية الكابتة للمناعة موضعيًا يتمكن المرض من التطور من دون ظهور أعراض الألم والحمى، وفي غياب العلاج، وأحيانًا أثناء العلاج بالمضادات الحيوية، تتحول العقدة أو اللويحة أو الأوديما إلى قرحة في غضون أربعة أسابيع مقترنة بظهور الحدود التقليدية الموهنة، وتتأثر العظام من حين إلى آخر مسببة تشوهات جسيمة وعجز مزمن.
في معظم الحالات يستطيع المهنيون الصحيون ذوو الخبرة في المناطق التي يتوطنها المرض القيام بتشخيص سريري موثوق، ويشكل التشخيص والعلاج المبكران الاستراتيجية الرئيسية للتقليل إلى أدنى حد ممكن من معدلات المرض والتكاليف، وللوقاية من الإصابة بالعجز الطويل الأمد، علمًا بأن الأعراضالوبائية للحالات تفاوت بشكل كبير داخل مختلف البلدان والمواضع.
الكائن المسبب للمرض
تحتاج المتفطرة المقرحة لكي تنمو إلى درجة حرارة تتراوح بين 29 و33 درجة مئوية (فهي تنمو في درجة حرارة 37 درجة مئوية)، وإلى تركيز منخفض من الأوكسجين (2.5%)، وينتج هذا الكائن سُمًا فريدًا من نوعه - المايكولاكتون - يتسبب في إتلاف الأنسجة وتثبيط استجابة جهاز المناعة في الجسم، أما طريقة انتقال "للمتفطرة المتقرحة" لا تزال مجهولة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
ولكن الخوف يكمن في أنه نظرًا لحركة السفر الدولي يمكن أن تظهر حالات في مناطق لا يتوطنها المرض. لذا فمن المهم أن يكون العاملون الصحيون على دراية بقرحة برولي ومظاهرها السريرية.
تنتقل عن طريق السفر الدولي
هناك اعتقادات تفترض أن البعوض وحيوان البوسوم يعدا نواقل للمرض، في حين افترضت نظريات أخرى وجود بكتيريا في التربة تدخل إلى الجسم عبر الجروح، ولكن حتى الآن لا يزال هذا المرض يشوبه الكثير من الغموض.
ليس الظهور الأول
ابلغت منظمة الصحة العالمية عن الإصابة بقرحة بورولي في 33 بلدًا بأفريقيا والأمريكتين وآسيا وغرب المحيط الهادئ، -في وقت سابق- وتحدث معظم الحالات في المناطق المدارية وشبه المدارية باستثناء أستراليا والصين واليابان,
ويُبلّغ عن معظم الحالات بعض البلدان الواقعة في غرب أفريقيا ووسطها - بنن والكاميرون وكوت ديفوار وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا، وفي السنوات الأخيرة أبلغت أُستراليا عن عدد حالات أكبر.
في عام 2015؛ قام 13 بلدًا من البلدان الخمسة عشر التي تبلغ المنظمة بالبيانات بانتظام بالإبلاغ عن نحو 2037 حالة جديدة، وباستثناء بضعة بلدان انخفض عدد الحالات عمومًا منذ عام 2010، تقول منظمة الصحة العالمية "لا نعرف السبب وراء ذلك تحديدًا".
48% اصابات في الأطفال
تبلغ نسبة الأطفال دون سن 15 عامًا من المصابين بالمرض في أفريقيا حوالي 48%، فيما تبلغ نسبتهم 10% و15% في كل من أستراليا واليابان على التوالي، ولا يوجد فرق كبير بين معدلات إصابة الذكور ومعدلات إصابة الإناث، وتظهر عمومًا نسبة 35% تقريبًا من الآفات على الأطراف العليا و55% منها على الأطراف السفلى و10% منها على أجزاء أخرى من الجسم.
كيفية التشخيص؟
يوجد أربع طرق مختبرية معيارية يمكن استخدامها في تأكيد الإصابة بقرحة بورولي، ويُعد تفاعل البوليميراز المتسلسل IS2404 الطريقة الأكثر شيوعاً لتأكيد تشخيص الإصابة بالمرض لأنه الأعلى حساسية ويمكن أن تتاح نتائجه في غضون 48 ساعة.
ومن طرق التشخيص الأخرى؛ الفحص المجهري المباشر وتشريح الأنسجة المريضة والزرع، ونشرت منظمة الصحة العالمية (المنظمة) في الآونة الأخيرة دليلاً عن هذه الطرق الأربع لكي يسترشد به الباحثون العلميون المعنيون بالشؤون المختبرية والعاملون الصحيون.
علاج المرض
يلجأ الأطباء لتنظيف مواضع الجروح وترقيع الجلد لتسريع التئام الجروح، ومن ثم تقصير مدة العلاج في المستشفى، بالإضافة إلى ذلك يلزم العلاج الطبيعي في الحالات الوخيمة من أجل الوقاية من العجز.
أما من يصابون بالعجز فيحتاجون إلى التأهيل الطويل الأمد، وهذه التدخلات نفسها تُطبق على أمراض مدارية مهملة أخرى، مثل الجذام وداء الفيلاريات اللمفي، لذا فمن المهم دمج نهج للرعاية الطويلة الأمد في النظام الصحي لمصلحة جميع المرضى.
تُعطى للمريض لعلاج قرحة بورولي توليفات مختلفة من المضادات الحيوية لمدة ثمانية أسابيع بصرف النظر عن مرحلة الإصابة بها، وتُستعمل إحدى التوليفات وفقًا لحالة المريض، وفيما يتعلق بالحوامل تُعتبر توليفة دواء ريفامبيسين مع دواء كلاريثروميسين الخيار الأطثر آمنة نظرًا لموانع استعمال دواء ستريبتوميسين.
في أستراليا، يتم منح المرضى مزيج من ريفامبيسين (10 ملي جرام / كجم مرة واحدة يوميًا) وموكسيفلوكساسين (400 ملج مرة واحدة يوميا) يستخدم بشكل روتيني مع نتائج جيدة، ولكن لم يثبت فعاليته عن طريق التجربة العشوائية.
الوقاية من المرض
لا توجد حاليًا أية تدابير وقائية أولية يمكن تطبيقها، فطريقة انتقال المرض غير معروفة ولا يوجد أي لقاح مضاد له.
الجدير بالذكر أن المرض صُنف من حيث درجة الوخامة، إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى هي فئة الآفة الصغيرة الوحيدة (32%)، والفئة الثانية هي فئة اللويحة غير التقرحية والتقرحية والأشكال الودمية (35%)، والفئة الثالثة هي فئة الأشكال المنتشرة والمختلطة، مثل التهاب العظام، والتهاب العظام والنخاع، والتهاب المفاصل (33%). وفي أستراليا واليابان يندرج معظم (>90%) الآفات التي يتم تشخيصها ضمن الفئة الأولى، وفي جميع البلدان، تُشخّص نسبة 70% تقريبًا من الحالات التي تنطوي على ظهور التقرحات بالفعل.