سفينة قناة السويس الجانحة «حوت على الشاطئ».. ما القصة؟

سفينة قناة السويس الجانحة

عاصفةٌ ترابية ضربت مصر خلال اليومين الماضيين بلغت سرعة الرياح فيها 40 عقدة، أدت إلى جنوح سفينة عملاقة بالممر المائي الاستراتيجي بقناة السويس، فلم يكن هناك حديث خلال الساعات القليلة الماضية سوى عنها خاصًة مع توقف حركة الملاحة وتخوفات من زيادة أسعار النفط بالتبعية.. لمتابعة الوضع أول بأول اضغط هنا 

 

 

ما القصة؟

 

سفينة الحاويات البنمية تحمل اسم EVER GIVEN تتبع الخط الملاحي EVER GREEN، يبلغ طول السفينة ٤٠٠ متر، وعرضها ٥٩ مترًا، فيما تبلغ حمولتها الإجمالية ٢٢٤ ألف طن.

 

وقع الحادث صباح الثلاثاء، ويعود بشكل أساسي إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظرًا لمرور البلاد بعاصفة ترابية، بلغت معها سرعة الرياح 40 عقدة، مما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة ومن ثم جنوحها.

 

 

 

بعدها  تشكلت لجنة إدارة الأزمات حيث تم الدفع بـ  ٨ قاطرات وارتفع العدد اليوم إلى 9 في مقدمتهم القاطرة بركة ١ وعزت عادل بقوة شد ١٦٠ طن لكل منهما حيث يتم الدفع من جانبي السفينة وتخفيف حمولة مياه الإتزان لتعويم السفينة واستئناف حركة الملاحة بالقناة، وذلك بعد جنوحها بالكيلومتر١٥١ ترقيم القناة، خلال عبورها لقناة السويس ضمن قافلة الجنوب في رحلتها القادمة من الصين والمتجهة إلى روتردام.. 

 

 

اللجوء للمجري الأصلي

 

وكان رئيس الهيئة أكد بالأمس أن حركة الملاحة مستمرة من خلال مجرى القناة الأصلية، مشددًا على أن قناة السويس لا تدخر جهدًا لضمان انتظام الملاحة وخدمة حركة التجارة العالمية.

 

حيث شهد المجرى الملاحي لقناة السويس عبور قافلة سفن الشمال القادمة من بورسعيد، بالتوازي مع محاولات إنقاذ وتعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة EVER GIVEN .. 

 

وضمت هذه القافلة  13سفينة من بورسعيد، التي  كان من المستهدف إكمال مسيرتها في القناة وفقاً للتوقعات الخاصة بانتهاء إجراءات تعويم السفينة الجانحة، إلا أنه مع تواصل أعمال تعويم السفينة قال "ربيع": كان لابد من التحرك وفق السيناريو البديل بالانتظار بمنطقة البحيرات الكبرى لحين استئناف حركة الملاحة بشكل كامل بعد تعويم السفينة.

 

 

 

إعلان رسمي بـ "التعليق"

 

مر نحو يومين وسط محاولات لتعويم السفينة؛ وبعدها خرج الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، ليعلن رسميًا اليوم الخميس تعليق حركة الملاحة بالقناة مؤقتًا،  لحين الانتهاء من أعمال تعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة EVER GIVEN الجانحة بالكيلو متر 151ترقيم قناة.

 

 

 

حوت على الشاطئ

على الصعيد الآخر؛ اعتذرت  شركة شوي كيسن اليابانية المالكة لسفينة الحاويات العالقة بقناة السويس اليوم الخميس- بحسب وكالة أنباء رويترز-  عن ما حدث أول أمس مؤكدًة أنها تعمل حاليًا على حل الموقف، كما أشارت إلى أن جنوح السفينة لم يسفر عن اي اصابات أو تسرب نفطي. 

 

ووصفت محاولة تعويم  السفينة الجانحة بمحاولة تحريك حوت ضخم على الشاطئ، وذكرت الشركة أن عدد الطاقم على متن السفينة بـ 25 فردًا جميعهم هنود، ولفتت إلى أنها محملة بسلع استهلاكية وكانت متجهة للأسواق الأوروبية في 20 ألف حاوية شحن. 

 

المشهد الآن للسفينة الجانحة من موقع البث الحي لحركة السفن vesselfinder

 

 

البدء في السيناريو الثاني

 

بعد الفشل في تعويم تلك السفينة التي استقرت بعرض المجرى الملاحي؛ تم طرح السيناريو البديل المتمثل في القيام بأعمال التكريك "التجريف" بمحيط السفينة من خلال كراكات هيئة قناة السويس، جاء هذا بعد مناقشات مع شركة SMIT الهولندية واحدة من أكبر الشركات العالمية المتخصصة في مجال الإنقاذ البحري. 

 

فاليوم الخميس جرى القيام بأعمال التكريك بمحيط السفينة بواسطة كراكتين من كراكات الهيئة وهما الكراكة مشهور والكراكة العاشر من رمضان، فضلا عن  تسهيل عملية التعويم بإزالة الرمال المحتجزة عند مقدمة سفينة من خلال أربعة حفارات أرضية،

 

ومن المقرر أن تقوم شركة SMIT الهولندية بتقديم الاستشارات الفنية للهيئة الخاصة بإجراءات تعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة EVER GIVEN، على أن يتم التعامل من خلال الوحدات البحرية الخاصة بالهيئة.

 

 

 

 الترقب محلي وعالمي 

 

منذ اللحظة الأولى لوقوع الحادث؛ لم يكن هناك حديث في الخارج والداخل سوى عن قناة السويس وما وقع فيها وكيف سيؤثر على التجارة العالمية وارتفاع أسعار النفط إذا ما طال الوضع، وتصدرت الواقعة ترند مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث المختلفة، فما السبب وراء كل هذا الإهتمام؟ 

 

 

 

 تلجأ السفن حول العالم إلى العبور من خلال قناة السويس كونها توفر ما يتراوح بي 5 إلى 15 يومًا في المتوسط من أي طريق آخر قد تعبر من خلاله -رأس الرجاء الصالح-، وهو طريق بحري يربط بين آسيا وأفريقيا من خلال الدوران حول افريقيا، وكان يتم اللجوء له قبل حفر قناة السويس التي اختصرت الوقت والمسافة ايضًا. 

 

 

وبشكل عام فقناة السويس التي افتتحت عام 1869 تختزل وحدها نحو 10% من التجارة البحرية الدولية، ويبلغ طولها نحو 193 كم وتضم 3 بحيرات طبيعية على طول المجرى الملاحي. 

 

علمًا بأن المجرى الملاحي الجديد المتعطل لم يكن له وجود قبل 2015؛ فمن قبل كانت السفن تمر في اتجاهين بمجرى واحد ، ثم افتتحت الحكومة المصرية المجرى  الجديد بطول 35 كيلو مترًا.   

 

إيرادات القناة في 4 سنوات

ويمكن من خلال رصد الأرقام التي تجنيها القناة سنويًا معرفة حجم الملاحة العالمية من خلالها؛ وكذلك ايضًا ترجمة مخاوف البعض من التأثر المحلي وليس العالمي فقط بتوابع تلك السفينة الجانحة؛ فقد بلغت إيرادات القناة في الفترة من 2016 لـ 2020 إلى 27.4 مليار دولار، و26.1 مليار دولار في الفترة من 2011 لـ 2015، وارتفعت حركة الملاحة بنسبة 4.7% خلال النصف الأول من 2020 لتصل إلى 9545 سفينة، ووصول الإيرادات إلى 5.7 مليار دولار خلال العام الماضي 2019/2020..

وبحسب الأرقام الرسمية؛ فإن 50% من الإيرادات مصدرها سفن الحاويات و17% من سفن الصب الجاف، و12% من الإيرادات مصدرها سفن المشتقات البترولية والكيماويات بأنواعها.

 كما أن 6.4% من إيرادات القناة مصدرها سفن البترول الخام، و5% من الإيرادات مصدرها سفن الغاز الطبيعي المُسال، و4% حاملات السيارات، و5,6% إيرادات لأنواع سفن أخرى...

ومن ناحية أخرى؛ يتوقع صندوق النقد الدولي أن ترتفع إيرادات قناة السويس إلى 7.4 مليار دولار في عام 2024/ 2025.

 

مخاوف من ارتفاع أسعار النفط

 

لم تكن المخاوف العالمية مقتصرة فقط على تعطل التجارة أو تأخر السفن ولكن سادت حالة من الترقب لما يمكن أن تخلفه تلك الحادثة من ارتفاع في أسعار النفط ايضًا، نظرًا لأن نسبة كبيرة من السفن التي تمر عبر القناة تنقله. 

 

هل هي المرة الأولى؟

 

أفاد الربان محمد فوزي، رئيس مراقبة الملاحة بهيئة قناة السويس سابقًا،  أن القناة سبق وشهدت حوادث أكبر من تلك ولكنها المرة الأولى التي تتعرض لحادث كهذا، قائلًا: هو طبيعي ووقع نتيجة ظروف سيئة تتعلق بالطقس وقد يحدث في أوقات أخرى نتيجة عطل،  فإذا كانت القناة يمر بها على مدار العام 17 ألف سفينة وتعرضت واحد أو ثلاثة أو اربعة منها لحادث كهذا أو غيره فإنه رقم لا يذكر وأمر عادي. 

 

وتوقع عودة حركة الملاحة خلال أيام قليلة، عقب تعويم السفينة الجانحة منذ الثلاثاء الماضي، مؤكدًا على وجود فريق انقاذ على أعلى مستوى. 

 

 

من ناحية أخرى؛ بينما العالم يتابع عن كثب محاولات فتح الممر الملاحي من جدي سلط البعض أصابع الاتهام لأول قبطانة مصرية تدعى مروة السلحدار حيث أشاروا إلى أنها من كانت تقود السفينة المنكوبة، وهو الخبر غير الدقيق الذي تم مشاركته على نطاق واسع مصحوبًا بتعليقات ساخرة على نحو "ادي آخرة سواقة الستات.. اللي قادرة على التحدي والمواجهة". 

 

إلا أن "السلحدار" أطلت عبر قنوات فضائية عدة لتنفي صحة ما يتم تداوله، ولفتت أن الأمر بدأ بخبر نشرته إحدى المواقع احتفاءً بكونها أول قبطانة، إلا أن البعض أخذ هذا الأمر في اتجاه آخر. 

 

وأكدت السلحدار أنها تقود السفينة عايدة 4، وهي مملوكة للهيئة المصرية لسلامة الملاحة، ومخصصة لتموين الفنارات والمنائر المنعزلة، حيث تمر بها عبر قناة السويس كل 40 يومًا في رحلة ذهاب واياب لانجاز مهمتها. 

 

وعن الحادث أشارت أنه أمر عادي ويحدث في جميع الممرات الملاحية العالمية، وأكدت أن وقوع ما حدث على هذا النحو يدل على وجود حنكة في سرعة التصرف من جانب القائمين نظرًا لأن المسافات ما بين السفينة والأخرى في اي قافلة تكون قليلة للغاية وبالتالي كان من الممكن حدوث تصادم وهو ما لم نجده في تلك الواقعة.

 

وعن تعليقات البعض التي وجهت اللوم لقناة السويس كونها لم تقرر ايقاف حركة الملاحة، قالت "القبطانة": هذا كلام غير علمي فنحن نسير في البحر لأيام وشهور دون رؤية في بعض الحالات ونعتمد على الأجهزة، فضلًا عن أن السفن بالقناة لا تعبر دون مرشد تابع لقناة السويس. 

 

 

 

قصة الاحتفال بافتتاح بقناة السويس

 

يذكر أنه في يوم 17 نوفمبر عام 1869 أعلنت طلقات المدافع المصرية في مدينة بورسعيد بدء مراسم افتتاح قناة السويس، في حفل عالمي شهده أهم ملوك وأمراء وسفراء العالم، فقبل نحو 151 عام ميلادي، مرت أول قافلة بحرية بقناة السويس ، في مقدمتها اليخت "إيجل" الخاص بإمبراطورة فرنسا "أوجيني"، تلاه عبور يخت إمبراطور النمسا ثم يخت أمير وأميرة هولندا، وولي عهد بروسيا، بالإضافة للمراكب والقطع البحرية الخاصة بالضيوف من السفراء وممثلي دول العالم.

 

كانت أجندة الإحتفال مكتظة بفقرات ترفيهية وسياحية ودينية وثقافية كرست تاريخ وحضارة الشعب المصري، واستغرقت مراسم الإحتفال عدة أيام، وشملت عدة مناطق بطول خط قناة السويس.

 

حيث بدأ الاحتفال يوم 17 نوفمبر بمنطقة بورسعيد أثناء إستقبال الملوك والأمراء في البحر مرورا بمنطقة الإسماعيلية وإقامة حفل ضخم وعشاء فاخر يليق بكبار الشخصيات إنتهاء بمدينة السويس.

 

أبهر الاحتفال ملوك وأمراء العالم من الحضور، ولتخليد هذه الذكري حرص الخديوي إسماعيل علي إهداء ملوك العالم ألبوم من الرسومات التي أبدعها الرسام الفرنسي إدوارد ريو لتوثيق الإحتفال العالمي بافتتاح قناة السويس.

 

ضخامة الحدث والتنظيم الرائع، ترك انطباعا رائع وإشادة من الملوك وقادة العالم، مما دفع الإمبراطورة أوجيني أن ترسل إلي زوجها الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث رسالة قائلة:" وصلت بورسعيد بسلام، استقبال باهر لم أشهد قط مثيلا له طول حياتي".

 

مقالات متعلقة