«يا ولدي تعالى طلّعني».. الحاجة «سمرا» طردها نجلها فاستقلت «قطار الموت»

في حالة فزع وخوف خرجت الأم من بيتها مُجبرة بأمر من نجلها لا تدري إلى أين تذهب؟، فليس لها مأوى آخر.. ألم وحسرة اعتصرا قلبها وقادها تفكيرها إلى التوجه لمسجد السيدة زينب علها تجد في أحد زواياه مُتسعًا تفترشه يكون أحن عليها من جحود صغيرها، إلا أن مفاجأة أخرى كانت في انتظارها، فيبدو أنها واحدة ممن قطعوا تذكرة "قطر الموت" من شباك تذاكر الصعيد..

 

كان هذا جانبًا من حكاية "الحاجة سمرا الراوي" واحدة من ركاب قطاري الصعيد (سوهاج) ممن مروا بلحظات رعب وألم وفراق، الجمعة الماضية، في قطار يضم مئات الركاب لكل منهم قصة وحياة توقفت مع لحظة ارتطام القطارين ببعضهما البعض في حادث مفجع خلف وراءه عشرات المصابين والضحايا وإذا بـ"سمرا" تجد نفسها واحدة منهم..

 

 

بدأت قصة الأم المكلومة المقيمة برفقة نجلها بإحدى قرى نجع حمادي التابعة لمحافظة قنا، حينما قرر ابنها الأكبر بيع ممتلكاتها البسيطة من قطع أثاث البيت وما شابهه كي يصرف منها على "الكيف" -بحسب روايتها في أحد اللقاءات المتلفزة-، وحينما اعترضت "سمرا" نهرها وهددها بأنها إذا تحدثت في الأمر معه ثانية سيحضر سكينًا ويذبحها قائلًأ "ملكيش حاجة ولو جيتي تتكلمي تاني في الموضوع ده هكسرهم واحرقهم".. 

 

لم تجد الأم الأمان داخل بيتها وبين أحضان نجلها وتملكها الخوف من تهديده لها على شئ لم تقترفه، فشدت الرحال وخرجت من منزلها مجبرة لا تدري إلى أين تذهب فإن عادت فسكين الابن في انتظارها أما بناتها فقالت أنهن متزوجات وفي كثير من الزيارات شعرت أنها ضيف ثقيل الظل على قلوبهن ففضلت عدم اللجوء لهن.. 

 

فبجلباب بسيط وجيوب خاوية وبخطوات متثاقلة وجدت "الحاجة سمرا" نفسها أمام شباك تذاكر قطار نجع حمادي حيث قادها تفكيرها إلى الذهاب للسيدة زينب بالقاهرة  "معنديش مكان ابات فيه ففكرت اروح واعد هناك" عبارة جرت على لسان الأم المكلومة وهي لا تدري أن مفاجئة أخرى في انتظارها.. 

 

فأمام شباك التذاكر وجدت الأم السند من الغرباء حيث أقدم احدهم على مساعدتها ووفر لها حق التذكرة، استقلت "سمرا" القطار وفوق كتفيها تلال من الهموم وسط التفكير في مصير مجهول، ولكن سرعان ما قطع حبل تفكيرها ارتطام هائل هز أرجاء العربات وحولها إلى حطام، وفوجئت  بالركاب من حولها صاروا ضحايا وأشلاء والباقي منهم يئن ويبكي راجيًا نجاةً تهبط لهم من السماء، أما هي فلم تشعر بشئ ووجدت نفسها محاطة بحديد وكراسي محطمة..

 

"يارب يا رب يا رب"؛ لم تجد "سمرا" في هذه اللحظات سوى التمتمة مناجية ربها عله ينقذها من هول ما هي فيه الآن، فإذا بها تسمع أحدهم "هاتي ايدك يا حاجة .. هاتي ايدك يا حاجة اخرجك "؛ لم تصدق الأم ما سمعت وسرعان ما بادلته الرد " طلعني يا ولدي .. طلعني".

 

 

 

فمن قلب الحطام خرجت "سمرة" والتراب يكسوها من كل جانب، بعدما حملها الشاب الشهم في مهمة لم تكن هينة وسط انين وبكاء يأتي من هنا وهناك .. ثم نقلها الاسعاف إلى مستشفى طهطا العام، ووجدت نفسها في غضون لحظات من أم مكلومة إلى سيدة مشهورة تقصدها الكاميرات بسبب قصة طرد وتهديد نجلها لها   فإذا بها تهرب منه إلى "قطار الموت"،  في مشهد أعاد  للأذهان دور الفنانة الراحلة كريمة مختار في أحداث فيلم ساعة ونصف..  

 

وفي المستشفى وجدت الأم إلى جوارها شاب غريب قرر أن يلزم غرفتها لحين الاطمئنان على صحتها ووعدها أنه سيصطحبها معه لحين توفير سكن كريم لها..

 

 

 

وقبل ساعات أعلنت وزارة التضامن مساء أمس الأحد أنه صدر توجيه بنقل الحاجة "سمرة" إحدى مصابي حادث قطاري سوهاج لدار المسنين بمحافظة سوهاج، وتوفير كافة سبل الرعاية لها وصرف مساعدة فورية من أجلها  من مؤسسة التكافل الاجتماعي بالاضافة لصرف التعويضات اللازمة وفقا لتقريرها الطبي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات متعلقة