بعد25عاما على مؤتمر مدريد.. القضية الفلسطينية تتراجع
25 عاما مرت على مؤتمر مدريد "مؤتمر السلام في الشرق الأوسط" الذي كان يهدف لتسوية الصراع العربى الإسرائيلي في محاولة لاستنساخ اتفاقية كامب ديفيد في شقها الفلسطيني، لكن يبدو في الحقيقة أن السلام كان من جانب واحد فقط لتعود القضية الفلسطينية للخلف.
وسجل " مؤتمر السلام في الشرق الأوسط" دون أدنى شك منعطفا تاريخيا في الشرق الأوسط والعالم، وذلك بعد جلوس العرب والفلسطينيون، من جهة والإسرائيليون من جهة أخرى وجها لوجه من أجل حوار للسلام ، بعد45 عاما من الصراع.
وانعقد مؤتمر مدريد للسلام في ٣٠ أكتوبر عام ١٩٩١ برعاية أمريكا والاتحاد السوفيتى وبحضور أوروبى شكلي وشارك في المؤتمر من البلاد العربية مصر والأردن وسوريا ولبنان والمغرب وتونس والجزائر ودول مجلس التعاون الخليجى.
مبادرة أمريكية
وجاء انعقاد مؤتمر مدريد نتيجة لمبادرة السلام الأمريكية التي أعلنها الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب في 6مارس عام 1991 في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي، مؤكدا أنه آن الأوان لإنهاء النزاع في الشرق الأوسط والعالم، على أساس قراري مجلس الأمن الدولي 242.338 ومبدأ الانسحاب مقابل السلام الذي ينبغي أن يوفر الأمن والاعتراف بإسرائيل واحترام الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
وتمكنت أمريكا من جمع الأطراف في مؤتمر مدريد للسلام رغم قناعتها بعدم نضج الظروف للحل النهائي، وأخرجت ذلك المشهد الاستعراضي من أجل أن ترسّخ تفردها بالموقف الدولي، ومن أجل أن تقطع الطريق على الدول الأوروبية لعدم التدخل في الشرق الأوسط. وقد كان واضحا أن أمريكا لم تستهدف نتائج عملية من مؤتمر مدريد.
وقال المحلل السياسي غازي فخري، عضو المجلس الوطني الفلسطيني، إن البعض الفلسطيني علق أملاً على اتفاق أوسلو وما قبله مدريد ونسوا مخططات العدو الصهيوني بانه لا يكتفي بالمساحة التي نهبها من فلسطين بـ48 وفي 64، ولكن كان يخطط للتوسع الصهيوني في الأرض العربية.
وأضاف في تصريحات لـ"مصرالعربية" أن إسرائيل حققت التوسع الأول على الأراضي من خلال عدوان 67 في الجولان وفي جنوب لبنان وفي الضفة الغربية من نهر الأردن، كما استولى على كل فلسطين.
ولفت إلى أن إسرائيل استطاعت عمل الشراك الخداعي بإيهام البعض من العرب بأن مؤتمر مدريرد سيكون هو طوق النجاه للجميع لإحلال السلام في المنطقة، وهذا لم يحدث لأن قادة الصهاينه منذ بن جوريون غير مؤمنين بذلك.
وأكد أن المؤتمر ما كان إلا لإجهاض الحل الفلسطيني وخداع، كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي في هذا الوقت أن محادثات السلام قد تستمر20 عاماً مقبلة فهم كانوا يريدون توصيل رسالة للعالم أنهم دعاة سلام والحقيقة أنها مجرد محطة لنزع روح الانتفاضة.
حالة انطلاقة
فيما قال الدكتور جهاد الحرازين، القيادي بحركة فتح الفلسطينية، إن مؤتمر مدريد للسلام والذي استضافته اسبانيا بمشاركة دولية وعربية كانت البداية الأولى لتشكل نقلة نوعية وخاصة أصبح هناك حالة من التحول الدولي المنكر للحقوق الفلسطينية والعربية إلى محاولة إيجاد حل عادل وشامل وهذا الشئ جاء وفقا للمتغيرات الإقليمية التي شهدتها المنطقة في تلك الفترة وخاصة حرب الخليج.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن مرحلة مؤتمر مدريد شكل حالة انطلاقة نحو تثبيت الحق الفلسطينى واعتراف من قبل الاحتلال بوجود القضية الفلسطينية رغم كل محاولاته للتنصل من هذا الأمر، إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذا المؤتمر ففتحت مجموعة من النوافذ والقنوات فى محاولة للوصول إلى اتفاق ينهى حالة الصراع القائم وصولاً إلى انطلاق اتفاقية أوسلو التى تم الاتفاق فيها على الاعتراف المتبادل وإعادة الأراضي الفلسطينية وإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية وإعادة القوات الفلسطينية إلى أرض الوطن والإفراج عن الأسرى والبدء ببناء مؤسسات السلطة الوطنية .
وأشار إلى أن القضية الفلسطينية مرت بعدة منعطفات وحققت على الأرض مجموعة كبيرة من الانجازات رغم صلف الاحتلال ومحاولات المماطلة والتسويف والتهرب من الالتزامات إلا أن الحق الفلسطيني أصبح أكثر وضوحا، وإقناعا للعالم فى ظل مرحلة قديمة كادت أن تغيب القضية عن الأذهان فكانت هناك الانتخابات التشريعية والرئاسية الأولى عام 1996 وعلى إثرها فاز الرئيس الشهيد ياسر عرفات بالرئاسة.
وأكد أن انتخاب مجلس تشريعي يقوم بالمهام الموكلة إليه كان ضمن أبرز المكتسبات، ومع ذلك ظلت حالة الاستمرار بالنضال الوطني والسياسي فكانت هبة النفق 1996 و ورغم محاولات التعطيل الإسرائيلية إلا أن الفلسطينيون حافظوا على إنجاز بنى وعمد بالدماء وصولاً إلى انتفاضة الأقصى عام 2000 ودخول المجرم شارون للمسجد الأقصى والبدء بتدمير مؤسسات السلطة وقصفها لتطور المواجهة مع الاحتلال وصولا لحصار الشهيد أبو عمار واستشهاده عام 2004.
مواجهة بلوماسية
ولفت إلى أنه كان هناك نقلة أخرى وهى انتخاب الرئيس محمود عباس أبو مازن عام 2005 والاتفاق على إجراء الانتخابات التشريعية 2006 التي فازت بها حركة حماس وفرض الحصار الدولي على الشعب الفلسطيني إلى أن أقدمت حماس على انقلابها بقطاع غزة عام 2007 وفشل كل محاولات المصالحة حتى يومنا هذا وما ترتب خلال تلك الفترة من حروب إسرائيلية شنت على قطاع غزة آخرها 2014 .
وتابع : بعد ذلك دخلت حالة من المواجهة مع الاحتلال شكلاً جديدا تتمثل بالمعركة الدبلوماسية وتنتصر القيادة الفلسطينية رغم كل حالات الابتزاز السياسي والمالي ويتم الحصول على عضوية الأمم المتحدة بصفة مراقب والانضمام لعدد كبير من الاتفاقيات الدولية وآخرها المحكمة الجنائية الدولية ورفع العلم الفلسطيني بالأمم المتحدة وموجة الاعترافات الدولية والبرلمانية بالدولة الفلسطينية ولا زالت المواجهة مستمرة وصولا إلى تحقيق الانتصار والحرية.