بعد معركة الموصل
خبراء: الحشد الشعبي يسعى لفتح معبر أرضي بين إيران وسوريا
حذر خبيران استراتيجيان من أن إعلان الحشد الشعبي (ميليشيات شيعية عراقية) على لسان ناطقه الرسمي أحمد الأسدي، اعتزامهم القتال في سوريا بعد الانتهاء من معركة الموصل (شمال)، يعد مؤشرا على سعي إيران للتمدد في المناطق السنية باستخدام ميليشيات الحشد الشعبي، وجعل مدينة تلعفر (غرب الموصل) نقطة ارتكاز لربط إيران عبر طريق أرضي بسوريا الأسد ومنه إلى البحر الأبيض المتوسط عبر لبنان.
وقال المتحدث باسم الحشد الشعبي أحمد الأسدي، في مؤتمر صحفي بالعاصمة العراقية بغداد، السبت الماضي، إن "الساحتين السورية والعراقية متداخلتان، ما يستدعي الذهاب إلى أي مكان يكون فيه تهديد للأمن القومي العراقي، وهذا سيكون من خلال التنسيق بين الحكومتين".
وفي هذا السياق، أوضح أنطوان بصبوص، مدير "مرصد الدول العربية"، في العاصمة الفرنسية باريس، إن "الحشد الشعبي صنع بأيدي عراقية بعد فتوى علي السيستاني (المرجع الشيعي الأعلى في العراق)، لكنه أفلت من هذه الأيدي، وجرى تأطيره من الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس بقيادة قاسم سليماني".
وأكد بصبوص، صاحب كتاب "التسونامي العربي" الصادر في 2011، للأناضول أن "الحشد الشعبي أصبح تابعا بالكامل لاستراتيجية إيران في المنطقة".
وأوضح أن "طهران، تسعى لوضع يدها على العراق وسوريا وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط عبر لبنان، لتشكيل الهلال الشيعي".
بصبوص، بيّن أن "تلعفر، محور رئيسي على طريق إيران سوريا، وهناك رغبة في ربط إيران عبر معبر أرضي بسوريا".
وتابع: "المعبر الأرضي عبر الأنبار (محافظة غربي العراق) مكسور، والمعبر الآخر عبر نينوى (شمال العراق) مكسور، ومنها تأتي أهمية تلعفر، في فتح هذا الطريق".
وفي هذا السياق أشار بصبوص، الخبير اللبناني المقيم في باريس، إلى أن الحشد الشعبي "التف على قرار منعه من المشاركة في معركة تحرير الموصل، وتوجه إلى جنوب المدينة، وينوي متابعة طريقه إلى تلعفر، ومنها إلى سوريا الأسد".
وأضاف أن مسلحي الحشد الشعبي "لديهم الرغبة والتنظيم والسلاح، ولا يوجد أحد يقف في وجههم بشكل ذكي، إذا أزلنا تنظيم داعش، غير المقبول".
من جانبه اعتبر أحمد يوسف، رئيس "مؤسسة معهد بيت الحكمة" الفلسطيني أن تحركات الحشد الشعبي باتجاه تلعفر، وإعلانه استعداده للتوجه للقتال في سوريا "كأنه توسع وتمدد لإيران في المنطقة السُنية؛ خاصة في العراق وسوريا".
وقال يوسف، "أي تحركات للحشد الشعبي (في المنطقة السنية) يعتبر تمددا للمحور الشيعي في المنطقة".
وأشار إلى أن اختيار الحشد الشعبي لتلعفر، على المحور الغربي لمعركة الموصل يهدف لجعلها "نقطة ارتكاز للتمدد الشيعي نحو سوريا".
وتابع "العالم السني لديه توجسات من تحركات وممارسات الحشد الشعبي".
وفي هذا الصدد لفت المحلل السياسي الفلسطيني إلى المواقف التركية المحذرة لأي تجازات للحشد الشعبي في الموصل.
وقال: "تحركات الحشد الشعبي في المنطقة دفعت تركيا لمتابعة ما يجري في الموصل، باعتبارها الطرف السني الوحيد القادر على رد أي تجاوزات للمليشيات الشيعية".
ولم يستبعد يوسف، ارتكاب الحشد الشعبي مزيدا من التجاوزات في حق المدنيين على غرار ما حدث مؤخرا في مدينة "الرطبة"، غربي العراق، والتي تم فيها تدمير مسجدين، وحرق منازل السكان واختطاف آخرين.
وتساءل: "ما يمنع الحشد الشعبي من ارتكاب مزيد من التجاوزات في تلعفر، على غرار ما فعله في الرطبة".
واعتبر أنه "من غير ضغط دولي قوي فلا شيء سيمنع الحشد الشعبي من ارتكاب مجازره في حق السنة".
وأشار في هذا الخصوص إلى "تصريحات العديد من قادة الحشد التي تنذر بارتكاب مجازر في تلعفر".
وذهب المحلل السياسي اللبناني أنطوان بصبوص، في نفس الاتجاه عندما قال "وكأنه لديهم (مسلحو الحشد الشعبي) رغبة في الانتقام".
وأضاف: "سوف يتابعون ارتكاب نفس الجرائم التي ارتكبوها في جرف الصخرة والفلوجة وتكريت وغيرها".
وأشار إلى أن "تلعفر، لم يبق فيها من أصل 350 ألف نسمة سوى 80 ألف فقط".
حيث فر عشرات الآلاف من سكان تلعفر، من المدينة عندما سيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي في 2014.