قنفودة.. بلدة تحتضر في صمت شرق ليبيا
تزداد معاناة المواطنين في قرية قنفودة الليبية يوما بعد يوم، بعد إحكام الحصار المفروض عليهم من الجيش الليبي بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الأمر الذي وصفته منظمات حقوقية بالمأساة التي تزيد من أوجاع المواطن الليبي في ظل تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية.
وتحاصر قوات حفتر منطقة قنفودة منذ يوليو 2014، بعد إعلان حفتر بداية تدخل عسكري أطلق عليه "عملية الكرامة" لاستئصال من وصفهم "بالإرهابيين".
وتعتبر منطقة قنفودة المطلة على الساحل الغربي لبنغازي من المناطق التي تقع فى نطاق سيطرة مجلس شورى ثوار بنغازي.
مناشدات حقوقية
وطالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قوات اللواء حفتر بالسماح للمدنيين من أي عمر أو جنس بمغادرة منطقة "قنفودة" (غرب بنغازي) التي تحاصرها.
لكن حفتر كان قد وضع شروطا لمغادرة قنفودة أبرزها عدم السماح بإجلاء أي ذكور تتراوح أعمارهم بين 15 و65 سنة، ووضع التحالف الإسلامي المسيطر على المنطقة شروطا لإجلاء المدنيين أيضا، الأمر الذي يزيد من معاناة المدنيين هناك.
نقص في الغذاء والدواء
وقالت المنظمة في تقرير لها إن المدنيين في قنفودة لا يحصلون على الطعام الطازج منذ عدة أشهر، وليست لديهم كهرباء، ويتوفر لهم طبيب واحد بإمكانات محدودة، ووثقت هيومن ووتش مقتل أفراد من ست عائلات في قصف جوي على منطقة قنفودة.
ونقلت المنظمة عن سكان محليين قولهم :"إن الجيش نفذ ضربات جوية وأطلق قذائف هاون على قنفودة، قتلت وأصابت عددا غير معروف من المدنيين، وأضرت بالبنية التحتية لبنغازي".
وأعرب مارتن كوبلر، المبعوث الدولي إلى ليبيا عن انزعاجه البالغ إزاء تقارير تفيد بأن المدنيين فى ضاحية قنفودة لا يزالون عالقين فى خط النار، ويعانون من نقص فى الماء والغذاء والدواء.
وأكد كوبلر في تصريحات صحفية أن حماية المدنيين تعد الأولوية القصوى لدى الأمم المتحدة، داعيًا إلى موقف إنسانى للسماح بوصول المساعدات والإمدادات الإنسانية إلى المحتاجين، وإيجاد ممر آمن لتمكين المدنيين الراغبين فى الرحيل بالقيام بذلك بأمان وعلى نحو يحفظ الكرامة.
الإرهاب هو السبب
بدوره قال الإعلامي الليبي عبد الباسط بن هامل- إن الجماعات المتشددة المنضوية تحت مجلس شورى ثوار بنغازي هى السبب في هذا الحصار، لافتا إلى أن الجيش الليبي يقوم بعمله لتحرير آخر جيوب داعش.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن هذه الجماعات المتشددة تقصف باستمرار مناطق مجاورة لبنغازي، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من المدنيين وتدمير الممتلكات، فضلاً عن الاعتقال التعسفي المهين للمواطنين.
وطالب بن هامل المنظمات الحقوقية إدانة ما تفعله الجماعات الإرهابية في قنفودة، وليس لوم قوات الجيش التي تقوم بعملها الوطني لتحرير البلاد من تلك الجماعات.
تعقيد الأزمة
فيما قال عبدالله كامل الباحث المتخصص بالشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الوضع الإنساني في قنفودة مأساوي وفقا لتقارير منظمة هيومن رايتس وتش، الأمر الذي سيزيد من تعقيد الأزمة الليبية.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن بهذا الحصار يستخدم طرفا الصراع المدنيين كدروع بشرية وهو محظور بموجب القانون الإنسانى الدولي، والتي تعتبر جرائم حرب تقع تحت الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية، وينبغى محاسبة مرتكبيها.
وعن دور المؤسسات الرسمية الليبة أكد عبدالله، أن حكومة الوفاق تفتقر للقوة التي تنهي بها مأساة قنفودة أو غيرها من المناطق التي تعاني بشكل عام، منوها إلى أن الحكومة كان لديها خطة إنقاذ في مناطق عديدة في ليبيا وليس قنفودة فقط لكن الفساد كان أحد معوقات استكمال هذه الخطة.
الفقر يزيد من التطرف
وأوضح أن الوضع الاقتصادي بشكل عام ربما يكون له دور كبير في تزايد التطرف، لافتاً إلى أن غالبية من لديهم أموال تركوا ليبيا، أما الباقين فهم ليس لهم حول ولا قوة، لذلك يتجهون للعنف كوسيلة أخيرة لضمان بقائهم.
وذكر تقرير البنك الدولي الأحد الماضي أن نسبة كبيرة من الليبيين باتوا على "شفا السقوط في براثن الفقر" بسبب انخفاض معدلات تصدير النفط وتدني أسعاره، إضافة إلى الأزمة السياسية والحرب في شرق البلاد ووسطها.
وأضاف أن ثلث سكان ليبيا البالغ تعدادهم نحو 6.3 ملايين نسمة يحتاجون لشكل ما من أشكال المساعدات الإنسانية.