بعد رفع الأسعار..
بالاعتقالات ومصادرة الصحف.. البشير يخمد "ربيع السودان"
يشهد السودان بوادر ربيع عربي إثر موجة من الاحتجاجات بسبب رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية وارتفاع أسعار الوقود، قوبلت من النظام السوداني بحملة اعتقالات شرسة، ومصادرة 3 صحف بالخرطوم، الأمر الذي قوبل بانتقادات لحكومة الخرطوم واتهامها بتكميم أفواه المعارضين لقراراتها.
ويبدو أن الحكومة السودانية قد قررت المضي في قراراتها مهما كانت قوة الاعتراض عليها وذلك بعدما وُضعت قوات الشرطة في ولاية الخرطوم على حالة الاستعداد القصوى (100%) تحسبا لأي طارئ.
وكان مجلس الوزراء السوداني اعتمد قرارات بنك السودان المركزي بتحرير سعر صرف الدولار لاستيراد الأدوية بنسبة 130%، وتحرير تحويلات المغتربين وتذاكر الطيران للشركات الأجنبية، وإعادة العمل بسياسة الحافز بدفع قيمة الدولار بالسعر الموازي 15.800 جنيها للدولار بدلا من سعره الرسمي 6.86 جنيهات للدولار عند شراء النقد الأجنبي.
رفع الدعم
واعتمدت زيادات في أسعار الكهرباء والوقود ليصبح سعر لتر البنزين للمستهلك بـ6.17 جنيهات (نحو دولار) بدلا عن 4.67 جنيهات بمعدل زيادة بلغت 1.5 جنيه لكل لتر وبنسبة زيادة بلغت 32%، أما لتر الجازولين فأصبح بـ4.11 جنيهات بدلا من 3.11 جنيهات بزيادة بلغت نسبتها 32%، في وقت صار سعر لتر الكيروسين 18.8 جنيهًا.
حملة اعتقالات
وبدأت السلطات بحملة اعتقالات للمعارضين على رأسهم رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض خالد عمر يوسف والمسؤول السياسي للحزب الشيوعي السوداني بالخرطوم مسعود محمد الحسن.
وانتقد حزب المؤتمر حملة الاعتقالات،ودعا في بيان له، السودانيين إلى النزول للشارع احتجاجا على زيادة أسعار المحروقات والكهرباء من أجل إحداث التغيير.
فيما أيدت أحزاب معارضة، على رأسهم بالطبع المؤتمر، حركة الإصلاح الآن، حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب الأمة القومي نزول السودانيين إلى الشارع لرفض السياسات الاقتصادية الجديدة للحكومة بعدما وجهت انتقادات لكافة المؤسسات الاقتصادية بالدولة.
مصادرة صحف
كما صادر جهاز الأمن السوداني أمس الأحد الأعداد الجديدة لثلاث صحف تصدر في الخرطوم من دون إبداء أية أسباب للخطوة، وفق القائمين عليها.
وشملت المصادرة -التي نفذها مندوبون للجهاز- صحف الجريدة والتيار والوطن، وذلك قبيل وصولها إلى منافذ البيع.
وفي بيان لها، قالت شبكة الصحفيين السودانيين إنها ظلت تتابع بقلق مواصلة جهاز الأمن "حملته الشرسة على الصحافة والصحفيين من أجل تكميم الأفواه وحجب المعلومات".
وعبرت عن رفضها لمصادرة الصحف، مطالبة جهاز الأمن باللجوء إلى القضاء في حال تضرره من أي نشر صحفي.
وتتعرض صحف الخرطوم من حين لآخر لمصادرة أعدادها قبل وصولها منافذ البيع دون أسباب، مما دفع جهات حقوقية للمطالبة بوقف هذه الإجراءات.
تبرير حكومي
وكان رئيس البلاد عمر البشير أكد خلال مخاطبته لدورة برلمانية سابقة أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية تجاه الصحف "ضروري لحماية المجتمع".
وقال البشير حينها إن الأجهزة تعمل على المحافظة على الدولة والمجتمع من خلال إجراءاتها والتي يعتبرها البعض الآخر اختراقا للحرية.
وسبق لجهاز الأمن أن صادر أعداد عشر صحف سياسية في يوليو الماضي. وعلق صدور أربع أخرى ثم سمح لها بالصدور لاحقا.
تكميم أفواه
بدوره قال الناشط السياسي السوداني محمد إدريس، إن ما تقوم به السلطات تكميم للأفواه لمنعهم من التعبير عن آرائهم، وهو حق كفله الدستور للمواطنين، لافتاً أن السياسات الاقتصادية التي يدار بها السودان هي السبب في جميع المشاكل الحياتية للمواطن السوداني.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن اتجاه الحكومة لرفع الدعم عن المواطن لن يأتي باستقرار للسودان المليئ بالأزمات والذي تترقب له قوى دولية وإقليمية لانتهاز الفرصة وتأجيج الصراعات التي يحاول النظام إخماد نارها.
ويعاني الاقتصاد السوداني من تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع التضخم منذ أن أصبح الجنوب دولة مستقلة في يوليو 2011 وأخذ معه 75% من عائدات إنتاج البلاد من النفط البالغ 470 ألف يوميا .
استغلال خارجي
فيما يرى الدكتور سيد حسين ـ مدير مركز عرب للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه من الممكن أن تكون تلك الاحتجاجات بداية الشرارة التي تطيح بالبشير الذي أحكم قبضته على السودان بشكل، حتما سيؤدي للانفجار.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن السودان بلد يتآمر على نفسه من خلال المكونات السياسية الداخلية التي تختلف في أيديولوجياتها، كما أن القوى الحزبية نفسها لديها أجندات وارتباطات خارجية تشكل خطر على السودان.
ولفت إلى أن نظام البشير يستغل الانقسامات السياسية التي أدت لتفتيت البلاد وانفصال الجنوب، لتمرير مثل هذه القرارات في توقيت صعب، من الممكن استغلال ذلك خارجيا على الرغم من أن السودان لايحتاج للاستغلال الخارجي لأنه بالطبع مستغل.